نيويورك – كشف تقرير سري للادارة الاميركية عن أدلة جديدة تُبَيِّن أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) قد منحت مجرمي الحرب النازيين “ملاذاً آمناً” داخل الولايات المتحدة عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية. وذكرت وسائل الإعلام أن هذا التقرير المكون من 600 صفحة، والذي كُتِب عام 2006 وحاولت وزارة العدل الأميركية أن تبقيه طي الكتمان منذ ذلك الحين، يقوم بوصف ما أطلق عليه “تعاون واشنطن مع المضطهدين”. وأشارت صحيفة “التلغراف” البريطانية إلى أن عملاء من مكتب ملاحقة النازيين المنوط بالتحقيقات الخاصة ويتبع وزارة العدل، ويُعرَف اختصاراً بـ”أو أس آي” وجد أن مجرمي الحرب “قد أتيحت لهم بالفعل إمكانية دخول الولايات المتحدة”، رغم أن المسؤولين الحكوميين كانوا على دراية بماضيهم، طبقاً لما ورد بالتقرير.
والتقرير، الذي حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز”، جاء به أيضاً “إن أميركا، التي تزهو بنفسها لكونها ملاذاً آمناً للمُضطَهَدين، قد تحولت بقدر ضئيل إلى ملاذ آمن للمضطهِدين أيضاً”. وأوضحت “التلغراف” كذلك أن التقرير يسرد بالتفصيل حالات لمجموعة من النازيين الذين حصلوا على المساعدة من قِبل مسؤولين استخباراتيين أميركيين. وأوضح التقرير في هذا الشأن أنه في عام 1954، قامت “سي آي أي” بمساعدة أوتو فون بولسكوينغ، أحد المقربين من أدولف إيخمان، لوضع خطط “لتطهير ألمانيا من اليهود”.
وفي سلسلة من المذكرات الخاصة بالـ”سي آي أي”، تساءل مسؤولون عما يمكنهم أن يفعلوه إذا ما تمت مواجهة بولسكوينغ بماضيه، وهو ما فتح جدلاً فيما بينهم حول ما إن كان لهم أن ينكروا أي انتماء نازي أو أن يوضحوا الأمر على أساس ظروف مخففة.
وأماط التقرير النقاب في هذا السياق عن أن وزارة العدل الأميركية سعت إلى ترحيل بولسكوينغ بعد أن علمت عام 1981 بماضيه النازي، لكنه توفى في نفس العام.
كما عرض التقرير لحالة أخرى خاصة بالعالم النازي، آرثر رودولف، الذي كان يدير مصنع “ميتلويرك” للذخيرة، وتم إحضاره إلى الولايات المتحدة عام 1945، لتفوقه في مجال صناعة الصواريخ كجزء من تلك المبادرة الأميركية التي أُطلِق عليها “مشبك الورق”، التي كانت تهدف إلى تجنيد العلماء الذين كانوا يعملون في ألمانيا النازية.
وألقى التقرير الضوء كذلك على تلك المذكرة التي بعث بها عام 1949 مسؤول كبير جداً بوزارة العدل إلى مسؤولي قطاع الهجرة، يطالبهم فيها بأن يسمحوا لرودولف بالعودة إلى الولايات المتحدة، بعد زيارته للمكسيك، لأن استبعاده سيكون “على حساب المصلحة الوطنية”. وقد اكتشف محققو وزارة العدل في وقت لاحق أن رودولف كان متورطاً بشكل أكبر في استخدام سخرة اليهود بمصنع ميتلويرك، عما سبق له أو للـ”سي آي أي” أن اعترفوا في هذا الشأن. كما لفت التقرير إلى أن بعض المسؤولين الاستخباراتيين أبدوا اعتراضهم حين حاولت وزارة العدل ترحيله عام 1983.
وقد أكدت وزارة العدل الأميركية لصحيفة النيويورك تايمز أن التقرير، الذي تم إعداده من خلال جهود بحثية استمرت على مدار ستة أعوام، ولم يُكتَمَل رسمياً على الإطلاق، لم ينطو على نتائج رسمية، وزعم وقوع “العديد من الأخطاء والهفوات الفعلية”، رغم أنها رفضت الحديث بصورة مستفيضة أو بتفاصيل أكثر عن تلك الأخطاء.
Leave a Reply