جرياً على عادتها كل آخر سنة، إختارت مجلة “تايم” رجل العام وهي مرتبة يصل إليها القلائل من السياسيين أوالأدباء أوالعلماء حسب تصنيفها. صفة “رجل العام” هذه المرة كانت من نصيب مارك زوكربيرغ أحد مؤسسي الموقع الإجتماعي”فيسبوك”.
وإذا كان لـ”تايم” اسبابها الإقتصادية والسياسية والصهيونية في اختياراتها فلا شيء يمنعنا من إبتكار صفة خاصة حول أسوأ “شخصية العام”، أحدثت الأثر الرديء وأختطت سنة سيئة أو عملاً مشيناً. وأول ما يتبادر إلى الذهن فوراً شخصية الحكام والملوك العرب من المتربعين كالوباء والمتحكمين بمصادر البلاد ومصائر العباد من دون حسيبٍ أورقيب، والعاجزين عن رفع رؤوسهم أمام أسيادهم والمتآمرين على القضية المقدسة وقلبوا القيم والمعادلات واشتروا الضمائر والذمم بالمال السياسي والبترودولار إلى درجة أن الشعوب العربية، التي كانت تنبض حيويةً وطاقة، أضحت أكثر خمولاً من حكامها العاجزين، تستثيرها لعبة كرة قدم لا مجازر إسرائيل بقتل الأطفال والنساء والشيوخ في فلسطين ولبنان.
وعلى رأس هؤلاء الحكام يبرز “الغرينش” الأخضرمعمرالقذافي يلعب بالملك هو وأبناءه الفاسدون كأنه كرة وتحكمه إمرأة أوكرانية وتتحكم بفلتاته بعدأن تيمته بحبها! فهناك رئيس يكذب على شعبه (يا للمفاجأة!). وهناك رؤساء لا يملكون تمثيلاً شعبياً، وهناك ملوك “شرشوا”على عروشهم وهمهم فقط الحفاظ على نظمهم وملذات بلاطهم وحواشيهم بينما شعبهم يسكن في المقابر. العالم كله تقدم وأنظمة تبدلت والسلطات تداولت إلا في عالمنا العربي وكأنه كتب علينا أن نعيش مع هؤلاء الحكام الظالمين إلى يوم الدين! انظروا يا كرام، ما الفرق بين الحكام العرب الحاقدين والطيب العروبي أردوغان، الذي كان له شرف أن يكون أول مسؤول تركي يزور مجلس أبي عبدالله الحسين (ع) في تاريخ تركيا القديم والحديث إضافةً إلى مواقفه الرجولية العربية.
أما في “شبه الكيان” في لبنان فلا تسأل عن الخبر! “شخصيات العام” المريعة لا تعد ولا تحصى. هناك دانيال بيلمار والذين سبقوه، المخادع ديتليف ميليس والمرتزق المرتشي غيرهارد ليمان. الأول باع ضميره المهني وسمعته كقاضي تحت الضغط الدولي، همه الوحيد البذخ والصرف على ثيابه ومكتبه الوثير على حساب دماء الشهداء ومن الأموال التي قدمها فؤاد السنيورة بعد أن اقتطعها من فم الشعب اللبناني، أما الثنائي الألماني فكان مغرماً بالنبيذ اللبناني المعتق والمال وبائعات الهوى كما كشفت المعلومات الأخيرة. والسؤال كيف سمح منذ البداية لمسؤولي أجهزة غربية معادية بترؤس تحقيق في مثل أهمية جريمة قتل الرئيس رفيق الحريري؟ وهل نتوقع منها إحقاق ألحق والعدالة، خصوصاً بعد “المساهمات” الإسرائيلية؟ ويتبع هذه “الشخصيات” سيل مصائب “١٤ آذار” الذين رهنوا مصير البلد لأهوائهم مدة خمس سنوات كاملة وتسببوا في القتل والتدمير وتخريب علاقة لبنان بالشقيق الأقرب، ثم بغمضة عين غيروا وبدلوا مواقفهم الخاطئة من دون عواقب أو تداعيات متوقعين أن تمر زلاتهم المميتة التي أضرت بالبلاد، مرورالكرام.
المميز بين تلك الزمرة، مهندس الفتنة محمد كبارة ومن طرابلس مدينة العروبة والوطنية، مدينة عبدالحميد كرامي، كبارة هذا يصر على التمزيق المذهبي وملاقاة فتنة “القرار الالتهامي” الصادرعن المحكمة الإسرائيلية، مثل علوش وسائر جوقة “الدنيا هيك”. هذا الأخير يدعي عدم معرفته ماذا يتضمن “القرار الظني” ويرفضه إذا كان من دون أدلة، لكنه في إحدى تصاريحه النارية يقول أن معظم أعضاء “تياره” باتوا مقتنعين أن “حزب الله” هو المسؤول عن اغتيال الحريري، مستبقاً حتى القرار مما يهيئ الأرضية لفتنة المحكمة بشكلٍ صريح. لكن العاصي على الإستيعاب هو تصرف ساكن بكركي الذي لا يترك مناسبة إلا ويطلق سهام حقده على المقاومة وقد تدرج موقفه إلى درجة خطيرة بحيث بات يضرب أساسيات “ما يسمى” الصيغة اللبنانية الوحيدة القرن. فقد نفى البطرك علمه بشهود الزور وكأنه لا يعيش في لبنان بل في جزر الواق واق، ثم أكد ثقته بـ”العدالة الدولية” طالباً اصدار القرار الظني “مهما كانت التداعيات”. ولم يكن كل هذا كافٍ حيث أخذ يروج أن المقاومة تريد القيام بإنقلاب اتبعه بتصريحٍ في مجلته المفضلة “المسيرة” أن المقاومة توحي بالإستيلاء على الحكومة والبلد. لقد نعى بكلمته هذه “التكاذب المشترك” الذي يفترض على الشريك في الوطن أن يهب إلى النجدة والدفاع عن شريكه الآخر ضد كل المؤامرات المحلية والدولية خصوصاً عندما يكون شريكاً أساسياً أعطى له ولغيره الشرف والكرامة والفخر بدفاعه الباسل عن الوطن. على هؤلاء الحاقدين أن يقدروا على الأقل تضحيات ودماء الشهداء.
ولايمكن أن ندع مناسبة “أسد الغاب” أمين الجميل تفوتنا. فقد إحتفل “حزب العائلة” بعيد تأسيسه مهدداً بأن “الساحات اشتاقت لصولات أسود الكتائب”. سبحان الله، منذ إنشاء هذا الحزب كان حطب وقود في المؤامرات بدءاً بالكمين الذي نصبته دولة “الإستقلال” من أجل جريمة قتل الزعيم أنطون سعاده مستخدمةً “الكتائب” حتى شرارة الحرب الأهلية الأطول في التاريخ، إلى المجازر الطائفية والتطهير العرقي وخروج “القوات” من رحم “الكتائب” عدا عن “جولات وصولات” أمين الجميل في صفقة “البوما” وإنهيار الليرة وبيع الباسبورات اللبنانية لأبو أياد و”إتفاق العار” في١٧ أيار، كلها محطات لا تشرف أصحابها مهما استأسدوا في زيفهم وطغيانهم.
إن “رجل العام” الفعلي هو المواطن الفقير الصابر في لبنان وفي العالم العربي، وحارس ثغور الأمة ضد العدو التاريخي، والذي يضع دمه وروحه على كفه كل يوم. لهؤلاء الشرفاء جميعاً: كل عام وأنتم بخير.
Leave a Reply