المحامي الظريف: ندرس وضع المتقدم لإيجاد برنامج الهجرة الأنسب له
ويندسور – خاص “صدى الوطن”
شهدت الهجرة من الولايات المتحدة الى كندا طفرة في مطلع الألفية الثالثة، فمع المضايقات التي تعرض لها العرب في الولايات المتحدة بعد هجمات “١١ أيلول” عام ٢٠٠١ وتعقيد قوانين الهجرة فيها، ازداد عدد الراغبين بالهجرة منها الى كندا، البلد الهادئ الذي يؤمن للمهاجرين حياة أكثر استقراراً، من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية.
ورغم التحديات الأميركية المستجدة والمغريات الكندية، صرف الكثيرون النظر عن الهجرة الى كندا بسبب الفرص الاقتصادية المتوفرة بشكل أكبر في الولايات المتحدة خاصة “في حال فتح الحظ بابه في بلاد العم سام”، كما يقول “أبو علي” وهو ينتظر موعده في أحد مكاتب محامي الهجرة الى كندا في مدينة ويندسور، المحاذية لديترويت. ويضيف “أبو علي” وهو أحد العرب القاطنين في ميشيغن، “آفاق النجاح قبل أربع سنوات كانت مفتوحة في أميركا وتستحق المجازفة، عوضا عن القبول بـ”صدقات” الدولة الكندية التي تؤمن عيش مقبول.. لا أكثر”.
ويضيف الرجل الأربعيني مبتسماً “اليوم تخليت عن الحلم الأميركي فمازلت انتظر الجنسية منذ ثلاث سنوات.. ولا جديد.. الحالة الاقتصادية في أميركا كما الجميع يعلم يُرثى لها، وأنا لدي عائلة لا يمكن أن أعيلها في ظروفي الحالية”.
حال “أبو علي” لا يختلف عن عشرات العرب الذين يزورون مكاتب المحامي مروان ظريف في ويندسور أسبوعياً للاستفسار عن الهجرة الى كندا وما يمكن أن توفره للذين ضاقت بهم سبل العيش في أميركا خاصة بعد الركود الذي أصاب الولايات المتحدة عموماً، وميشيغن بشكل خاص منذ عام ٢٠٠٧.
وتتعرض قوانين الهجرة من الولايات المتحدة الى كندا الى تعديلات بشكل دائم، خاصة وأن هذين البلدين الجارين اللذين يتشاركان بأطول حدود بين دولتين في العالم، يُخضعان قوانين وسياسات الهجرة اليهما من كل بلدان العام الى التعديلات بين فترة وأخرى.
المحامي الظريف استقبل “صدى الوطن” في مكاتبه وهو مستشار في دائرة الهجرة الكندية لشرح بعض القوانين والمستجدات التي تطلبها دائرة الهجرة الكندية.
كندا بلد الأمان والتأمين
يبدأ الظريف حديثه بالإضاءة على ما يجعل كندا مكانا مغريا للعيش. “كندا بلد مميزة بأنها بلد أمان. فنسبة الجرائم فيها لا تقارن مع نسبة الجرائم في الدول الأخرى. وبالمقارنة مع بقية الدول فكندا لا تعاني من أية أزمة اقتصادية، فلا يوجد في كندا تيارات إعلان الإفلاس والمشاكل الأخرى غير موجودة. القوانين الكندية تضمن المعاملات القانونية بين الناس وبين المستثمر ومن ضمنها معاملات الهجرة”.
ويتابع الظريف مؤكداً “معاملات الهجرة الكندية كاملة متكاملة خالية من الفوضى”.
ويقول الظريف “المواطن الكندي يتمتع بامتيازات كثيرة منها مثلاً العناية الصحية والتأمين الصحي المجاني موجود وغير محدد، مهما كانت مشكلة المريض، مثل أمراض السرطان وغيرها. أنا أعرف ناس في أمريكا يضطرون لبيع كل ما يملكون لتأمين نفقات علاجهم. والعناية الصحية في كندا لا تغطي العلاج فقط بل تشمل أيضاً الأدوية”.
