واشنطن – بدأت الأسبوع الماضي مرحلة جديدة من الصراع السياسي بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي مع تسلم الكونغرس الجديد مهامه، وسيكون على أوباما استخدام كل حنكته للتفاوض مع الجمهوريين وتمرير ما يريده من قوانين ليكون في موقع من القوة يتيح له الدخول في المعركة الانتخابية الرئاسية عام 2012. الا ان الجمهوريين لم يخفوا عزمهم على افشاله في الحصول على ولاية ثانية. وقال زعيم الاقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل علنا ان هدفه الاساسي هو منع أوباما من الحصول على ولاية ثانية.
فمع بدء ولاية الكونغرس الجديد المنبثق من الانتخابات التشريعية الأربعاء الماضي، توعد الجمهوريون الذين حسنوا مواقعهم داخل السلطة التشريعية في البلاد بأنهم سيكونون بالمرصاد للرئيس باراك أوباما.
وينوي الجمهوريون الدخول على الفور في مواجهة مع الرئيس حول قانون اصلاح الضمان الصحي. فهم يريدون اعادة التصويت عليه في مجلس النواب في كانون الثاني (يناير) لالغائه، حتى قبل ان يلقي أوباما الخطاب السنوي حول وضع الاتحاد في نهاية الشهر نفسه.
وقال النائب الجمهوري فريد ابتون “اذا تمكنا من تمرير الالغاء داخل مجلس النواب سيكون الضغط شديدا على مجلس الشيوخ للقيام بالمثل”. الا ان عزم الجمهوريين على الغاء قانون اصلاح الضمان الصحي لا بد ان يواجه بـ”فيتو” من الرئيس. وينوي الجمهوريون مناوشة البيت الابيض وحرمان أوباما من اقرار تمويل الكثير من المشاريع التي يريد الدفع بها.
وسيتطرق الجمهوريون ايضا الى موضوعي الدين العام والعجز في الموازنة. ومن المتوقع ان تصل اوائل العرقلات الجمهورية خلال مناقشات الموازنة القريبة. وشن النائب الجمهوري داريل عيسى في حديث مع شبكة “سي أن أن” هجوما على ما سماه “البيروقراطية والهدر” في ادارة الدولة المالية، معلنا عن عزمه على تقديم اقتراحات للحد من النفقات.
الا ان زعيم الحزب الديموقراطي تيم كاين قال في حديث مع الشبكة نفسها ان “الرئيس ياخذ كثيرا على محمل الجد العمل على خفض العجز”. واضاف ان الرئيس أوباما سيقدم خطته الخاصة به “وسنرى ان كان الجمهوريون ينوون بالفعل الحد من قدرات الحكومة. وهم باي حال لم يفعلوا ذلك في عهد جورج بوش”.
وقال أوباما انه يأمل التوصل الى حل وسط مع الجمهوريين وحذر من ان “جميع الأميركيين سيضطرون لتقديم تضحيات”. ومما قاله أوباما ايضا قبل ايام “انا لست ساذجا واعرف ان معارك صعبة تنتظرنا في الاشهر القليلة المقبلة”. ونقلت الصحف الأميركية معلومات عن عزم الرئيس على تغيير عدد من المحيطين به لاستبدالهم باشخاص اكثر شراسة في الدفاع عن مشاريعه.
هذا واعتبر كاين ان “الاحتمال ضئيل جدا” في ان يواجه أوباما تهديدا من مرشح ديموقراطي آخر للحصول على ترشيح الحزب للانتخابات الرئاسية عام 2012. وقال تيم كاين لشبكة “اعتقد ان الاحتمال ضئيل جدا في ان يواجه الرئيس منافسا في الحزب الديموقراطي”.
واضاف “هناك دائما امكانية ظهور مرشح هامشي (لترشيح الحزب الديموقراطي). اذا هل يمكن ان يتقدم احد؟ نعم يمكن ذلك لكنني اعتقد ان احتمال ان يهدد منافس جديا الرئيس غير وارد نظريا”. وشأن كل سابقيه في البيت الابيض من المحسوم تقريبا ان يسعى أوباما، الذي انتخب عام 2008، الى اعادة انتخابه لولاية ثانية بعد اقل من عامين.
الا ان الرئيس لم يعلن بعد موقفه في هذا الشان. وحتى الان لم يسهم الانكماش والبطالة التي لا تزال مرتفعة في زيادة شعبية الرئيس الذي لا يحظى اداؤه سوى بتأييد 47 بالمئة من الأميركيين.
