استولى الأمويون على الخلافة بالخدعة، ثم بالقوة، فحولوها إلى ملك قائم فيهم، وأقاموا هذا الملك على أسس ليس فيها من العدل والمساواة والرحمة شيء. ونهجوا في حكم العباد منهجاً فرديا خالصا لا يقيم وزنا لحقوق الناس فتمادوا طغيانا وظلما للبشر ونهبا لأرزاقهم واستعبادا لأعناقهم.
وبعدما تولى يزيد بن معاوية حكم المسلمين خلفا لأبيه عام 60 للهجرة، جمع حوله مجموعات من السفلة المنافقين والجلادين من ذوي الميول الشديدة الى الاستئثار والتسلط والاستهانة بكرامة الأحياء، فعاثوا في الأرض فسادا وتنفيذا لسياسة معاوية في منطق القاهر والمقهور والظالم مع الضعيف البائس.
كان ذلك قريبا من عهد النبوة. انهالت على الإمام الحسين في الحجاز آلاف الدعوات من المسلمين تؤيده وتدعوه إلى الظهور وطلب البيعة والحكم لنفسه بدل الخليع يزيد بن معاوية.
العديد من أصحاب الحسين حذروه من نذالة القوم وغدرهم، ومن أنهم أهل شقاق، مجبولون بالنفاق، وأنهم يصطنعون الحماسة بينما هم قد فطروا وتربوا على الخنوع والمهانة.
قرر الإمام، عند ذلك، إرسال ابن عمه مسلم بن عقيل إلى الكوفة ليستطلع له الرأي.
في الكوفة جمع مسلم الآلاف من المبايعين للإمام الحسين، لكن اصحاب المصالح، المترهلين المقربين للسلطة، الذين يأكلون ولا يعملون والذين ينعم عليهم البيت الأموي بالوظائف الإسمية ويفرغ في جيوبهم أموال العامة ويهبهم المثوبة على غير جهد، هؤلاء أجمعين اشاعوا عن قرب وصول عساكر يزيد، فلما غربت شمس ذلك اليوم صلّى مسلم صلاة المغرب، ثم نظر حوله فلم يجد أحدا، فقد تسللوا من حوله تحت الظلام وبقي وحيدا، فقبض عليه الحاكم وضرب عنقه. عندها تسابق القوم على إنكار مبايعتهم السابقة.
في هذه الأثناء، كان الإمام الحسين قد خرج فعلا من مكة. فلم يرجع رغم علمه بما جرى في الكوفة. ولما وصل الى كربلاء وعرف القوم أنها الحرب، انفضوا من حوله ولم يبق غير آل بيته وبضع عشرات من الرجال الراغبين عن أمجاد الدنيا ساعة المقارنة بين مساوئ يزيد بن معاوية وعساكره، ونبل الحسين وإيمان أنصاره وإيثارهم وفدائهم له.
ناصر الحسين عدد قليل من الرجال وقفوا في وجوه الآلاف، يلح عليهم العطش والضيق والحر وبكاء الأطفال وأنين النساء، ورغم ذلك انتظروا الموت مع إمامهم واحدا واحدا..وكلهم اطمئنان إلى نبل الموت وجلال الشهادة، فنالوها برضاهم واختيارهم.
استشهد الإمام الحسين واستتب الأمر ليزيد وولاته الجلادين أو كلاب الطراد كما أسماهم بعض المؤرخين.
وما هي إلا أربع سنين وتحل الكوارث بالبيت الأموي ويضيع الحكم وتزول دولتهم، ومن وقتها وحتى اليوم يلطم الأحفاد وجوههم خجلا مما فعله الأجداد وستظل حتى تقوم الساعة.
أيثبت التاريخ، وبدون وثائق “ويكيليكس”، صدق النبي محمد وبعد أن نظر في أحوال الأمويين في زمانه وقد عرفهم واحدا واحدا، وسبر أغوارهم حتى لا يفوته من حقيقتهم شيء عندما قال “هلاك أمتي على أيدي أغيلمة من قريش”.
فقط.. أنظر إلى التاريخ الإسلامي وأبكي!
Leave a Reply