نظام تربوي متقدم
ولا تقتصر تقديمات الدولة الكندية لرعاياها على مجال التأمين الصحي، فيقول الظريف “ان نظام المدارس في كندا جيد بالنسبة للتلميذ، المجتمع الموجود في المدرسة والأنشطة مستواها جيد جداً ونسبة المدارس أعلى من الموجود في أميركا”.
أما الأطفال فلهم معاملة جيدة يقول الظريف “فهناك مخصصات مالية لكل طفل في كندا يعتبر كمرتب يصرف له من الحكومة، لنأخذ مثلاً عائلة من ثلاثة أطفال تحت سن 12 سنة تحصل على مبلغ ألف دولار شهرياً فالأسرة التي تحضر إلى كندا تحصل على مخصصات مالية لأطفالها”.
ويتابع الظريف “بالنسبة للغات فالقادمون الجدد والتلاميذ في المدارس يتعلمون لغتين: الإنكليزية والفرنسية، وأي شخص يتقن اللغتين يحصل على ميزات كبيرة في الحصول على عمل حكومي، وبالنسبة للأقلية العرقية لا تشعر بأنك غريب أو أجنبي وهذا إحساس لا تشعر به في أميركا لأن المجتمع الكندي مجتمع متعدد الثقافات تندمج فيه بصورة طبيعية”.
مجتمع منفتح
وينتقد الظريف في معرض كلامه الوضع الاجتماعي القائم للجاليات في أميركا ويقول “في أميركا يعاني المهاجر الجديد من الانعزال، وكأنك معزول عن جوارك. فمثلاً منطقة ديترويت مقسمة إثنياً: مناطق للبيض ومناطق للسود ومناطق للمكسيكيين ومناطق للعرب وغيرهم حيث تعيش كل فئة في مناطق مختلفة عرقياً بينما في كندا لا يوجد هذا التقسيم فباستطاعتك اختيار المنطقة التي تريدها وتقيم فيها وفي الأحياء التجارية يمكنك أن تتجول فيها بعد منتصف الليل في أمان وسلام. فالحياة في كندا هي الأفضل بالنسبة للعائلة”.
فرص العمل
مع ارتفاع نسبة البطالة في الولايات المتحدة وخاصة في ميشيغن، توجهت أنظار الكثيرين في الولاية المترنحة اقتصاديا، عبر الحدود، الى الدولة المجاورة كندا لإيجاد فرص عمل. ورغم أن المعادلة هذه كانت مثار سخرية قبل أقل من أربع سنوات إلا أنها أصبحت أمراً واقعاً اليوم.
يقول الظريف “اليوم مستوى الأجور في كندا جيد جداً، وخاصة في المدن الكبرى مثل فانكوفر وتورنتو ومونتريال، حتى المناطق الصغيرة تجد فيها فرص عمل، فمثلا مقاطعة ألبرتا تزدهر اقتصادياً رغم أنها تعتبر من المقاطعات الريفية”. ويتابع الظريف حديثه عن ثاني أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، “المشاكل الاقتصادية التي نسمع عنها في أميركا نحن لا نشعر بها في كندا. وفي أسوأ الأحوال لدينا نظام تأمينات اجتماعية متطور، فمن يفقد عمله تبادر الحكومة إلى تأمين احتياجاته المعيشية ولا تتركه يعاني من فقدان موارده المعيشية”.
آليات الهجرة
بعد خوضه المطول في شرح طبيعة الحياة في كندا وميزاتها، يبدأ الظريف حديثه عن سبل الهجرة الى الدولة الجارة، ويقول “لدينا في كندا عدة برامج للهجرة، فأي شخص يريد الهجرة الى كندا ما عليه الا أن يتقدم الى أحد مكاتب محامي الهجرة لإجراء تقييم لـ”وضعه” حيث يتم تقديم طلبه للدوائر الرسمية في إطار البرنامج الذي يناسب “وضعه”، وفي مكتبنا نقوم بتقييم المتقدمين مجانياً لإيجاد أفضل برنامج مناسب له”.
