ديربورن – خاص “صدى الوطن”
بدعوة من “اتحاد الطلاب المسلمين” في كلية “هنري فورد”، وأمام حشد من الطلاب والإداريين والمدرّسين ورئيسة كلية “هنري فورد” الدكتورة غايل مي، تحدث ناشر صحيفة “صدى الوطن” الزميل أسامة السبلاني، عن دور الإعلام الإثني في الولايات المتحدة الأميركية، من خلال تجربة صحيفة “صدى الوطن” كنموذج إعلامي يعتبر من أكبر وأقدم المطبوعات العربية في البلاد، هي التي ابتدأت مسيرتها الصحافية في العام 1984.
وابتدأ السبلاني كلمته بالتشديد على “أننا بحاجة ماسة لإطلاق حوار ونقاش حقيقين، حوار لا يكمم الأنفاس ولا يخنق الحناجر”، منوهاً بأهمية الإعلام الإثني ومستشهداً بموقف ناشر “ديترويت فري برس” نيل شاين، الذي كتب ذات مرة بأن الإعلام الإثني هو بمثابة العمود الفقري في وسائل الإعلام الرئيسية.
ونوه السبلاني إلى خصوصية تجربة المهاجرين العرب والمسلمين في المجتمع الأميركي، وعزا محافظتهم على ثقافتهم وقيمهم على الرغم من اندماجهم في الثقافة الأميركية، إلى طبيعة الأمة الأميركية بوصفها أمة مهاجرين، ومقارنا بين تجربة العرب والمسلمين في أميركا وبين تجربتهم في بعض المهاجر الأخرى.
وقال “أميركا تختلف عن أي بلد آخر. إنها أمة من المهاجرين. انظروا إلى المتواجدين في هذه القاعة، إلى وجوههم، إلى ألوانهم. في منطقة ديترويت مثلاً يوجد على الأقل 63 مجموعة إثنية، وفي ديربورن ما يقارب 18 إثنية.. وهذا الموازييك المتنوع يجب أن تنعكس آثاره في الإعلام وفي الحياة العامة بكل تأكيد”.
وكان أستاذ تاريخ الفن في كلية هنري فورد الدكتور هاشم الطويل، قد أشار في معرض تقديمه للسبلاني بأنه لم يأت إلى الحقل الإعلامي عبر دراسة الصحافة بل هو مهندس نال شهادة في الهندسة الكهربائية من “جامعة ديترويت ميرسي”. ونوه الطويل بأنه “حب الصحافة وشغفه بها هو الذي خطفه من عالم الهندسة إلى عالم الإعلام”، ووصفه بالصحافي اليقظ والبارع وبأنه “حارس الصحافة العربية الأميركية”.
وعلق السبلاني بأن السبب وراء انتقاله من الهندسة إلى الإعلام “لم يكن بسبب الحب والشغف فقط، بل كان بسبب الحاجة أيضا”.
وروى السبلاني للطلاب أسباب انتقاله من مزاولة العمل الهندسي إلى الحقل الإعلامي، وكيف أنه كان في زيارة إلى لبنان في شهرحزيران من العام 1982، وكان وقتها قد بنى بيتاً لأمه، ولكن وبعد سفره مباشرة قام الجيش الإسرائيلي بغزو لبنان. وبعد أربع أيام وكان السبلاني وقتها في باريس، عرف أن الإسرائيليين هدموا ذلك البيت، في جملة ما هدموه ودمروه في لبنان.
وقال السبلاني أنه في تلك الأيام انكب على متابعة الإعلام المكتوب والمسموع والمتلفز وأنه واظب على قراءة “نيويورك تايمز” لكنه لم يسمع صوتاً واحداً مندداً بذلك الغزو، أو أية جهة إعلامية أخرى تفسح مجالاً لعرض وجهات النظر العربية المرتبطة بقضايا المنطقة.
