مع اقتراب يوم الثاني من تشرين ثاني (نوفمبر)، موعد الانتخابات العامة التي ستجري في عموم أنحاء الولايات المتحدة، وتقرر نتائجها مسائل جوهرية في السياسيتين الداخلية والخارجية لهذه البلاد، يجد العرب الأميركيون أنفسهم مرة أخرى أمام امتحان المشاركة السياسية وترجمتها عبر الانخراط في العملية الانتخابية اقتراعا ودعما لمرشحين قريبين منهم ومتعاطفين مع قضاياهم.
فهذه الانتخابات التي تُعرف بـ”الانتخابات النصفية” من شأن نتائجها أن ترسم خطوطا جديدة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وعلى ضوء تكنهات مبينة على استطلاعات للرأي بأن حزب الرئيس أوباما قد يخسر الأغلبية التي يتمتع بها في مجلسي الكونغرس لصالح ليس فقط، الحزب الجمهوري بل لشرائح من هذا الحزب تنضوي تحت النشاط السياسي المسمى “حفلات الشاي” وهي شرائح موغلة في تزمتها وتقف على يمين الحزب الجمهوري.
وغني عن القول أن المشاركة العربية الأميركية في هذه العملية الانتخابية من شأنها أن تحدث الفارق في أماكن الكثافة السكانية العربية، التي تمثل ولاية ميشيغن أكبرها في الولايات المتحدة.
واذ تشهد هذه الولاية سباقا محموما على منصب حاكمية الولاية بين المرشح الديمقراطي فيرج بيرنيرو ومنافسه الجمهوري ريك سنايدر يتطلع المرشح الديمقراطي الى الدعم العربي الأميركي منطلقا من سجل يظهر قربه الى الجاليات العربية والمسلمة في هذه الولاية، ومن مواقف صريحة عن نيته تعزيز التمثيل العربي الأميركي في إدارة الحاكمية إذا فاز بالمنصب. وأظهر المرشح بيرنيرو انفتاحا لا لبس فيه على المجتمع العربي الأميركي، وقام بسلسلة لقاءات مع فعاليات عربية أميركية في إطار حملته الانتخابية التي يتولى نيابة رئاستها عربي أميركي.
ويُنظر الى معركة حاكمية ولاية ميشيغن كواحدة من المعارك التي تستقطب اهتماما على الصعيد الوطني الأميركي، ومؤشر الى الاتجاه الذي تسلكه البلاد على الصعد الاقتصادية والاجتماعية فضلا عن توجهات السياسة الخارجية.
وتكتسي معركة حاكمية ولاية ميشيغن مزيدا من الأهمية على ضوء الأوضاع الاقتصادية المتردية التي تعيشها هذه الولاية التي كانت حتى الماضي القريب القلب النابض لصناعة السيارات الأميركية، والتي مثلت العصب الرئيسي لاقتصاديات الولاية على مدى عقود غابرة.
ونحن في “صدى الوطن” نود أن نتوجه الى أهلنا في الجاليات العربية الأميركية، بنداء وتمنٍّ حارّين لكي يكونوا على مستوى المسؤولية ويبرهنوا أنهم شريحة غير مهملة في صنع السياسات بمختلف أوجهها. وهذه المهمة التي ترتدي ثوب الواجب وتنطلق من حق مدني فائق الأهمية هو حقنا في التصويت، يجب أن تُؤدى بإحساس تام بخطورة ترك الساحةللآخرين لكي يقرروا عنا يوم الانتخاب، اذا ابتعدنا عن ممارسة واجبنا الانتخابي، أو تلكأنا في الاقبال على صناديق الاقتراع.
نحن ندرك أن الأغلبية الغالبة من العرب الأميركيين تبدي اهتماما كبيرا بمتابعة الأحداث والتطورات في البلدان العربية التي هاجرنا منها. وليس في هذا الأمر عيب أبدا، لكن العيب اذا لم ندرك أن تخلفنا عن المشاركة السياسية في هذه البلاد التي ارتضيناها مكانا لنا ولأجيالنا من بعدنا، لظروف مختلفة، لا يخدم أية قضية من قضايانا العربية، وأن مشاركتنا وانخراطنا في الشأنين السياسي والانتخابي في هذه البلاد التي لاتزال المؤثر الأول في مجرى الأحداث العالمية، هو ما ينفع قضايانا ويكسبها الاحترام لدى الرأي العام الأميركي ولدى المسؤولين المنتخبين.
وإننا في “صدى الوطن” وانطلاقا من المسؤولية الاعلامية التي نحملها نتوجه الى أهلنا بالنداء بأن يجعلوا من يوم 2 تشرين الثاني (نوفمبر) القادم يوم رسالة الى كل من يعنيهم الشأن الانتخابي في هذه الولاية وفي عموم الولايات الأخرى، إننا لسنا أرقاما مهملة في حساباتهم خصوصا أن معظم السباقات الانتخابية وعلى المستويات كافة سوف تقرر نتائجها مجموعات ناخبة صغيرة ومتكتلة نظرا للانقسام الحاد في أوساط الرأي العام الأميركي حول العديد من القضايا الداخلية المتصلة بالاصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والتعامل مع ذيول الأزمة المالية التي لاتزال نعيش تداعياتها.
وتطلب “صدى الوطن” من القراء الأعزاء ومن الجاليات العربية عموما أن يمنحوا دعمهم بالتصويت أولا، وبالدعم المادي الممكن ثانيا، وبالتطوع ثالثا، لصالح المرشح الديمقراطي لحاكمية الولاية فيرج بيرنيرو ابن المهاجرين الايطاليين اللذين تشبه تجربتهما تجربة كل بيت عربي أميركي، منذ أن وطأت أقدامهما “أرض الأحلام” وعملا في توزيع الخبز على المطاعم والمتاجر، ولم يمتلكا الامكانات اللغوية أو المادية، ثم فتحا أمام ابنائهما وبناتهما آفاق الحلم الأميركي، وها هو ابن هذه العائلة الايطالية المهاجرة يصبو الى أعلى منصب في الولاية بفضل المثابرة والعمل الجاد.
وتنطلق “صدى الوطن” أيضا في دعوتها لدعم المرشح بيرنيرو لمنصب حاكمية ميشيغن من تجربتنا مع الحزب الجمهوري وسياساته وشعاراته، وهو الحزب الذي يحاول تصوير مساجدنا وأماكن تجمعاتنا وأحيائنا بأنها بؤر مناصرة لـ “الإرهاب”.
لذا فإن دعمنا للمرشح الديمقراطي سيشكل ردا حضاريا قويا على تلك الدعاوى الزائفة التي تحاول تشويه صورتنا في هذه البلاد، فضلا عن إظهار وعينا المدني والحقوقي كمواطنين لا تقل مواطنيتنا شأنا عن مثيلاتها لدى جاليات اثنية أخرى.
الثاني من نوفمبر موعد لكل الأميركيين لكي يحاسبوا ممثليهم أو يكافئوهم. فلنكن جزءا من هذه العملية الديمقراطية وفي قلبها لا على هامشها، ولنا في تجاوبكم أمل نرجو ألا يخيب.
Leave a Reply