وعند سؤاله عن ما معنى “وضعه” يشرح لنا الظريف بالقول “مؤهلاته العلمية، مقدرته المالية كمستثمر، أو أن يكون له أقرباء في كندا يتكفلون بنفقات معيشته.. وغير ذلك”.
ويتابع “هناك معلومات كاملة موجودة على موقعنا الالكتروني (www.canadabychoice.com)، وأي شخص يتصل بنا نطلب منه موافاتنا بمعلومات شخصية عن وضعه العائلي، فحجم العائلة له تأثير على طلب الهجرة الخاص به. وكل شخص يتصل بنا نقوم بتقييم وضعه ونضعه في البرنامج الذي يناسبه أكثر”.
ورغم أن المعاملات تتطلب وقتاً، إلا أن الظريف يؤكد الثقة العالية بالعمل الإداري الكندي.
اللجوء
وعن موضوع اللجوء الى كندا فهو بدوره موضوع متشعب، ويقول الظريف “هناك الكثيرون يتصلون بنا لمعرفة نظام اللجوء إلى كندا. ونبدأ بالحديث عن موضوع الكفاءات: فلها ستة ميزات، وهي مبنية على النقاط (العلامات) حتى لا يتهمنا أحد بالتمييز العنصري ضد جنسية ما أو أخرى. في الماضي كانت مصادر الهجرة إلى كندا هي أوروبا، إنكلترا والناطقين باللغة الإنكليزية ومن اسكوتلندا وإيرلندا. لذلك غلب المجتمع الإنكليزي على كندا لذلك فإن نظام العلامات يتلافى أي تمييز. فمن يحصل على 67 نقطة يعتبر مقبولاً للحضور إلى كندا. وموقعنا على شبكة الإنترنت يوضح ذلك. وباستطاعة أي متصفح للشروط أن يقيم طلبه ويعرف إن كان بمقدوره الحصول على الـ 67 نقطة فيمكننا إجراء امتحان للطالب على الإنترنت، فإذا نجح يتم المباشرة بإجراء معاملته، أما إذا لم تتوفر فيه النقاط المطلوبة فنحاول تحليل وضعه وفق برنامج آخر”.
وتندرج الشروط في ستة بنود هي:
1- العمر: أن يكون سنه أقل من 49 سنة.
2- الثقافة : أن يحمل شهادة جامعية وأعلى.
3- أن يكون لديه خبرة مهنية بحدود الـ4 سنوات وهذه الخبرة تضيف المزيد من النقط لرصيده.
4- اللغة: مقدرة لغوية إنكليزية أو فرنسية والأفضل الإثنين معاً. ويشترط الخضوع لامتحان لغوي للحصول على نقاط.
5- المقدرة على إدارة عمل. فمن يحصل على عرض عمل إداري كأن يدير مشروعاً والعرض المقدم له مصدق من دائرة العمل في كندا، فيمكن التقدم بطلبه للحضور إلى كندا. وهناك لائحة بالتخصصات المطلوبة، ولكن الذي يحصل على هذا العرض فإنه لا يتقيد بهذه اللائحة.
6- هناك ميزة أن يكون لك أخ أو أقارب تكسب 5 نقاط، وكذلك إذا كانت زوجة المقدم متعلمة يكسب 5 نقاط أخرى.
إذا لم يحصل المتقدم على النقاط المطلوبة يبلغ بفشله.
المستثمرون
ويتابع الظريف حديثه عن برامج الهجرة الى كندا منتقلاً الى برنامج خاص برجال الأعمال، فهناك الكثير منهم يرغبون في القدوم إلى كندا كمستثمرين.
