كانت الكراهية هي المرفأ الذي رست فيه شريعة موسى برغم أنه نبي من أنبياء الحب الإلهي الكبار. وهاهي شريعة موسى ينتهي بها الأمر على أيدي أصحاب القلوب الميتة إلى موانئ الظلم والحقد. شريعة النبي موسى تنص على القصاص. من ضربك على خدك الأيمن، اضربه على خده الأيمن والأيسر. هكذا كان اليهود ومازالوا يطبقون شريعة موسى.
بعد سنين عديدة، بعث المسيح العظيم بشريعة يمكن تلخيصها بأنها خلاص للروح والإيمان بقيامة الأموات ووجود يوم يقدم فيه البشر حسابا عما فعلوه. وتلك قيم وأفكار كانت كانت حياة اليهود تخلو منها تماما. ولقد أتى المسيح متمما للتواراة كما أنزلها الله تعالى. إذن كيف يتصرف عليه السلام إزاء هذا كله؟ كيف يتصرف المسيح إزاء شريعة القصاص التوراتية؟
رد المسيح القوم الى الغرض الأصلي من الشريعة، وردهم إلى الحكمة السرمدية الإلهية التي هدفها النقاء والحق وتوحيد الإله الأحد. ردهم عليه السلام إلى المحبة. لن يقول المسيح لمن ضربه على خده الأيمن شيئا، لن يسعى إلى ضربه على رأسه ويده وبدنه، سيقدم المسيح له خده الأيسر، هذه هي شريعة العظيم المسيح. لا تختلف شيئا عن شريعة موسى. الكثير من وحوش الغابات والدواب تحب نفسها وتقاتل من أجل البقاء والحياة، وتطعم أبناءها وتدخر لهم. الفرق بين الإنسان والحيوان هو فارق في درجة المحبة والتسامح.
سعى المسيح لإفهام قومه أن الإنسان لا يصير إنسانا إلا إذا كسر أنانيته الذاتية وأحب الآخرين. وكلما امتلأ القلب الإنساني بالمحبة ازداد الكائن اقترابا من الآخرين. وكلما اقترب الإنسان من إنسانيته ازداد قربا من الله الخالق.
سمعتم إنه قيل فلتحب قربك ولتبغض عدوك، أما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم.
ميلادك مجيد يا سيدي المسيح. عام آخر وميلاد آخر وأنت في عليائك ونحن في انتظارك، متى ستحل بيننا ليحجب نورك هذه الظلمة الحالكة؟
Leave a Reply