ديربورن – خاص “صدى الوطن”
مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في ولاية ميشيغن في ٢ تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل كان واضحاً أن الأمور تسير إلى طريق مسدود بين العرب الأميركيين ومرشحي الحزب الجمهوري لكافة المناصب التشريعية والتنفيذية في الولاية مع استثناءات قليلة.
ولم يخرج عن هذا السياق، اللقاء الذي جمع المرشح الجمهوري لمنصب المدعي العام في ولاية ميشيغن بيل شوتي وفعاليات الجالية العربية، مساء الجمعة الماضي، في النادي اللبناني الأميركي في ديربورن، لدرجة دفعت أحد الحاضرين إلى وصف شوتي بأنه الشخص الذي “جاء ليكحلها فعماها” فيما وصفه آخر بأنه يمثل “العنجهية الجمهورية المطمئنة للفوز”. فرغم البداية المشجعة والودية التي ابداها شوتي في كلمته إلا أنه مع فتح باب النقاش انقلب المرشح الجمهوري من شخص جاء بعقلية منفتحة ومستعد للنقاش، الى مرشح متبجح وواثق بالفوز وغير آبه ببناء علاقات تقوم على الاحترام المتبادل مع الجالية.
اللقاء بدأ بكلمة لـ شريف مقاطعة أوكلاند مايكل بوشارد الذي أشار في سياق تقديمه للمرشح بيل شوتي إلى فعاليات الجالية العربية، إلى أهمية منصب المدعي العام في الولاية (والذي هو بمثابة وزير عدل، يتم انتخابه مباشرة من المواطنين في الولاية). ووصف بوشارد ذلك المنصب بالحيوي والهام لما له من دور كبير في استتباب الأمن ومسألة “السلامة العامة”، وانعكاسات ذلك على الحياة المدنية والاقتصادية والاجتماعية في الولاية.
ونوّه بوشارد، الذي يعتبر من الأصدقاء الجمهوريين القلائل للجالية، إلى أن شوتي يصلح بجدارة لشغل ذلك المنصب نظراً للاحترام والموثوقية اللذين يحظى بهما لدى شرائح شعبية ورسمية كبيرة، ولما يتمتع به من خبرة كبيرة في الشؤون القانونية والإدارية، وهي خبرة أحرزها عبر شغله لمناصب “عضو مجلس شيوخ ولاية ميشيغن”، و”قاضي محكمة الاستئناف في الولاية”، و”عضو في مجلس النواب الأميركي عن ميشيغن” (في عهد الرئيس رونالد ريغان).
واستهل شوتي حديثه إلى فعاليات الجالية العربية بلهجة إيجابية وودية، وقال “إنه لم يأت لمقابلة قيادات الجالية العربية وفعالياتها وفي جعبته أجندة معينة، وإنما جاء بقصد الحوار وتبادل وجهات النظر، وبناء أفضل العلاقات مع الجالية”.
وبعدها، قدّم المرشح الجمهوري نبذة شخصية وعائلية، بهدف تعريف الجالية العربية على نفسه وخلفيته العائلية، واصفا عائلته بـ”السعيدة” وزوجته “بالمتفهمة في بناء عائلة تتكون من صبي وبنت، والناجحة في مهنتها كمعلمة في إحدى المدارس الحكومية”.
وتحدث شوتي عن خبرته المهنية، قائلاً “خلال 16 عاما من العمل في الشأنين العام والقضائي تراكمت لدي الخبرة الضرورية لإدارة هذا المنصب (منصب المدعي العام في الولاية)، وسوف أنجح وسوف أدير هذا المنصب بكل نجاح مقدما الخدمة لمجتمعي وولايتي بخصائص مميزة ومثالية”.
وعن برنامجه الانتخابي الذي يأتي في صلب أولوياته مسألة “السلامة العامة” معتبراً إياها نقطة التحول في حال أراد الناخبون تغيير الوضع وإصلاحه في الولاية. وأضاف “إن مهمتي الأولى هي أن أحمي الدستور، وأن أطبق العدالة. فإذا كنتم راضين عما حدث لميشيغن خلال السنوات الثماني الماضية فأنا لست مرشحكم، أما إذا مستاؤون مما يجري وتتطلعون إلى التغيير فأنا بالتأكيد سأكون طريقكم إلى التغيير المنشود”.
