جينسفيل – تراجع القسّ الأميركي المغمور تيري جونز، الخميس الماضي عن مخططه بحرق مصاحف قرآنية في ذكرى اعتداءات “11 أيلول”، وزعم محاولا تغطية تراجعه بـ”انجاز” ما، أنه حصل مقابل عزوفه، على اتفاق حول نقل موقع بناء مركز نيويورك الإسلامي، ما نفته مصادر مقربة من إمام المركز، فيصل عبد الرؤوف. وبعد تحذيرات واسعة من تبعات مخطط حرق المصاحف في فلوريدا، اعلن جونز أنه تراجع عن نيته حرق المصاحف، وقال إنه سيسافر بدل ذلك إلى نيويورك للقاء إمام المركز الإسلامي، فيصل عبد الرؤوف، بعد تأكيده أنه حصل على تعهد من مسؤول في مركز إسلامي بفلوريدا، بنقل موقع مركز نيويورك، وقال جونز “إذا لم يتم نقل الموقع، فإن الإسلام لا يستحق الاحترام”.
وقال القس، وهو أسقف في كنيسة بروتستانتية في مدينة جينسفيل في فلوريدا تدعى “مركز الحمائم للتواصل العالمي” إن الإسلام “من عمل الشيطان”، واعتبر أن القرآن الكريم مسؤول عن هجمات “11 أيلول”.
وقد لقيت خطط كنيسة فلوريدا لحرق المصحف إدانات وانتقادات من عدة جهات في الولايات المتحدة ومن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والفاتيكان وفي مناطق أخرى من العالم، وحذر قادة عسكريون أميركيون من خطورة هذا العمل على سلامة أفراد الجيش الأميركي.
ومن جهتها انتقدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ما كان جونز يعتزم فعله، ووصفتها في مأدبة إفطار أقامتها لبعض الشخصيات الإسلامية بأنها “عمل شائن وغير جدير بالاحترام”. وقالت إن التزام الولايات المتحدة بالتعايش الديني يعود تاريخه إلى بداية نشأة الأمة الأميركية.
كما التقى عدد من ممثلي الديانات السماوية وزير العدل الأميركي إريك هولدر وطالبوه باتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من يعتدي على المسلمين، وعقدوا مؤتمرا صحفيا أكدوا فيه وقوفهم إلى جانب المسلمين. واعتبر هولدر في تصريحات عقب اللقاء أن خطط حرق نسخة من المصحف الشريف سيكون عملا “غبيا وخطيرا”.
وأوضح القس جونز في تصريحات لقناة “سي أن أن” أن كنيسته تدرك جيدا أن الخطوة ستكون هجومية خصوصا للمسلمين، معتبرا أن الرسالة موجهة إلى من وصفه بالعنصر الأصولي في الإسلام وليس للمعتدلين. وأضاف قائلا “أشعر بالأذى حين يحرقون العلم وحين يحرقون الإنجيل، ولكننا نشعر بأن الرسالة التي نحاول أن نرسلها أهم بكثير من شعور الناس بالأذى”. وكانت الخطة أثارت ردود فعل قوية في العالم وأعربت الولايات المتحدة عن خشيتها على أرواح جنودها في أفغانستان وكذلك عن تخوفها من تنامي الشعور المعادي للإسلام.
وردا على تصريحات القس جونز شبه إمام مسجد الإسلام في مدينة أتلانتا (ولاية جورجيا) بليمون الأمين ما يهدد جونز بفعله بما قام به النازيون، “إذ إن انطلاقتهم السياسية كانت بمسيرة لإحراق الكتب تطورت في وقت لاحق لتصل إلى إحراق البشر”. ودعا الأمين القس جونز إلى قراءة القرآن قبل إحراقه ليقرأ ما فيه عن عيسى وموسى والسيدة مريم (ع).
من جهته حذر القائد الأعلى للقوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) في أفغانستان الجنرال ديفد بترايوس من أن هذه الخطوة قد تعرض حياة قواته للخطر كما تهدد كل الجهود في أفغانستان.
كما أدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي أندرس فوغ راسموسن خطة إحراق نسخ من القرآن الكريم، وأكد أن ذلك سيزيد من حجم الخطر الذي تتعرض له قوات التحالف في أفغانستان.
وانضمت صحيفة الفاتيكان “أوسرفاتور رومانو” إلى منتقدي حملة “اليوم الدولي لحرق القرآن” الذي دعت إليه كنيسة في فلوريدا. وتحت عنوان “لا أحد يحرق القرآن”، أعربت الصحيفة في أحدث إصداراتها عن تخوفها من أن تفسح هذه الخطوة الطريق لإلحاق الأذى بشكل كبير بالأقليات المسيحية في الدول ذات الغالبية المسلمة.
