ديربورن – خاص “صدى الوطن”
بنبرة فيها الكثير من التحدي، كررت العميدة السابقة لصحفيي البيت الأبيض هيلين توماس (90 عاما) تمسكها بالموقف الذي أعلنته في أيار (مايو) الماضي حول حق الشعب الفلسطيني في أرضه المغتصبة على أيدي الصهاينة ومطالبتها بعودة المهاجرين اليهود إلى أوطانهم الأصلية. وهو الموقف الذي أدى إلى “استقالتها” من منصبها كمراسلة لمجموعة “هيرست نيوز” الإعلامية في البيت الأبيض.
وجاء الموقف المتجدد لتوماس خلال ندوة نظمتها مؤسسة “عرب ديترويت” في قاعة “بيبلوس” في مدينة ديربورن يوم الخميس قبل الماضي، حول الانحياز الإعلامي ضد العرب الأميركيين.
وقالت توماس أمام حشد من الحضور إن الصهاينة يسيطرون على السياسة الخارجية الأميركية وعلى مؤسسات أميركية أخرى. أضافت “إنني أستطيع أن أنعت رئيس الولايات المتحدة بأي وصف أشاء ولكن ممنوع علي أن أمس اسرائيل بكلمة. هذه الدولة التي لديها حتى طرقات مخصصة للليهود فقط في الضفة الغربية المحتلة. إن أي أميركي لا يمكنه التسامح مع هذه العنصرية.. تخيلوا أن لدينا هنا طرقات للبيض فقط”.
وقالت توماس ردا على سؤال لصحيفة “ديترويت فري برس” حول ملاحظاتها المثيرة للجدل “لقد دفعت ثمن موقفي، لكن الأمر كان يستحق التضحية، ومن أجل قول الحقيقة”. وكررت توماس القول “إن على الصهاينة أن يفهموا أن فلسطين هي وطن الفلسطينيين وهم عاشوا فيها زمنا طويلا، قبل أي صهيوني أوروبي”.
وأضافت “إنك لا تستطيع أن تنتقد اسرائيل بكلمة في هذه البلاد”.
وتناولت توماس في كلمتها أمام الحشد الذي وقف لتحية مواقفها مسألة المال في صنع السياسات. وقالت “إننا مملوكون بواسطة أرباب الدعاية المناهضة للعرب، وهذا الأمر لا لبس فيه: الكونغرس، البيت الأبيض، وهوليوود، وول ستريت، كلهم مملوكون من قبل الصهاينة. إنهم يضعون أموالهم في أفواه السياسيين ونحن يجري دفعنا بالاتجاه الخاطئ بكل الوسائل”.
وأثارت ملاحظات توماس الجديدة ردود فعل غاضبة من المنظمات اليهودية في منطقة ديترويت. فأبلغ المدير التنفيذي لمجلس العلاقات اليهودية في منطقة ديترويت وضواحيها روبرت كوهين صحيفة “ديترويت فري برس” زعمه: “عندما قالت توماس اليوم إن الكونغرس والبيت الأبيض وهوليوود وول ستريت مملوكين للصهاينة فإنها كررت كلام التنميط المعادي للسامية الذي ظل يستخدم لأكثر من قرن لتوليد الكراهية لليهود”.
لكن توماس سفهت مزاعم كوهين وقالت للصحيفة ردا على الاتهامات بمعاداتها للسامية: “أنا سامية.. ما هذا الهراء؟ قل لي من أنت؟”
وهاجمت توماس بشدة أمام الحشد الذي بلغ 300 شخصا الحربين الأميركيتين على العراق وأفغانستان وقالت “إنهما بنيتا على الأكاذيب وأدانت سياسة الانحياز ضد العرب”.
وخاطبت توماس الحضور: “إننا جميعا ندرك بأن العرب يتعرضون للكثير من التشويه. إنهم يوصفون بالإرهابيين بطريقة آلية، وأنا أطلقوا علي نعت “حزب الله” و”حماس”، ونعوت أخرى خلال عملي في البيت الأبيض، لكني لم أتأثر أبدا بتلك النعوت لأنني أعرف من أنا، فأنا أميركية”.
وقالت توماس: “إننا نعلم أطفالنا لكي يكونوا مواطنين صالحين، وألا يقتلوا وألا يكذبوا أو يأتوا أعمالا سيئة، ومع ذلك، وفي خلال 3-4 أسابيع ندربهم على الذهاب لقتل الناس في النصف الآخر من الكرة الأرضية ونعمل على تزويدهم بأسباب “وجيهة” للقتل والموت”.