وهذه الصعوبات تدفع البعض الى التفكير في امكانية ان يرشح ديموقراطي منشق نفسه. وفي الجانب الجمهوري لم يعلن اي عضو حتى الان تقدمه للحصول على ترشيح الحزب للرئاسة. الا ان مرشحة الحزب السابقة لمنصب نائب الرئيس سارة بيلن المحت الى احتمال ترشيح نفسها.
ورغم النكسة التي مني بها أوباما في هذه الانتخابات تمكن قبيل نهاية السنة من تمرير بعض القوانين المهمة رغم العرقلات الجمهورية. فقد توصل الى تسوية حول الضريبة، ونجح في الغاء القانون الذي يحظر على الجنود المثليي الجنس الاجهار بميولهم، كما تمكن من تمرير المعاهدة الجديدة لنزع السلاح النووي “ستارت ٢” مع روسيا.
من ناحية أخرى، فإن نواب الحزب في مجلس النواب يعتزمون تمرير قانون لإبطال الإصلاحات التي أدخلها الرئيس الديمقراطي باراك أوباما على برنامج الرعاية الصحية.
وذكر براد دايسبرينغ المتحدث باسم زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس النواب إريك كانتور إن المجلس سيصوت يوم 12 كانون الثاني (يناير) الجاري على قانون إبطال إصلاح الرعاية الصحية، مشددا على أنه سيقر في مجلس النواب.
ورغم سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب بأغلبية 242 مقعدا مقابل 193 مقعدا للديمقراطيين فإن الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه أوباما احتفظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ حيث يشغل 53 مقعدا بينما يشغل الحزب الجمهوري 47 مقعدا. ومن المرجح أن يعطل الديمقراطيون أي محاولة لإبطال قانون الرعاية الصحية الجديد.
الكونغرس يتوعد أوباما بقرارات حازمة
ومن جهته، حذر الرئيس الجديد لمجلس النواب الأميركي وزعيم الأغلبية الجمهورية جون بوينر من أنه سيكون على الكونغرس اتخاذ “قرارات حازمة” بشأن السياسة الاقتصادية التي يتبعها الرئيس باراك أوباما، منبها إلى أن إنفاق الحكومة “تجاوز حدود الممكن”.
وقال بوينر بعد انتخابه الأربعاء الماضي رئيسا لمجلس النواب إن الإنفاق الحكومي أثر على الشعب الأميركي، مشيرا إلى أن “ديننا سيتجاوز قريبا حجم اقتصادنا كله”.
وقد انتخب مجلس النواب الأميركي جون بوينر رئيسا له خلفا للديمقراطية نانسي بيلوسي، وذلك بعد أن فاز الحزب الجمهوري بأغلبية مقاعد المجلس في انتخابات التجديد النصفي التي جرت في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وكان الجمهوريون قد تعهدوا بعد نتائج الانتخابات النصفية بالعمل لإلغاء العديد من القوانين التي سنت في عهد الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب والشيوخ، وقال بوينر آنذاك إن هذه الانتخابات قدمت للجمهوريين “تفويضا واضحا بالعمل لتقليص الحكومة وإلغاء قانون الرعاية الصحية”.
واعتبر بوينر في مؤتمر صحفي آنذاك بعد نتائج الانتخابات أن قانون الرعاية الصحية “سيدمر النظام الطبي ويفلس البلاد”، متعهدا ببذل الجهود لإلغاء المشروع.
دعوات للتعاون
وقد حث أوباما الجمهوريين على العمل معه لاسترداد عافية الاقتصاد الذي لا يزال هشا، وخفض مستوى البطالة الذي لا يزال قرب 10 بالمئة.
وقال أوباما في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” “بوضوح لدينا الكثير من العمل، ينتظر الشعب الأميركي منا أن ننطلق فورا بقوة ونجاح في العمل مع هذا الكونغرس الجديد لتعزيز نمو الوظائف والمحافظة على استمرار التعافي”.
وأضاف “أنا واثق جدا من أنهم سيعرفون أن مهمتنا هي أن نحكم وأن نتأكد من أننا نوفر الوظائف للأميركيين وبأننا نبني اقتصادا قادرا على المنافسة في القرن الـ21”.
كما دعا كل من وزير الخزانة الأميركية تيموثي غيثنر ووزيرة الصحة كاثلين سيبليوس الجمهوريين في رسالة إلى بوينر إلى النظر في إيجابيات قانون الرعاية الصحية قبل التصويت على إلغائه.
Leave a Reply