استمرار الجدل بشأن المركز الإسلامي
في نيويورك في ذكرى ”١١ أيلول”
نيويورك – دعت عائلات لضحايا هجمات “١١ أيلول” إلى الهدنة بمناسبة هذه الذكرى السنوية بعد اشتداد الجدل حول تجمعات بشأن بناء مركز إسلامي في نيويورك خلال الذكرى. واعتبرت أنه “أمر غير مناسب ولا ينم عن احترام” الدعوة لتنظيم تجمعات معارضة في الذكرى بشأن بناء مركز ثقافي إسلامي على مقربة من موقع التجارة العالمي في نيويورك الذي استهدف في الهجمات.
وجاء ذلك بعد الإعلان عن إقامة تجمعات حاشدة السبت الماضي، مؤيدة ومعارضة لإقامة المركز ومسجد، بعد حفل تأبين للضحايا في الموقع الذي يعرف باسم “غراوند زيرو” وسط مانهاتن.
وقال بعض زعماء تجمع عائلات “١١ أيلول” في رسالة إلى منظمي التجمع “رغبتنا ببساطة هي المحافظة على “١١ أيلول” للتذكر والتأمل المناسبين”. وأضافوا “نحن لا نعتقد أنه يجب تنظيم احتجاجات حاشدة من هذا النوع في مثل هذا اليوم الجليل وعلى مقربة بهذا الشكل من غراوند زيرو”.
ويعود أصل الخلاف إلى مشروع بقيمة مائة مليون دولار أميركي لبناء مركز ثقافي إسلامي في مدينة نيويورك، الأمر الذي أثار معارضة كبيرة من السياسيين المحسوبين على التيار المحافظ الذين اعتبروا بناء المركز ضربة لمشاعر وأحاسيس ذوي الضحايا الذين سقطوا في تلك الهجمات.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أنه بعد مراسم التأبين الرسمية صباح السبت (مع صدور هذا العدد) يعتزم معارضو المركز بزعامة جماعة “أوقفوا أسلمة أميركا” التجمع قرب الموقع المقترح له.
وفي هذا الإطار قالت جماعة “آباء ١١ أيلول” وعائلات عناصر الإطفاء وضحايا مركز التجارة العالمي” إن “كثيرا من عائلات “١١ أيلول” لا توافق على محاولة وقف هذه المظاهرة، وغالبية جماعتنا تؤيد أهداف ومبادئ هذا التجمع الحاشد”. وأضافت “بالنسبة لكثير من أفراد العائلات جعل الجدال الدائر بشأن المسجد من الذكرى السنوية القادمة للحادي عشر من سبتمبر مناسبة أكثر إثارة للغضب والانزعاج”. وتابعت “في 11 أيلول والعالم يركز أنظاره على “غراوند زيرو” تريد العائلات أن تتمكن من رفع صوتها لتقول للعالم إن هذا خطأ”. وذكرت تقارير صحفية أنه من المقرر أن يكون من بين المتحدثين في الاحتجاج المناهض للمركز الإسلامي السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون والنائب الهولندي كيرت فيلدرز الذي يرأس حزب الحرية اليميني المناهض للهجرة في هولندا.
وفي المقابل يخطط مركز العمل الدولي الذي يرأسه وزير العدل الأميركي الأسبق رامزي كلارك تنظيم مسيرة منافسة “لمناهضة العنصرية والتعصب المعادي للإسلام”. ونقل عن كلارك قوله “أصحاب الشجاعة والرحمة ودعاة السلام سيرغبون في أن يقام مركز إسلامي قرب موقع مركز التجارة العالمي، فباستطاعتنا معا أن نتغلب على العنف والكراهية إذا تواصلنا معا واتحدنا”. لكن زعماء أكثر من 55 مسجدا ومنظمة إسلامية في نيويورك أعلنوا تأييدهم طلب بعض جماعات “١١ أيلول” عدم تنظيم تجمعات حاشدة السبت، مشيرين إلى أنهم سيركزون بدلا من ذلك على الصلاة. ويؤيد الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس بلدية نيويورك مايكل بلومبرغ حق المسلمين في بناء المركز. وفي المقابل تشير استطلاعات الرأي إلى أن 60 بالمئة على الأقل من الأميركيين يعارضون المشروع.
Leave a Reply