بيروت – أنهى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان زيارة استمرت يومين الى لبنان الذي يعيش أزمة داخلية بانتظار القرار الظني في قضية اغتيال الحريري الذي سيصدر عن المحكمة الدولية.
وقال أردوغان إن لبنان انتصر على إسرائيل في الحرب التي شنتها عليه عام 2006، وسينتصر عليها في أي حرب قادمة. ودعا أردوغان، الذي بدأ الأربعاء الماضي زيارته الرسمية، إلى أن تكون المنطقة كلها في موقف واحد ضد “القتلة الإسرائيليين”، كما انتقد إسرائيل انتقادا حادا، وطالبها بالتوقف عن الأعمال التحريضية، وبالاعتذار لشعوب المنطقة. وأضاف رئيس الوزراء التركي، في احتفال شعبي أقيم في عكار، أن على إسرائيل أن تتراجع عن أخطائها، مؤكدا أنه في حال نشوب حرب جديدة فإن الخاسر لن يكون فقط من أبناء المنطقة، بل من مواطني إسرائيل أيضا.
وقد استهل أردوغان زيارته، التي اكتست طابعا سياسيا واقتصاديا، بدعوة اللبنانيين إلى التفاهم لحل خلافاتهم بشأن المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.
والتقى الضيف التركي في بداية زيارت كبار المسؤولين، وعلى رأسهم رؤساء الجمهورية ميشال سليمان، ومجلس النواب نبيه بري، ومجلس الوزراء سعد الحريري.
وذكر بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية أن سليمان وأردوغان بحثا خلال اجتماعهما في القصر الرئاسي ببعبدا شرق بيروت “تعزيز العلاقات اللبنانية التركية ومستوى التعاون مع دول المنطقة”.
ونقل البيان عن أردوغان تشديده على “أهمية أن تبقى الساحة اللبنانية مستقرة سياسيا، وعلى التفاهم بين اللبنانيين من أجل إيجاد حلول للمواضيع ذات الصلة بالمحكمة الدولية” الخاصة بجريمة اغتيال الحريري.
وقال ضيف لبنان عقب لقائه بري إن أنقرة “تركز على كيفية المساهمة في الحفاظ على وحدة لبنان”، مضيفا “نحن على مسافة واحدة من الجميع”. وكان أردوغان قد تعهد قبيل وصوله بيروت ببذل ما في وسع تركيا لمنع نشوب أي حرب أهلية في لبنان قبل ظهور بوادرها.
ويشهد لبنان تجاذبا داخليا حادا يدور حول المحكمة الدولية، بينما يحذر “حزب الله” من توجيه الاتهام إليه، بعد تقارير إعلامية تحدثت عن توجه لدى المدعي العام للمحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار إلى اتهام عناصر في الحزب باغتيال الحريري ببيروت في شباط (فبراير) 2005. وحذر سياسيون لبنانيون من أن اتهام “حزب الله” بالجريمة قد يؤدي إلى فتنة.
وأفاد مصدر حكومي لبناني وكالة الصحافة الفرنسية بأن أردوغان أبلغ سليمان وبري والحريري أنه تحدث مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وأبلغه “ضرورة أن يكون القرار الاتهامي مستندا إلى وثائق قانونية”. وأضاف المصدر أن رئيس الوزراء التركي شدد على أن “المهم استيعاب القرار وألا يؤدي إلى مشاكل تتوسع نحو دول مجاورة”.
ومن جهته أشاد الرئيس اللبناني بدور تركيا في ملفات المنطقة الأساسية، إضافة إلى موقفها من حصار غزة.
وأكد سليمان خلال لقائه أردوغان تعزيز العلاقات المشتركة في شتى المجالات على المستوى الثنائي والتعاون مع دول المنطقة. وأعرب عن شكره لمساهمة أنقرة المستمرة في قوات يونيفيل الدولية العاملة بجنوب لبنان ووقوفها إلى جانب قضية الشرق الأوسط.
كما افتتح مدرسة ووضع حجر الاساس لمشاريع تنموية في قرية عيدمون وغيرها من القرى في شمال لبنان التي ينتمي بعض سكانها الى القومية التركمانية قبل ان يزور الجنوب لتفقد مقر القوات التركية المشاركة في القوات الدولية العاملة في لبنان (يونيفيل).
كما شارك أردوغان في حفل تدشين مستشفى تخصصي في معالجة الحروق في صيدا، وقال “إنني أؤمن بأن مستشفى الحروق مثل هذا سيسد الطلب على مستوى هذا النوع، وكما تعلمون فإنَّ أول خطوة كانت من خلال زيارة الرئيس فؤاد السنيورة في العام ٢٠٠٨، حيث تم التوقيع على إتفاقية هذه المستشفى”.
وختم: “انظروا إلى هذا الساحل، فقالوا لي إنه 60 كلم من الجمال الآّخاذ، يجب أن لا ندع لأحد أن يلوث هذا الجمال، ويجب أن نصون هذا المكان بالسلام، أحييكم ضمن هذه العواطف، ومبروك لكم المستشفى التركي”.
ترحيب واعتراض
وقد انتشرت في بيروت وبعض مناطق شمال وجنوب لبنان لافتات ترحب برئيس الوزراء التركي. وأمام مدخل المطار، نظم اللبنانيون الأرمن تظاهرة منددة بالزيارة. وتعيش في لبنان جالية أرمنية كبيرة يناهز عددها 140 ألفا. ويقول الأرمن إن 1.5 مليون أرمني قتلوا في “المذابح وعمليات الترحيل القسرية” التي تعرضوا لها في عهد السلطنة العثمانية بين 1915 و1917. وتؤكد تركيا أن عدد هؤلاء يتراوح بين 250 و500 ألف فقط، وترفض وصف هذه العمليات بـ”الإبادة”.
Leave a Reply