ما الذي تستطيع فعله عندما تقسو الحياة عليك، وتجد نفسك صغيرا أمام هذا الكون الكبير الطاغي والقدر القاسي؟ هذه الحياة.. ما كنهها، ما سرها؟ ولماذا جئنا إليها؟ وإذا كنت أنا ما جناه أبي، فلماذا ارتبكت الجناية، ليس مرة واحدة، ولكن لمرات، فكنت سببا لمجيء آخرين، ليتألموا ويذوقوا العذاب المر في هذه الحياة الدنيا.
إنني أشعر بأنني على حافة الجنون. شعور خانق جاثم على صدري. أبكي وأبكي وحدي. أصوم وأصلي وأدعو الله عز وجل أن يخفف عني وأساله: يا رب ما معنى هذه الحياة الخالية من الحياة؟ لماذا الألم والحزن والعذاب والمشاكل والكوارث والحروب والفساد والحب والبغض والكره؟ لماذا خلقت الإنسان، المخلوق الضعيف ليحمل كل المصائب ويواجه المصاعب والختام ماذا يكون؟ الموت ولا شك أن ما بعد الموت أعظم وأدهى.. لماذا يا رب؟ لماذا..
من ترك وطنه.. نادم، لقناعته أنه خسر وطنه وأرضه وتراثه ودخل في متاهة الغربة القاسية. ومن بقي في وطنه نادم لأنه لم يهاجر ويغادر بلده. من يملك الصحة لا يملك المال، ومن يملك المال لا يملك الصحة. من عنده أولاد مش راضي ومن هو محروم من الأولاد يندب حظه ويعيش في كرب مقيم. كذلك المتزوجون.. البعض منهم يظن أنهم وحدهم التعساء في الأرض والعازبون أيضا أغلبهم يعتقدون أن العزوبية هي البؤس.
إلى متى يا رب هذا العذاب؟ متى سينتهي عذابي في هذه الدنيا.. متى؟ متى سأدرك النهاية فلا أرى أحدا من أولادي يدخل دائرة عذاب الحياة التي أعاني منها. يا رب.. أنا أشكرك لأنك منحتني القوة على الصبر والاحتمال والخضوع للعذاب، لكن لا أستطيع أن أرى أحدا من اولادي يعاني من مصاعب وعذابات هذه الدنيا. لا أستطيع يا رب فارحمني واشفق علي ولا تزد مرارة الحياة في حلقي وأنا أرى الابن الذكي والشاطر والمتفوق يخسر مستقبله ودراسته لأن أمه ولدت فقيرة وعاشت فقيرة وسوف تموت كذلك أيضا.
يا رب هذا الولد أعرضه للبيع، للتبني، لأي شخص، لأي مؤسسة، لأي إنسان يستطيع مساعدته ليتم تعليمه. هو في السنة الجامعية الرابعة. نجح في كل امتحاناته بتفوق وهو قاب قوسين من التخرج والتخصص، لكن مشكلة الأقساط الجامعية تثقل كاهله. تجعلني أشعر أنني ضئيلة وضعيفة وعاجزة عن مد يد العون لابني. يا رب.. من لي غيرك لأبثه عذابي وشقائي في هذه الدنيا.
Leave a Reply