ديترويت – خاص “صدى الوطن”
بعد عامين من هزيمتهم أمام الديمقراطيين بقيادة الرئيس باراك أوباما ذاق الجمهوريون الثلاثاء الماضي طعم النصر بعد يوم انتخابي طويل كان عنوانه “الغضب من سياسات أوباما”.
وقد شملت الانتخابات النصفية التي تجري في منتصف الولاية الرئاسية 435 مقعدا في مجلس النواب و37 مقعدا في مجلس الشيوخ و37 حاكما من اصل خمسين تمكن الجمهوريون من الفوز بمعظمها.
وقد انتزع الخصوم الجمهوريون للرئيس باراك اوباما الاغلبية في مجلس النواب، ما ينذر بعرقلة “إصلاحات” الرئيس الذي نجح حلفاؤه الديمقراطيون مع ذلك في الاحتفاظ بالسيطرة على مجلس الشيوخ رغم خسارتهم لستة مقاعد على الأقل من أصل ١٩ مقعدا حاولوا الحفاظ عليها.
وحقق الجمهوريون فوزا تاريخيا بانتزاعهم ٦٠ مقعدا على الاقل في مجلس النواب، حسب التقديرات الاولية، اي اكثر بكثير من 39 مقعدا كانوا يحتاجون اليها ليصبحوا اغلبية من جديد. ولم تعلن حتى صدور هذا العدد نتائج الانتخابات في ١٠ دوائر نيابية.
وبنتائج انتخابات مجلس النواب، سيجبر الجمهوريون الذين عارضوا باستمرار برنامج اوباما للاصلاح في السنتين الاخيرتين، الرئيس على وضع ملفات الطاقة والتغيرات المناخية والهجرة والتعليم جانبا، ومن دون تسويات مع الجمهوريين لن يكتب لهذه المشاريع النجاح.
وفي مجلس الشيوخ تمت الانتخابات على ٣٧ مقعدا (١٩ للديمقراطيين و١٨ للجمهوريين) وتمكن الجمهوريون من سلب أخصامهم ستة مقاعد فيما لا تزال ولاية ألاسكا تنتظر فرز الأصوات بالكامل بسب وجود ثلاثة مرشحين إحداهم كانت مرشحة بـ”الإضافة الإسمية”، ما يستدعي التدقيق في قوائم الاقتراع. وكان يفترض ان يحصل الجمهوريون على عشرة مقاعد اضافية لانتزاع الاغلبية من الديمقراطيين. لكنهم اخفقوا في تحقيق هذا الهدف بسبب انتصارات كبيرة حققها الديمقراطيون في فرجينيا الغربية (شرق) بفضل جو مانشين وفي كاليفورنيا (غرب) وخصوصا في نيفادا حيث تمكن زعيم الاغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ المنتهية ولايته هاري ريد من الاحتفاظ بمقعده.
وتمكن ريد من الفوز بفارق طفيف على منافسته الجمهورية التي تنتمي الى الحركة المحافظة المتشددة “حفلة الشاي” شارون انغل. وكشف الاقتراع ميلا كبيرا للناخبين الى اليمين وخصوصا داخل الحزب الجمهوري نفسه الذي فاز اثنان من التيار المتشدد فيه، بمقعدين في مجلس الشيوخ (كنتاكي وفلوريدا).
من جهة اخرى، لن تضم التركيبة الجديدة لمجلس الشيوخ اي نائب اسود.
وقد واجه الديمقراطيون هزيمة رمزية بخسارتهم مقعد اوباما في مجلس الشيوخ في ولاية ايلينوي (شمال) الذي فاز به الجمهوري مارك كيرك.
وكان يفترض ان يؤمن هذا المقعد الذي غادره اوباما قبل عامين اثر انتخابه رئيسا للبلاد، فوزا سهلا للديمقراطيين الذين لم يهزموا في اي انتخابات لمجلس الشيوخ في ايلينوي في العقود الاربعة الماضية.
لكن الديمقراطيين فازوا في المقابل في كاليفورنيا حيث انتخب جيري براون حاكما لاغنى الولايات الاميركية واكثرها اكتظاظا بالسكان.
وفاز براون على منافسته الجمهورية سيدة الاعمال الثرية ميغ ويتمان التي كانت مديرة موقع “إي باي” بحصوله على 49 بالمئة من الاصوات مقابل 46 بالمئة.
وقد خسر الديمقراطيون مقاعدهم في ولايات نورث داكوتا، إلينوي، أوهايو، بنسلفانيا، ميسوري، وإنديانا.
ومع اعلان النتائج الاولية، دعا النائب الجمهوري جون باينر الذي سيصبح على الارجح رئيسا لمجلس النواب “نأمل ان يحترم الرئيس اوباما ارادة الشعب ويغير توجهاته ويتعهد تحقيق التغييرات التي يريدها الاميركيون”.
من جهته، اعلن البيت الابيض ان اوباما اكد للقادة الجمهوريين انه يأمل في التوصل الى ارضية للتفاهم معهم بعد فوزهم (تفاصيل صفحة ١٣).
