منذ أن نقل الإمام علي كرم الله وجهه، خلافته الراشدة إلى الكوفة واستشهاده فيها، ومن بعده ولده الإمام الحسين في موقعة كربلاء المأساوية، قربانا لعمق الإيمان وصدق الولاء للثورة على الاستبداد، صارت أرض العراق ساحة لسياسة شيعة آل البيت (ع). مع لمسة حزن تراجيدية، هزت ضمائر العراقيين، ومضت بهم في مسيرة ثورية لمقارعة حكومات الاستبداد طوال التاريخ الإسلامي.
وصار تاريخهم صفحات متراكمة من الدم والقهر. وفي مرات قليلة قامت الدول المنصفة للشيعة في العراق. ومن بينها هذه الدولة الجديدة اليوم، دولة المحاصصات، لتتناسب المكاسب مع نسبة الـ 65 بالمئة للشيعة من تعداد السكان. لذا كان منصب رئاسة مجلس الوزراء، الأهم في الحكومة من حصتهم.
والحكومة العراقية في دولة غير مؤسساتية مثل العراق، تعني التحكم بمصادر المال والسلطة-القوة. ولكل هذه المكاسب مغرياتها وغواياتها الشيطانية، ولا ينجو منها، في غياب الرقابة والقانون، الا من رحم ربي.
السلطة هي امتحان الثوار والأتقياء، وفضّاحة عيوبهم الخفية.
كل السفن تمخر عباب البحر المعصوف. البعض يغرق والآخر يصل. إن الله سبحانه يسخر الأسباب للبحارة الحازمين، وللربان الماهر، بخرائطه الواضحة وآلات الرصد الدقيقة لديه. وصولا الى الموانئ، حيث النجاة والربح والراحة والمسرات.
فهل نال العراقيون الشيعة مادة مباهج الوصول؟
من الواضح ان مكاسب الشيعة في العراق، ليست سوى “خدعة بصرية”. ومثلما يلعب بخداع البصر شطّار ألعاب الخفة السحرية. خدع السياسيون والدجالون الدينيون الدنيويون والوصوليون والمنافقون والطفيليون الحاكمون جمهورهم الشيعي في العراق.. وأنفسهم بالتالي. فالذين يخادعون الله ورسوله وشيعه آل بيته، إنما يخدعون أنفسهم، لهم في الآخرة عذاب شديد. آمين!
في الماضي القريب، اشتهر في الريف العراقي والمدن المتخلفة، المحتالون باعة الليرات الذهبية المزيفة. يبيعون قطعا من المعدن الرخيص مطلية بالذهب الحقيقي الذي يذهب بالأبصار.. الغشيمة، فيدفعون مدخراتهم العزيزة، في غمرة فرح بالغ بالغنيمة اللقطة.
القادة الربابنة الشيعة، يكشفون لجمهورهم (الأرقام المليونية) لزوار العتبات المقدسة في كربلاء والنجف، التي كانت ممنوعة!، ولا يكشفون لهم الأرقام المليونية لأرصدة حرامية السلطة الموزعة في بنوك العالم. ولا يكشفون لهم الأرقام المليونية لأيتام الشيعة المشردين والأرامل الفقيرات، ولا يكشفون الأرقام المليونية للمهجرين قهرا منهم والعاطلين والمعاقين.. والمجانين (!!).
ولكن ما الذي حدث لينحدر المسار السياسي الشيعي التاريخي في العراق، إلى هذا المنحدر المؤسف؟
أولا لقبول المتصدين الآن، للدخول منذ “مؤتمر لندن”، في لعبة “الفوضى الخلاقة” التي اعلنها جهارا نهارا الشريك القوي في التغيير. والتي الحقت بالتالي الفوضى في النسق التنظيمي والفكري للحركات الثورية الشيعية، وأحرقت أوراقها أمام جمهورها، ووصمتها، مكرا، بألف عار.
ولقد قبل البعض راضيا بـ”العار مقابل الدولار”، والبعض المخلص الصادق في السلطة، قضى نحبه أو ينتظر مخرجا من هذه المتاهة.
الربابنة السياسيون الذين وحدتهم قائمة “الشمعة” في أول مسرحية انتخابية لتدشين كراسي السلطة الديمقراطية، صار كل منهم يدعي أنه “الفرقة الناجية” وسواه الطامع بمغانم كرسي رئاسة الوزراء، فتعطل الحكم والخدمات شهورا طويلة. فهل الشمعة تحترق.. لتضيء ليل المحرومين أم دهاليز الحرامية؟
في أدبيات ظهور الإمام المهدي (ع) الشيعية، إفادة بأنه قبل اليوم الموعود، بقليل يظهر السفياني والدجال وكذابو الشيعة، الذين يظهرون حب آل البيت (ع) ويبطنون حبهم لأنفسهم الأنانية المنافقة.
وإن اليوم الموعود سيبدأ بمقبرة جماعية، للمتاجرة بالدين، تجار الدم والمال الحرام وآلام المؤمنين والمستضعين. فهل ضجة صراع الربابنة وهجوم القراصنة هذه، من علامات الظهور؟!
Leave a Reply