احتفلت الجمعية الخيرية اليمنية الأميركية (يابا) الأسبوع الماضي بعيدها السنوي الـ41، وهذا يعني نظرياً ان النشاط الاجتماعي والخيري والتطوعي بدأ قبل أربعة عقود من الزمن. وإذا كنت لا أعرف كيف كان حال الجالية اليمنية وقتها (والجاليات العربية الأخرى) لإنني لم أكن قد خلقت بعد، إلا أن الصحيح والواضح وضوح الشمس أن حال هذه الجالية ليس في أحسن أحواله.
فالاحتفال السنوي الـ41 لـ “يابا” لم يكن على مايرام، ولم يكن على المستوى المطلوب واللائق بجالية تعتبر من أقدم الجاليات العربية في هذه المنطقة، ولكنها تسير بخطى السلحفاة، مقارنة بالجاليات الأخرى، علماً أنه يمكن لها الاستفادة من جميع الفرص والإمكانات المتاحة، في بلد مايزال يعتبر أرض الفرص والأحلام.
وكان القائمون والمسؤولون في الجمعية قد أرسلوا لي رسالة بريدية شكراً على تغطيتي حفلهم الكريم، وللأمانة فقد كانت الرسالة بمنتهى اللطافة والدفء واللياقة، لكنني لم أستطع منع نفسي من كتابة هذه الكلمات، من باب العتب والغيرة والحب، وليس من باب النقد أو التجريح أو التشفي.
والسبب وراء ذلك، أنه لدى الجالية اليمنية استحقاقات وتحديات مهمة لا يجوز إهمالها أو التغاضي عنها أو التقليل من خطورتها. وكنا خلال الأيام القليلة الماضية قد سمعنا وقرأنا عبر وسائل الإعلام عن اتهام يمنيين مقيمين في الولايات المتحدة بالإرهاب (وهما أحمد الصوفي وحزام المريسي) ناهيك عن قضية النيجري فاروق عبدالمطلب وقصة تجنيده من قبل اليمني الأميركي أيمن العولقي.
وأضعف الإيمان.. المطلوب والمتوقع من الأشقاء اليمنيين هو الاستفادة من حفلهم السنوي، الذي يحضره شخصيات رسمية وحكومية ومرشحون لمختلف المناصب، وتصدير صورة تعكس صفات الشخصية اليمنية وعراقتها وأخلاقياتها الرجولية، بدل الفوضى والركاكة والأخطاء..
لم يتحدث أحد عن مشاكل الجالية اليمنية الحقيقية، ولم يلمح أحد إلى محاولات تنميط اليمنيين بصور معينة، سلبية في الغالب. ولا نستطيع هاهنا أن نلوم الشاب، عريف الحفل، القليل الخبرة، على عثراته، إذا كانت المتحدثة الرئيسية رشيدة طليب، قد آثرت أن تتكلم معظم الوقت عن تجربتها الشخصية والمصاعب التي مرت بها، ومرورها مرور الكرام على الأزمات العاصفة والنقاشات المنتشرة في طول البلاد وعرضها، والتي بلغت أوجها في الذكرى التاسعة لأحداث الحادي عشر من أيلول!
وكان وصول طليب إلى المجلس النيابي في ولاية ميشيغن، وحصولها على لقب أول امرأة مسلمة تحتل هذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة، حدثاً تاريخياً بلا شك، ولكنها بدت وكأنها خارج التاريخ وهي تتجاهل الجدل الدائر حول الإسلام والمسلمين في البلاد، وفي الوقت نفسه، بدت الجالية اليمنية التي تحتفل بالعيد الـ41 بكل رمزيته التاريخية، مجموعة بشرية خارج التاريخ هي الأخرى.
وباستذكار النقاشات المستفضية التي كانت دائرة حول تشكيل لجنة بهدف تنظيم شؤون الجالية اليمنية في الشهور الماضية، والانقسامات التي أحدثتها، والتحالفات التي أنتجتها، والاتهامات التي تبادلها الجميع ضد الجميع.. نستغرب انشغال الكثيرين بسفاسف الأمور وإعراضهم عن المسائل الجدية التي تصوغ مستقبل هذه الجالية ومستقبل أبنائها..
ثمة امتحان واستحقاق أمام اليمنيين في هذه البلاد، اليمنيين جميعهم مثقفين وشيوخ ووجوه عشائر وناشطين ومواطنين. استحقاق.. لو يدركونه!
Leave a Reply