وقال البيت الابيض في بيان ان اوباما اتصل بـ باينر وميتش ماكونيل زعيم الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ واكد لهما انه ينتظر بفارغ الصبر العمل معهما ومع الجمهوريين “للتوصل الى ارضية تفاهم ودفع البلاد قدما”. ويفترض ان ينتخب باينر (60 عاما) في كانون الثاني (يناير) رئيسا لمجلس النواب خلفا للديمقراطية نانسي بيلوسي التي دافعت بشراسة عن برنامج اوباما. وقد شغلت بيلوسي منصب رئيس مجلس النواب اربع سنوات.
ويستعد الجمهوريون لتقديم جدول أعمال يتضمن خفضا حادا في الإنفاق وإلغاء إصلاحات أوباما، إلا أنهم سيواجهون صعوبة في التغلب على حق النقض الذي يتمتع به الرئيس بشأن القوانين.
كما يلوح في الأفق صدام بشأن عجز الميزانية الذي وصل العام الماضي إلى نحو 9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ويذكر ان الحزب الجمهوري فاز بأكثر من 500 مقعد من مقاعد الكونغرس في الولايات على الأقل، وسيطروا تماما على مجالس نواب ولايات مثل ألاباما وإنديانا وآيوا وماين وكارولينا الشمالية وميشيغن.
وفي سباقات الحاكمية الـ٣٧ التي أقيمت الثلاثاء الماضي لم يختلف الأمر كثيراً على الجمهوريون اذ تمكنوا من حصد ١٢ ولاية كانت في حوزة الديمقراطيين وهي ماين، بنسلفانيا، أوهايو، ميشيغن، تينيسي، فلوريدا، أوكلاهوما، ويسكونسن، أيوا، كنساس، ويومنغ، ونيومكسيكو،
وتمكن الديمقراطيون من سلب الجمهوريين خمس حاكميات هي هاواي، فيرمونت، كونيتيكت، مينيسوتا، وكاليفورنيا حيث فاز جيري براون ليحل مكان الجمهوري آرنولد شوارتنيغر.
وفي كاليفورنيا ايضا، رفض الناخبون في استفتاء تشريع استهلاك وتجارة حشيشة الكيف. وقد رفض 57 بالمئة من الناخبين (مقابل 43 بالمئة) اعتبار استهلاك وتجارة حشيشة الكيف قانوني، في الاستفتاء على “الاقتراح 19”.
المال السياسي
وفي إطار تمويل الانتخابات النصفية التي أقيمت الثلاثاء الماضي والتي تعتبر الأغلى في تاريخ أميركا، نشرت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأميركية تقريرا يفيد بأن الميزانية الضخمة والمفتوحة التي استخدمها الحزب الجمهوري -المعروف شعبيا بالحزب الكبير العتيق- قد ساعدت في تقدمه في سباقات انتخابية عديدة.
لكن الديمقراطيين انتبهوا لهذه المسألة وينوون اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة هذه السياسة في الانتخابات الوطنية القادمة عام 2012، بعد أن ساهم المال في قلب الموازين في حملة انتخابات 2010 النصفية.
وتقول الصحيفة إنه في العادة لا يمكن للمال أن يحسم صراعا انتخابيا بمفرده، ولكن في ظل الوضع السائد والتذمر الذي يسود أوساط الجماهير من التدهور الاقتصادي، يمكن للمال أن يلعب لصالح حزب أو مرشح ما، لذلك فإن الجمهوريين هذا العام يمكنهم أن يحققوا نتائج غير متوقعة، وأن ينجحوا في أماكن كانت تعتبر عصية عليهم.
ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة الحملات الدعائية للانتخابات النصفية لهذا العام أربعة مليارات دولار، بينما بلغت تكاليف الحملات الدعائية للانتخابات النصفية الماضية 2,8 مليار دولار.
ويرجع المراقبون سبب التدفق المالي على الحملات الانتخابية إلى قرار المحكمة العليا القاضي بأن الشركات والنقابات تتمتع بحرية التعبير عن الرأي، وبالتالي فإن لها الحق في المساهمة المفتوحة للتأثير في الانتخابات لصالح من تريده.
كما حث الحكم الشركات الغنية والكبيرة، التي تميل للجمهوريين أصلا، على التبرع السخي لهيئات أميركية مثل غرفة التجارة التي تعرف بالنشاط السياسي على الأرض.
وتنسب الصحيفة إلى ديمقراطيين قولهم إنهم تنبهوا للعبة ضخ مبالغ ضخمة بصورة مفاجئة في الحملات الانتخابية، وسيتخذون اللازم بهذا الخصوص في المرة القادمة.
وتقول “لوس أنجلوس تايمز” إن بعض أعضاء الكونغرس الأميركي بدأوا يتخوفون من المستقبل بعد أن طغت ظاهرة الأغنياء الذين يتبرعون بالمال السياسي.
Leave a Reply