بمناسبة عيد الفطر المبارك السعيد أتقدم من القراء الأعزاء ومن الجالية الكريمة والأمة العربية والإسلامية بأحر التهاني سائلاً المولى عز وجل أن يعيده عليكم جميعاً بالخير واليمن والبركات والسؤدد. أما في لبنان، فنتمنى نهاية رحلة القلق الوطني والسوء السياسي والموت المجاني بحوادث السيرالمروعة التي تحصد الأبرياء على الطرقات الفالتة والمتفلتة من أي نظام أو قانون عصري (وآخر هذه الحوادث مقتل ٦ أشخاص وجرح ١٩على طريق الجية في الهزيع الأخيرمن شهر رمضان المبارك)، بسبب غياب الدولة التي لم تعد تنفع المواطن ولا تضره، كأصنام الجاهلية، لأنها فشلت في إمتحان الخدمات حتى الأساسية منها مثل الماء والكهرباء والطبابة والتعليم المجاني الإلزامي فانتشرت أمراض العيون (في مناطق الحرمان التقليدي عموماً) إضافةً إلى الأوبئة السياسية والمواقف الحزبية الموتورة.
“شبه الوطن” لا يقعد عاقل بل يلفت الأنظار دائماً بمشاكله التي لا تنتهي حتى في أيام الشهرالمبارك وكأن هذا البلد منذور للخراب أو آكل “صيبة عين” كبيرة. الحدث الذي سمي “مدوياً” هذا الأسبوع، كان بلا منازع من نصيب سعد الحريري الذي إعترف (أخيراً) بارتكاب “أخطاء”، مشيراً إلى أن “اتهامنا سوريا باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري كان اتهاماً سياسياً، وهذا الاتهام السياسي انتهى”، ومتطرقاً للمرة الأولى إلى موضوع شهود الزور الذين اعترف بوجودهم بهذا الأسلوب، إذ أكد أن “هناك أشخاصاً ضللوا التحقيق، وهؤلاء ألحقوا الأذى بسوريا ولبنان، وألحقوا الأذى بنا كعائلة”. كلام الحريري جاء بعد يومٍ واحدٍ من “حفلة السكاكين” التي رفع فيها سقف هجومه رداً على كلام السيد حسن نصرالله الملمح إلى تصرف رئيس الحكومة المذهبي المنحاز بعد “حادثة برج ابي حيدر”، فنفى معرفة حمل السكين بل حمل القلم والكتاب، رغم أن هذا الفضل ينسب إلى والده المرحوم ولم يعرف عنه أنه أكمل هذه المسيرة من بعده في أجواء الفتنة المذهبية. وبعد هذا الطعن السياسي جاء “غصن الزيتون” الحريري لكنه نزل كالصاعقة على أوساط تيار “المستقبل”، نواباً وكوادر وإعلاميين وقاعدة شعبية، كما ذكرت جريدة “الأخبار”. وهكذا، ما إن سن فريق “الدنيا هيك” سكاكينه وخناجره السياسية والمذهبية لمجاراة معلمه في تصعيد الموقف من سلاح المقاومة وطلب نزع السلاح من بيروت التي لم تعد “صافية” عرقياً، حتى فجر الحريري قنبلته فأصبحوا منزوعي السلاح الكلامي وصب الماء البارد على رؤوسهم الحامية. مساكين هؤلاء، كل مرة يسحب من تحتهم البساط، مما أصاب “ثوار الأرز” بالإعياء والدوار فكان مثلهم كمثل فراشة تدور حول السراج إلى أن تقع في ناره!
موقف سعد الذي تطرقنا إليه في العدد الماضي، رغم أهميته، ليس كافياً خصوصاً إذا كان مستشاروه العباقرة أوحوا به إليه لضرب عصفورين بحجر واحد:
١- “رفع العتب” بعد إنكشاف دور “شهود الزور” وفضحهم خصوصاً بعد جهود مضنية من قبل اللواء جميل السيد والمعارضة السابقة، لكي يوحي أنه لا يتهاون مع التضليل وأنه مع الحقيقة مهما كانت مرة.
٢- تبرئة سوريا من أجل التفرغ لدعم “القرار الظني” المكتوب سلفاً ضد المقاومة على أساس القبول بالحقيقة بعد التخلص من فضيحة شهود الزور وأيضاً الإيقاع بين سوريا والمقاومة على طريقة “شوفو رفضنا الإتهام السياسي ضد سوريا لكن كيف نرفض الإتهام الجنائي الصادرعن المحكمة التي طهرت نفسها من أدران الكاذبين”؟
فور صدور إعتذار الحريري الذي كان بمثابة “ورقة نعوة” لصغار “١٤ آذار”، جاء الرد من… سمير جعجع الذي يعشق العدالة والحقيقة للجميع طبعاً ما عدا الرئيس رشيد كرامي وطوني فرنجيه ودوري شمعون والعقيد كنعان وإلياس الزايك وإيلي حبيقة… وغيرهم من المغدورين على يديه. والمؤسف أن تيار الحريري يسمح له بالتقيؤ بأن “الجهة المخولة بتوصيف شهود الزور هي المحكمة الدولية التي لا يشوب عملها ثغرة”! بل كيف يسمح له بالتشدق بأنه “من أصحاب الدم” والرئيس الشهيد نفسه أودعه السجن ورمى المفتاح ولم يعرف عنه أنه سعى لحظة واحدة لإطلاق سراحه حتى ولو “تعفن” في الحبس. هنا تبرز جدية إعتذار سعد، فهل سيترك “حليفه” الصنديد يناقضه ويشاغب في اللعبة السياسية الداخلية؟ أم أنها عملية توزيع أدوارمن جديد؟
لكن حتى سمير جعجع يعتبر “معتدلاً” قياساً على “الصاعد” الجديد في دنيا الفاشية اللبنانية: النعنوع سامي الجميل. سوسو هذا أدلى بدلوه حول الحرب الأهلية التي بدأت وكان مقمطاً بالسرير فلم يعرف عن المجلس الحربي الكتائبي ولم ير كيف إرتكب عمه المجازر بحق الشعب اللبناني والفلسطيني والجيش اللبناني وطرد حتى أبيه “مستر ٢٠ بالمئة”، وكاد يقتله وذبح مليشيا حليفه وراعيه كميل شمعون وهم في مغاطسهم في الصفرا، وبنى امبراطورية مافيوية في المنطقة الشرقية عمادها الخوات والقتل. لوعرف هذا “النعوم” ذلك لما قال أن السكين كانت موضوعة على رقبة الذين خلفوه مبرراً التسلح من إسرائيل. ولو قرأ التاريخ جيداً لعلم أن حزب عائلته الموبوء لم يتعامل مع إسرائيل خلال الحرب الأهلية فقط، بل بعد نشوء الكيان بسنتين وكانت القومية الفاشية الفينيقية الكيانية أكبر ناصر للصهيونية. ما علينا فهذا ليس بطارىء على هذا الحزب الذي تسبب بالحرب الأهلية لكن المستهجن هو هذه الدولة الكسولة التي تترك أطفال السياسة يجهرون بالخيانة والعمالة من دون حساب. لكن السوابق لا تشجع على المحاسبة في الوطن السائب، فهذه التي كانت طاهية شارون المفضلة تصبح “نائبة” للشعب ثم يرثها ابنها من زوجها الذي نصبته الدبابات الإسرائيلية رئيساً في ليلة ظلماء. هؤلاء هم اصدقاء سعد الذي يجب أن تكون دعوته في العمرة “اللهم احمني من اصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيلٌ بهم” آمين.
Leave a Reply