سيندي كوري: في اليوم الذي قتلت فيه راشيل صارت معركتها معركتنا
ديربورن – خاص “صدى الوطن”
غنّى أكثر من 500 شخص “سنة حلوة يا جميل” لـسيدني كوري (أم الناشطة الأميركية راشيل كوري) في عيد ميلاد الـ63 الذي صادف مساء يوم الجمعة الماضي، موعد الحفل الذي أقيم بالاشتراك بين “فريق السلام في ميشيغن” (أم بي تي) و”المكتب الثقافي الفلسطيني”، في صالة غرينفيلد مانور في ديربورن، والذي جاء تحت عنوان “العدالة الدائمة”، والاحتفاء بحياة ادوارد سعيد وراشيل كوري وأعمالهما”.
وتم في الحفل إقامة مزاد علني صامت لشراء 168 من المعروضات، تعددت بين اللوحات والمشغولات والمجمسات والأدوات والأعمال اليدوية الأخرى، قدمها فنانون ومتطوعون ومؤيدون ومناصرون، ترواحت أسعارها الأولى بين 10 وحتى 525 دولاراً، وذهب ريع المبيعات لحساب “فريق السلام في ميشيغن”.
ورحب رئيس مكتب فلسطين حسن نعواش بالحضور، ووصف “فريق السلام في ميشيغن” بالمنظمة التوأم لمكتب فلسطين، وعبر عن فخره واعتزازه بالعلاقات الطيبة مع جميع الجهات التي تعمل على تكريس قيم العدالة والسلام في منطقة الشرق الأوسط، وخاطب النشطاء والقادة في حركات السلام، بالقول “من دونكم لن يكون باستطاعتنا دحض وإنهاء ثقافة التمييز والكراهية وسياسات الفصل العنصري”.
ورحب عريفا الاحتفال سهام جعفر ووورن ديفيد بالحضور وشكرا الجهات والمؤسسات الداعمة، وتناوبا على التعريف بالمشاركين وتقديمهم عبر فقرات الحفل الخطابي.
وشكرت غريس سعيد، شقيقة المفكر والبروفيسور ادوارد سعيد منظمي الحفل على “احتفالهم” بمسيرة سعيد واستلهام أعماله، وقالت “إن الاحتفال بادوارد وراشيل في وقت واحد هو فكرة صائبة، فكلاهما قدم الكثير للفلسطينيين وكل بطريقته”. وأضافت “إن أدوارد تأثر كثيراً بما قامت راشيل وبطريقة استشهادها ووصف بما قامت به بالأعمال البطولية”.
وشددت سعيد أنه من الضروري أن تظل مفرادت القضية الفلسطينية حاضرة في حياة الأميركيين وفي أحاديثهم واهتماماتهم وانشغالهم اليومية، منوهة بأن مثل هذا الخطاب كان الشغل اليومي للمفكر ادوارد سعيد، ومشجعة في الوقت نفسه الأميركيين على مقاطعة البضائع ومنتجات الشركات الداعمة لإسرائيل حتى انتهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وفي استذكارها لشقيقها الراحل (عام 2003) ذكرت سعيد المصاعب التي واجهها المفكر الفلسطيني الأصل من قبل ماكينات الدعاية الصهيونية بسبب إيمان ادوارد بقضية فلسطين وبعدالتها، من دون أن يثنيه ذلك عن إنجاز الأعمال الثقافية والبحثية الهائلة والتي أحدثت علامة فارقة في الثقافة الأميركية وفي مؤسساتها الأكاديمية، إضافة إلى ما أحدثته من إطلاق موجات كبيرة من الجدل والحوار حول الأعمال الفكرية والنقدية التي أنجزها، والتي لا تزال تأثيراتها متواصلة، وسوف تبقى كذلك لسنوات طويلة في المستقبل. وذكرت في هذا الإطار كتب “الاستشراق” و”الثقافة والامبريالية” و”صور المثقف” وغيرها.