ورغم أن المرشح شوتي وصف نفسه أكثر من مرة “بأنه غير متبجح” إلا أن الكثيرين ممن حضروا اللقاء خرجوا غير موافقين على ذلك.
وقد بدأت الأمور بالتدهور بعد انتهاء شوتي من حديثه، عندما فُتح المجال لطرح بعض الأسئلة.. التي أثارت في مجملها حفيظة المرشح الجمهوري. ففي سؤال عن موقفه ورأيه في “قانون أريزونا للهجرة”، والذي يروّج من قبل بعض المحافظين لتمريره في ولاية ميشيغن، قال شوتي أنه يدعم ذلك القانون الذي يتيح لرجال الشرطة في الولاية (شرطة الولاية وشرطة المدن) سؤال المواطنين عن شرعية إقامتهم في البلاد. وأضاف “إنه ليس باستطاعة رجال الهجرة أن يقوموا بأداء واجباتهم المطلوبة منهم، بسبب طول الحدود الأميركية مع جيرانها، وبالتالي لا بد من إشراك قوات الأمن الداخلية في أداء تلك المهمة، لأن الهجرة غير الشرعية تضر بالمصلحة الوطنية الأميركية”.
وفي ما يخص “قانون الرعاية الصحية” قال شوتي إنه سيحارب ضد تطبيق ذلك القانون، ووصفه بالقانون غير العادل، والذي سيكلف “الدولة” الكثير من الأموال والأعباء، فضلاً عن إجبار جميع المواطنين على شراء بوليصات التأمين الصحي هو أمر غير شرعي وغير دستوري ويتعارض مع الحريات الشخصية التي كفلها الدستور الأميركي.
وفي سؤال عن شكل العلاقة المستقبلية بين المرشح شوتي والجالية العربية في حال فوزه بالانتخاب ضد المرشح الديمقراطي، مدعي عام مقاطعة جينيسي، دايفيد لايتون، ووصوله لذلك المنصب، وفي ما اذا كان في نيته “توظيف” أشخاص مؤهلين من العرب الأميركيين ليكونوا صلة الوصل بينه وبين الجالية، (كما هو الأمر الحاصل الآن مع المدعي العام مايك كوكس الذي قام بتعيين ثلاثة موظفين من العرب الأميركيين لتسهيل العلاقة بينه وبين العرب الأميركيين)، قال شوتي إنه “سيسعى في حال نجاحه إلى تخفيض الطواقم الإدارية وأعداد الموظفين في العموم، وأنا لا أعدكم بذلك، وإذا وعدكم أحد غيري فهو يكذب عليكم”.
وانتهى اللقاء بشكل بدا وكأن الجميع غير راض عنه، بمن في ذلك المرشح بيل شوتي نفسه، الذي ظهر وكأنه غير قادر على التحكم بنفسه وبأدائه الذي يصح فيه وصف أحدهم بأن “عدواني وغير مبرر”.
وكانت مداخلة ناشر “صدى الوطن”، الزميل أسامة السبلاني، قد خففت كثيراً من الأجواء المشحونة والمتوترة، عندما أعاد الترحيب بالمرشح الجمهوري في أوساط الجالية العربية رغم الاختلاف الكبير بين المواقف ووجهات النظر. وحمّل السبلاني مرشحي الحزب الجمهوري مسؤولية توتير الأجواء مع الأوساط العربية والمهاجرة في العموم، وقال “لقد آن الأوان أن تفهموا أن هذه مجتمعات مهاجرة ولديها مخاوفها وهذه المخاوف ليست وليدة عقد الاضطهاد بل هي مخاوف مبررة ومشروعة، وهي مستمرة بمناسبة وغير مناسبة، وفقط منذ أيام رأينا كيف أن المرشحة الجمهورية شارون أنغل في ولاية نيفادا وقد وصفت مدينة ديربورن بأنها مدينة غير خاضعة للدستور الأميركي وبأنها محكومة بالشريعة الإسلامية”.
وأضاف السبلاني “أنتم الجمهوريون عليكم استحقاق، أكثر من غيركم، أن تقتربوا أكثر من المجتمعات المهاجرة التي ساهمت في بناء هذا لبلد وفي نهضته، وأن تتفهموا مشاكله وأزماته”.
Leave a Reply