ثمة أفكار غير قابلة للنمو والتطوير برغم جمالها وطرافتها. أفكار تأتي ولا تذهب، وتطلع للواحد في كل مكان، تنغص عليه يومه، ولكنها تبقى كما هي، مجرد أفكار صغيرة، لا راحت ولا جاءت. أفكار.. قد تصلح أن تكون مشاريع لمقالات هجائية لاذعة، أو قصائد حب هيمانة، أو خواطر مسلية تبعث على البهجة. ولكنها ويا للأسف مثل الحجر الذي بلا وجه، الحجر الذي يحيّر المعمرجي ويدوخه، يقلبه عشرين مرة فلا ينجح باستخدامه فيضعه جانباً. بعد فترة يجد المعمرجي ذلك الحجر ثانية فيحاول استخدامه، ويفشل ثانية، ويضعه جانبا مرة أخرى، وهكذا..
وعندي الكثير من الأفكار، من رؤوس الأقلام، والتي غالباً ما أدونها في أواخر الليل، على أمل أن أشتغل عليها فيما بعد، ولكن تفوتني الفكرة. تنطفئ الشرارة، وتموت الكهرباء. أحاول استخدامها، فلا تعجبني فأضعها على جنب، ثم تقع بين يدي مصادفة، بين أوراق مبعثرة، فلا “يسخى” قلبي عليها باتلافها أو رميها في سلة الزبالة.
وللتخلص من بعضها قررت أن أوردها هاهنا، كما هي:
– لا أنخاب. لا ندامى. وحيداً.. يتجرّع المرء السم!
– الليل تفسده أشياء صغيرة جداً. ضجة الجيران أو آلام الروماتيزم أو الخواطر البعيدة الحزينة. الليل الذي يمكن إصلاحه بحبة إسبرين صغيرة.
– أفضّل الأفكار المجرثمة على الأفكار المعقمة، فجدوى الأفكار أن تنتقل وتنتشر كالجائحة، وتثير الألم.
– يصعب التخلص منك، حتى باستعمال مسحوق الغسيل.
– الورود نضرة، المزهرية ذابلة.
– أنا بخير.. اطمئني، لا شيء يستطيع أذيتي إلا.. الحب!
– أريد أن أعشق امرأة مصرية، لتقول لي: وحشتني!
– بجهاز تقويم الأسنان هذا، تريدين أن تأكلي، أو تضحكي بالطريقة الصحيحة؟
– تنزع عدساتها اللاصقة، كمن يسمل عينيه، وتشعر بحرقة.. ألا تكون صاحبة عيون خضر.
– ماكينة الخياطة.. قطار الأرملة الذي يهدر طوال النهار وهو واقف في المحطة. وحده الخيط يسافر، يهبط أودية ويصعد هضاباً.. ويغيب في الأصقاع.
– المرآة جحيم البيت، أو هي الأثاث الوحيد الضروري، وكل ما تبقى.. مجرد تفاصيل.
– صورها في حفلة عرسها هي الأجمل على الإطلاق، ولذلك لم يكن لديها أية فرصة أخرى سوى أن تقوم بقصقصتها، وإرسالها.. له. طبعاً بعد سنوات كافية لجعل الحب مجرد تجاعيد.
– أفكر بك طوال الوقت. واليوم، منذ الصباح.. حضرّت نفسي وتحممت ولبست قميصاً أزرق، ثم ذهبت إليك مشياً على الأقدام. لكنني وجدت نفسي على الباب أقول: كنت ماراً من هنا، وقلت في نفسي.. أطل عليك.
– كلما فكّرت بديربورن، بدت لي نظرية “هجرة الأدمغة العربية” مجرد نكتة بايخة.
– لتحويل اللغة العربية من لغة الضاد إلى لغة الحاء، لأن حرف الحاء أحلى وأسهل.. فضلاً عن أنه لا يوجد في أية لغة أخرى. الأمر مستحيل.. أنا أعرف ذلك.
– أبونا الذي غالباً نحيف.. ومولانا الشيخ الذي غالباً مكرش..
وهكذا.. وهكذا. ويبقى الكثير.
Leave a Reply