ديربورن – خاص “صدى الوطن”
على هامش توقيع كتابه الجديد “أصوات عربية: ماذا يقولون لنا، وما أهمية ذلك”، حاضر مؤسس ومدير “المعهد العربي الأميركي” الدكتور جيمس زغبي في “جامعة ميشيغن-ديربورن”، مساء الأربعاء الماضي، حول التصورات والمفاهيم التي تحكم علاقات العرب بالأميركيين، وكيف تساهم تلك “التصورات الخاطئة والمسبقة” لدى الطرفين بتعكير الأجواء وحدوث التصادمات في مختلف المستويات الثقافية والرسمية.
ونوه زغبي إلى أهمية القضية الفلسطينية وموقعها الهام والأساسي في تشكيل تلك العلاقات وبناء التصورات وتكريسها، ملقياً باللوم على الأميركيين الذين لم يستطيعوا أن يدركوا أن “القضية الفلسطينية بالنسبة للعرب، هي مثل الهولوكوست بالنسبة للأميركيين، ليس من حيث عدد الذين قضوا بسبب القضية الفلسطينة أوالذين ماتوا بسبب الهولوكوست، بل من حيث المعنى التاريخي المتعلق بمعاني الحق والعدالة، والمصير”.
وشدد زغبي على أن العرب جميعهم معنيون بما يحدث في فلسطين، لا فرق بين أولئك الذين يعيشون في المغرب أو أولئك الذين يعيشون في مصر.
وانتقد زغبي الطريقة التي ينظر فيها “الأميركيون” إلى العرب.. كما تظهرهم وسائل الإعلام، بأنهم أناس غاضبون وغوغائيون، وأنهم على العكس من ذلك..هم بشر لهم حياتهم وهواجسهم ومشاكلهم اليومية، ولهم اهتمامهم ومشاكلهم الحياتية، ولهم أحلامهم وطموحاتهم.
ووصف زغبي الثقافة العربية عموماً بالديمقراطية، والمجتمع العربي بالديمقراطي على خلاف ما يظن الغربيون، وقال “من الصعب أن تتصور وجود خمسة مصريين يتناقشون في السياسة بدون أن يحصل عراك بينهم.. وهذا يدل على أن الناس لهم آراؤهم، وأن الثقافة العربية هي ثقافة ديمقراطية وليست ثقافة أحادية.. والأهم من ذلك أن الناس هناك يفكرون بشكل نقدي”.
وأضاف في هذا السياق “صحيح أن النظم السياسية “تفوز” في الانتخابات بنسب كبيرة تقارب 90 بالمئة، وأحيانا تتجاوز 95 بالمئة، ولكنك إذا سألت الناس عن أداء الحكومة، فإنهم سوف يتكلمون وينتقدون المسؤولين والمؤسسات”.
وأبدى زغبي إعجابه بالواقع الإعلامي العربي ووصفه “بالحر”.. على عكس الإعلام الأميركي الذي تتحكم به وجهات نظر معينة. وقال “إن قارنا بين الإعلام السوفياتي في وقت من الأوقات وبين الإعلام الأميركي.. فسوف نجد وجهتي نظر ثابتتين لروايتين مختلفتين.. وأما في وسائل الإعلام العربية، مثل قناة “الجزيرة” وصحيفة “الحياة”، وكذلك في الصحف اللبنانية، فسوف نتفاجأ بالكم الكبير والمختلف والمتضارب من وجهات النظر”.
وشدد زغبي على فكرة أنه يجب “ألا نتوقف عند قراءة الصحفات الأولى.. بل يجب أن نقرأ الصحفات المحلية التي تعكس الحياة اليومية وتصور طرائق عيش الناس وطرائق تفكيرهم ونوعية مصالحهم وكيف يصنعون قرارتهم”.
وعلق زغبي على بعض “الحقائق” التي تحاول السياسة الأميركية ترويجها، مثل أن العرب يكرهون أميركا. وصحح زغبي تلك الفكرة، وقال “الواقع أن العرب يحبون الأميركيين ولكنهم يكرهون أفعالهم.. وهم غير راضين بالتأكيد عن دورهم في فلسطين وفي العراق”.
وروى زغبي بعض مشاهداته في المملكة العربية السعودية وفي بلدان عربية أخرى، وكيف أنه رأى الشباب العربي يذهبون إلى محلات “ستار باكس” و”ماكدونالد” و”بيتزاهوت” وغيرها، ومدى حبهم حبهم للأكل الأميركي، مع أنه غير طيب المذاق، ويلبسون الجينز ويسمعون الأغاني الغربية، كل هذا دليل على أنهم يحبون الثقافة والقيم الأميركية، ولكنهم بالتأكيد لا يحبون السياسية الأميركية خاصة لجهة القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط.
وقال إن الأرقام تشير إلى أن الشركات الأميركية تتفوق على نظيراتها الألمانية والصينية واليابانية لجهة حجم المبيعات وهذا دليل إضافي على الناس هناك لا يقاطعون المنتجات الأميركية.
وفي نهاية المحاضرة، أجاب الدكتور زغبي على أسئلة الحضور التي تنوعت حول كيفية الطريقة المثلى لفهم الوضع الصحيح وبناء التصورات الحقيقية، وبين أساليب الحياة في العالم العربي.
وأشار زغبي إلى أن الثورة المعلوماتية والاتصالية توفر طرقا أفضل لمتابعة الأخبار ومعرفة الحقائق، سواء من خلال المحطات الفضائية، أو عبر الانترنت والمواقع الإلكترونية المتنوعة.
وسرد زغبي بعضاً من سيرته الذاتية كأميركي ولد للبنانيين مهاجرين، ووصف “العلاقة” بين الآباء المهاجرين والأبناء الأميركيين، في مجتمع الجالية العربية، بأنها علاقة في طور التغير، وفيها الكثير من مواصفات عدم الاستقرار. ورأى زغبي أن السبب وراء ذلك هو الاختلاف الثقافي وحرص الآباء على حماية أبنائهم من الضياع. منوهاً أن هذا الأمر ليس مرهونا بالعرب فقط، بل بجميع المهاجرين، وأن الأمر نفسه يحصل لدى المهاجرين اليهود والألمان والأوربيين الشرقيين.
وختم رزق بأن العرب والأميركيين يملكون تصورات خاطئة على بعضهم عن البعض، وتقريبا فإن معظم تلك التصورات خاطئة. وسخر من تصور العرب للأميركيين بأنهم أذكياء، وقال في الواقع إننا أغبى مما يتصورون بكثير، ولذلك فإن الكثيرين منهم يؤمنون بـ”نظرية المؤامرة” لأنهم لا يصدقون بأننا يمكن أن نخطط للقيام بأشياء ونفشل في تنفيذها فشلاً ذريعاً.
Leave a Reply