وأضاف “لقد كان الأمر شخصياً. لقد هدموا بيت أمي. لقد انتظرت طويلا لأسمع وجهة النظر الأخرى لكن للأسف لم يحدث أي شيء من ذلك”. وهكذا جاءت صحيفة “صدى الوطن” كمشروع وكقناة إعلامية تعرض وجهة النظر الأخرى، وهي وجهة النظر الحقيقية، وكان ذلك في العام 1984.
وأشار السبلاني إلى أن “الغرض من الصحيفة كان مزدوجاً. الأول: التعبير عن قضايا وهموم الجالية العربية الأميركية وإقامة حوار بين العرب والأميركيين. والثاني هو توليد وإطلاق نقاش في الولايات المتحدة.. وكانت “صدى الوطن” بالتالي هي المنصة التي يستطيع الأميركيون من خلالها أن يتعرفوا على العرب وقضاياهم وأن يقاربوا مجمل القضايا التي تؤثر بحياتهم بشكل حاسم”.
أضاف “إن هذا الجزء من المهمة الإعلامية يتجاوز بطبيعة الحال المسألة الشكلية المتعلقة بنشر صحيفة ويتجاوزها إلى ما هو أعمق وأبعد من ذلك، فإذا اتفقنا أن أميركا هي أمة من المهاجرين، إذن لا أحد يعرف هموم جاليتنا أكثر منا، وهذا يعني أننا نملك الأجوبة على الأسئلة المطروحة، ونعرف إلى من يجب أن نتوجه للحصول على تلك الأجوبة في مجتمع الجالية العربية”.
وضرب السبلاني مثالا على ذلك “باللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي” (أيباك)، واللجنة العربية الأميركية لمكافحة التمييز (أي دي سي).
كما تعرض السبلاني في كلمته إلى العديد من القضايا السياسية والأسئلة الساخنة في المشهد السياسي الأميركي، ومنها ردود الأفعال على هجمات الحادي عشر من أيلول 2001، وفي هذا الصدد قال “إن هجمات 11 أيلول تستنفر سؤالاً مهماً هو لماذا هاجموا بلدنا؟”. ولفت السبلاني إلى أنه ساهم إلى حد كبير في “الضغط والتأثير لمحاولة إيجاد جواب حقيقي على هذا السؤال، جواب يساعد في علاج التوتر الحاصل بين العرب والأميركيين على خلفية تلك الهجمات، جواب يتجاوز التبرير والتأويل، ويحاول بكل جدية إيجاد الجواب الحقيقي”.
وفي رد لسؤال طرح من قبل أحد الحاضرين حول الموضوعية الصحفية، استنكر السبلاني طرح مثل تلك المقولات والعبارات الجاهزة، وقال “أنا لست موضوعياً عندما يتعلق الأمر بالصراع العربي-الفلسطيني، وقد عاتبني الكثير من الأصدقاء والإعلاميين الأميركيين من موقفي من حرب نيسان العام 2006 على لبنان وحصار غزة العام 2007”. وتساءل السبلاني “كيف يطالب المرء أن يكون موضوعياً عندما تشن إسرائيل حرباً لمدة 33 يوماً وتدمر بلدا بأكمله وتقتل المئات وتشرد مئات الألوف من السكان، لأن “حزب الله” خطف اثنين من جنودها، وكيف يمكن للمرء أن يكون موضوعيا وهو يشهد حصار شعب كامل في غزة تحت مقولات الأمن ومحاصرة حركة “حماس” في القطاع المنتخبة ديمقراطيا”.
واستأنف السبلاني بالقول “إنني أحوز على مصداقيتي من قرائي، ومن حقيقة أنني أخبرهم بحقيقة ما يجري، وليس بإعلان موقف سياسي ينسجم مع المواقف السياسية التي يتم إطلاقها هنا وهناك”.
وعن تنوع الأقلام وتعدد الأسماء الإعلامية في الصحيفة، قال السبلاني لدينا تنوع كبير في مكاتبنا وهو أكثر من التنوع الموجود في صحيفة كبيرة مثل “ديترويت فري برس”، فلدينا كتاب وصحفيون من معظم الدول العربية ولدينا كلدانيون وأميركيون وأفارقة، ومسيحيون ومسلمون”.
Leave a Reply