وحرصت توماس في خطابها وفي مقابلتها الصحفية خلال زيارتها الى ديترويت على استخدام مفردة “الصهيونية” واتهمت مستشار الرئيس أوباما لشؤون الشرق الأوسط دنيس روس بأنه صهيوني. وقالت لقد “كلف الرئيس أوباما صهيونيا مثل دنيس روس بشؤون العالم العربي. أنت لا تضع صهيونيا ليتولى مسؤولية العالم الاسلامي في البيت الأبيض”.
وتحدثت توماس في المقابلة الصحفية عن المشاكل التي يواجهها الفلسطينيون قائلة إن “العرب ليسوا إرهابيين”.
واضافت إن زعيما اسرائيليا سابقا اسمه مناحيم بيغين هو من اخترع الإرهاب.
وعبرت توماس عن شعورها العظيم تجاه ديترويت ووصفتها بالمكان الذي يهفو اليه قلبها وقالت: “أنا أحب ديترويت لأنه لولاها لما ربحنا الحرب العالمية الثانية، في إشارة إلى دور مصانعها في إنتاج الأسلحة”.
وأعلنت توماس عن فخرها بجذورها العربية لكنها شددت على انها أميركية بالكامل. وقالت لم أشعر يوما بأي ازدواجية ولم أشعر أبدا بأني “عربية-أميركية”، بل أميركية.
وختمت توماس خطابها بالحديث عن الانحياز ضد العرب واستذكرت كلمات أحد الحاخامات بمناسبة “مسيرة الحقوق المدنية التي قادها الداعية الأسود مارتن لوثر كينغ في واشنطن في العام 1963، وقالت إن ذلك الحاخام الذي نجا من معسكرات الإبادة النازية خاطب الحشود في المسيرة قائلا: إن العار الأعظم في كل الحقبة النازية كان الصمت ولذا علينا أن نرفع الصوت من أجل حقوقنا، حتى لو دفعنا الثمن وكلفنا ذلك التضحيات”.
وشاركت توماس لاحقا في احتفال إزاحة الستار عن تمثال لها في المتحف العربي الأميركي وتحدثت أيضا في إحدى ثانويات مدينة ديربورن في اليوم التالي.
جامعة “وين ستايت” تخضع للابتزاز
من جهتها أقدمت إدارة جامعة وين ستايت على خطوة مستهجنة تمثلت بإعلانها إلغاء “جائزة هيلين توماس لروح التنوع في الإعلام” وذلك بعد يوم واحد من إلقاء توماس خطابها في مدينة ديربورن. وقالت إدارة الجامعة في بيان إنها تقوم بسحب الجائزة التي تحمل اسم توماس وتدين بشدة الملاحظات المعادية للسامية التي صدرت عنها.
أضاف البيان: “إن الجامعة تشجع حرية التعبير والحوار المنفتح وتحترم وجهات النظر المتنوعة، لكن الجامعة تدين بشدة الملاحظات المعادية للسامية التي صدرت عن هيلين توماس خلال مؤتمر البارحة (الخميس الماضي) وكنتيجة لهذه الملاحظات فإن جامعة وين ستايت ستتوقف عن تقديم جائزة هيلين توماس لروح التنوع”.
وانتقدت توماس بشدة قرار إدارة الجامعة وقالت: “إن الجامعة أقدمت على خيانة الحرية الأكاديمية، وهذا يوم حزين لطلابها”. وأضافت “إن قيادات جامعة “وين ستايت” استهتروا بالتعديل الأول (للدستور الأميركي) في إشارة إلى حرية التعبير والصحافة وأقدموا على تحقير موروثات الحرية الذي تعتنقها الجامعة”.
ووجهت بعض الفعاليات العربية أيضا انتقادات الى قرار جامعة “وين ستايت” بسحب الجائزة التي تحمل اسم هيلين توماس تكريما لها وكونها إحدى خريجاتها. وتداعت فعاليات عربية أميركية في منطقة ديترويت الى عقد اجتماع (صفحة 4) لتدارس سبل الرد على قرار الجامعة المتسرع والمجحف بحق سمعة الجامعة وبحق الاعلامية المخضرمة هيلين توماس وبحق كل العرب الأميركيين في البلاد.
Leave a Reply