ونوهت سعيد إلى أن شقيقها كان من أوائل المتحدثين عن معنى وعمق ما قامت راشيل كوري، وعن عملها البطولي في الذهاب إلى رفح والمشاركة مع نشطاء آخرين في حركات السلام، لحماية بيوت وأطفال وحقول المزارعين من البلدوزرات الإسرائيلية التي كانت تقوم بعمليات وحملات تهديم وتجريف ممنهجة لتفريغ المنطقة من سكانها الأصليين بدعوى إقامة الجدار العازل.
وتحدثت سيدني كوري، أم الناشطة راشيل كوري، بدورها عن نبل ومغزى ما قامت به ابنتها، بنت الـ23 عاماً، وقالت “في اليوم الذي قتلت فيه راشيل، أصبحت معركتها معركتنا في العائلة”.
وتحدثت كوري الأم عن ابنتها وعن الظروف التي دفعتها إلى السفر إلى فلسطين، واستذكرت عدداً من الرسائل البريدية التي كانت راشيل ترسلها إلى والديها وتتحدث فيها عن يومياتها واصفة حجم الترهيب الذي يقوم به الإسرائيليون على الفلسطينين المدنيين، وعارضة صوراً من محاولات الإذلال اليومية التي تحاول النيل من كرامة السكان وعائلاتهم وأطفالهم. وقالت “لقد أصبحت تلك الرسائل البريدية.. مشهورة ومعروفة ويتناقلها الملايين في العالم. لقد صارت تلك الرسائل مصدر إلهام للكثيرين حول العالم”.
ونوهت كوري التي ارتدت زياً شعبياً فلسطينياً مطرزاً برسوم ونقوش تراثية، بأنها وأفراد عائلتها أقاموا دعوة قضائية ضد الجيش الإسرائيلي، وقالت “إن الإسرائيليين يحاولون استغلال المحكمة عبر البحث عن طرق متعددة لتبرئة الجيش الإسرائيلي بدعوى أنها قتلت عن طريق الخطأ، في حين يسود اعتقاد أقرب إلى الحقيقة في العالم كله أن راشيل قتلت بشكل مقصود”.
وأضافت “إن فريق التحقيق في الجريمة لم يدخل إلى كابينة سائق البلدوزر الذي دهس راشيل، الى حين الاستماع إلى شهادة الشهود في المحكمة، وهذه إشارات إضافية من أدلة كثيرة تثبت أن الإسرائيليين غير جادين في إحقاق العدالة فيما يتعلق بهذه الحادثة”.
وذكرت كوري أن المترجم الذي كان يقوم بالترجمة الفورية في جلسات المحكمة لم يعرف الكلمة العبرية المرادفة لكلمة “الاحتلال” وهو الأمر الذي اثار ضحكات الحاضرين في المحكمة.
وأشادت كوري بحجم الداعمين والمساندين لها في متابعة جلسات المحاكمة والذين يتجمعون حولها في كل مرة تعقد فيها المحكمة إحدى جلساتها في مدينة حيفا، ومشيرة إلى أن الجلسة القادمة ستكون في 22 كانون الأول (ديسمبر)، وللمزيد من المعلومات حول تلك المحاكمة، يمكن زيارة الموقع الإلكتروني: rachelcorriefoundation.org/trail
وأنهت كوري كلمتها بتشجيع النشطاء في حركات السلام على متابعة نشاطاتهم بالرغم من أن “الوقت سيء، ولكن يبقى ثمة أمل على الدوام” داعية إلى استلهام تراث الراحلين الكبيرين ادوارد سعيد وابنتها راشيل كوري “لأن كل كلمة مهما كانت صغيرة، وكل عمل مهما كان صغيراً، هو خطوة مؤثرة تساهم في صياغة الحلول والقرارات الكبيرة”.
Leave a Reply