ديربورن – خاص “صدى الوطن”
تزايدت في السنوات القليلة الماضية عمليات النصب المالي التي تقودها وتنفذها عصابات تستخدم “الواجهة النيجيرية” للإيقاع بمواطنين وسرقة أموالهم، عبر وسائل احتيال ذكية أدت في حالات كثيرة الى وقوع ضحايا لم يدروا أنهم يتعاطون مع مجرمي تزوير الا بعد فوات الأوان.
أحد نماذج هذه الجرائم الاحتيالية التي ينفذها أصحابها عبر البريد تتمثل في هذه الواقعة التي رواها أحد المواطنين في مدينة ديربورن لـ”صدى الوطن”.
ماذا جاء في هذه الواقعة؟
تلقت العائلة رسالة بريدية تحوي على “شيك” بقيمة 3980 دولارا مدفوعة لأمر رب المنزل من قبل شركة “كوسكو” ومن حساب الشركة العام لدى “بنك أوف أميركا” مرفق برسالة تشرح حيثيات فوزه بجائزة قدرها 125 الف دولار أميركي بعدما تم إجراء سحب بالقرعة على نصف مليون اسم من المستهلكين الذين يتسوقون لدى مخازن كبرى مثل “كوسكو” و”وول مارت” و”جاي سي بيني” و”كاي مارت” وغيرها. وذلك ضمن برنامج “بونانزا” لهذا العام وبأن سحب القرعة جرى في 20 آب (أغسطس) الماضي.
وتطلب الرسالة من الفائز ايداع الشيك في حسابه المصرفي وبعد ذلك الاتصال على رقم هاتفي مع “وكيله الخاص” في البرنامج لإرشاده الى كيفية ارسال 2980 دولار من أصل المبلغ الى وكيل ضريبي مخصص له ليقوم بتسديدها نيابة عنه الى الجهات الحكومية المختصة.
ويشرح المواطن كيف أنه حاول الاستفسار عن تلك الجهة الضريبية ولماذا عليه أن يتعامل معها عوضا عن التصريح عن الجائزة لدى تعبئة أوراق ضربية الدخل السنوية المعتادة. لكن الشخص على الطرف الآخر أبدى امتعاضا من “قلة فهم” الفائز طالبا منه فقط اتباع ارشاداته من أجل الحصول على بقية الجائزة (121.000 دولار) فور ارساله “الضريبة” الى الوكيل المعتمد له.
مدفوعا بشكوك حول صدقية العملية برمتها قام المواطن بالاتصال بمخازن “كوسكو” في مدينة ليفونيا وطلب التحدث الى مدير المخزن. فكان له ما أراد، وشرح مضمون الرسالة وقصة الشيك المصرفي، فلم يكن من المدير الا أن حذره فورا من مغبة التجاوب مع الرسالة قائلا انها عملية احتيال، وبأن شركة “كوسكو” لا تمنح “جوائز مالية” بهذا الحجم بل قسائم لا تتعدى قيمة الواحدة منها عشرات الدولارات!
في اليوم التالي وبعد تيقنه من “ضرب” الاحتيال الذي كان مستهدفا به قام المواطن بالاتصال بوكيل الجائزة، على الرقم الموجود على الرسالة وأوهمه أنه أودع الشيك في حسابه طالبا منه اسم الوكيل الضريبي لارسال المبلغ اليه، فطلب منه وكيل الجائزة أن يسجل اسما وعنوانا (في المملكة المتحدة) وطلب اليه أن يذهب إلى أقرب فرع لشركة “وسترن يونيون” ويرسل حوالة مالية الى “الوكيل الضريبي” منبها اياه أن يبقى الأمر سريا “لكي لا يسرق آخرون رقم بطاقته الرابحة” وأخبره بأن بقية المبلغ سوف ترسل اليه في اليوم التالي بواسطة “فدرال اكسبرس” طالبا منه البقاء في المنزل عند الساعة 11 صباحا لإبراز ايصال الحوالة المالية من “وسترن يونيون” مع بطاقة هويته قبل تسليمه حوالة نقدية بقيمة 121 ألف دولار!
بدا واضحا لدى المواطن أن الطرف الذي يقوم بعملية الاحتيال يريد ضمان عدم “تعرض” المواطن لأي نصيحة تنبهه الى زيف هذه العملية برمتها. ولما قرر المواطن أن يصدم الوكيل قال له: لكن لدي سؤال واحد لك. أجابه ما هو سؤالك؟ فقال: “لقد اتصلت بشركة “كوسكو” ونفت علمها بهذا النوع من الجوائز القيمة”، فكان رد فعل “الوكيل” المحتال: ماذا تقصد؟ أجابه: “أقصد أن الشيك مزور وأنك شخص محتال”، ولم يكمل “صدمته” له حتى قام باقفال الخط بوجهه.
يقول المواطن إنه حمل الشيك والرسالة في اليوم التالي الى مدير فرع ليفونيا في شركة “كوسكو” الذي أكد له أن الشيك مزور واستنسخه مع الرسالة، مقدما له الشكر ومقدرا تنبهه الذي انقذه من عملية احتيال كانت ستكلفه حوالي 3000 دولار.
ويوضح المواطن لـ”صدى الوطن” أن لهجة الوكيل الموهوم الإفريقية (النيجيرية) و”العنوان الضريبي”الذي زوده به (لندن-بريطانيا) والتحذير من التحدث عن الجائزة قبل استلامها، كلها أمور أدخلت الشك في نفسه وجعلته يجري الاتصال بشركة “كوسكو” ويكتشف حقيقة عملية الاحتيال التي كانت تستهدفه.
و”صدى الوطن” اذ تنشر هذه الحادثة تتوخى تنبيه القراء وتحذيرهم من هذه الأساليب الاحتيالية، التي تتخذ عددا من أشكال التواصل (بريد عادي، رسائل الكترونية وغيرها) ويظهر أصحابها قدرا كبيرا من الحرفية في التزوير وايهام الضحايا ودغدغة أحلامهم بالحصول على مبالغ كبيرة من الأموال على طبق من فضة، علما بأن بعض الأشخاص في الجالية العربية وقعوا فعلا في شراكها ودفعوا من مدخراتهم لهؤلاء المحتالين مبالغ تراوحت بين مئات وآلاف الدولارات.
Leave a Reply