وهذا البرنامج، حسب الظريف، يتطلب التأكد من أن المتقدم لديه خبرة في إدارة الأعمال قبل حضوره إلى كندا، حيث يجب أن تكون لديه خبرة في التعامل مع رجال الأعمال وفي التعامل مع الموظفين إضافة الى أموال تقدر بحوالي 3٠0 ألف دولار على الأقل.
ويقول الظريف “يشترط على القادم أن يفتح مشروعاً تجارياً لأن ترخيص وجوده في كندا سيكون مؤقتاً، حيث يجب عليه قبل كل شيء اختيار محاسب كندي وأن يودع مبلغ 100 ألف دولار. ويجب أن يوظف شخص كندي، وعليك تقديم تقرير كل ستة أشهر لدائرة الهجرة للتأكد من أنه فعلاً أقام مشروعاً تجارياً، وبعد مرور 3 سنوات يجب أن يتقدم بطلب تسوية وضعه وبعده يصبح وجوده في كندا عادياً غير مقيد ويمكنه التقدم بطلب للحصول على الجنسية الكندية”.
ولكن الظريف يؤكد وجود التباس في هذا الموضوع “فالكثيرون يعتقدون أنهم بمجرد افتتاحهم مشروعاً في كندا يحق لهم الهجرة إليها، وهذا غير صحيح لأنه لا يملك ترخيص عمل، ويجب أن تتوفر في المستثمر الشروط الخاصة بالاستثمار. الكثيرون يحضرون إلى كندا ويتكبدون نفقات دون أن يكونوا مؤهلين ليكونوا مستثمرين”.
ويتابع الظريف “يوجد برنامج إستثماري يجب الخوض فيه ويقوم على إيداع مبلغ معين لدى الحكومة الكندية لمدة 5 سنوات، وبعدها يعود المبلغ إلى المودع. المبلغ 400 ألف ولكن المبلغ يُجمد وهناك نية لرفعه إلى 800 ألف. وسيصبح هذا المبلغ مليون و800 ألف. وفي أميركا توجد قيود على الاستثمار، لكن في كندا لا توجد أية قيود أو شروط ويتمتع المستثمر بحقوق كاملة”.
الهجرة الى كيبيك
كذلك يناقش الظريف موضوع الهجرة إلى مقاطعة كيبيك (مركزها مونتريال)، فهذه المقاطعة، التي لديها نوازع انفصالية، عندها برنامجها الخاص بالهجرة. وتصدر كيبيك لطالبي الهجرة شهادة على مستوى المقاطعة، ولكن يجب أن يمر الطلب على الحكومة الفدرالية الكندية التي تتولى فحص الطلب والحالة الصحية وطبيعة العمل.
ومقاطعة كيبيك التي يسكنها الكثيرون من أبناء البلاد العربية الذين يتكلمون الفرنسية مثل لبنان والجزائر وتونس، شروط وفرص عمل خاصة، فمثلاً وظيفة “مندوب إعلانات”، غير مطلوبة على مستوى كندا ولكنها مطلوبة في كيبيك.
وكل مقاطعة كندية عندها برنامج هجرة خاصة بها، وتشترط إقامة الطالب في تلك المقاطعة أو كان يقيم فيها من قبل. فالكثيرون من المتقدمين الذين تابعوا دراساتهم في كنداو لديهم تراخيص عمل إلى جانب دراساتهم تصبح لديهم فرصة للتقدم كمهاجر إلى كندا.
طلاب
ويقول الظريف “ننصح الكثيرون بالقدوم كطلبة بموجب تأشيرة دخول دراسية، ويمكنهم التقدم بطلب إذن عمل إلى جانب متابعتهم الدراسة. باب الدراسة في كندا مفتوح ويعمل لمدة سنة كاملة يحق له التقدم للحصول على الأوراق المؤهلة سواء درس في معهد أو جامعة. فلو انتسب إلى معهد لمدة سنتين وعمل بعد التخرج لمدة سنة يصبح مؤهلاً للتقدم للحصول على الأوراق. وهناك برنامج خاص بالموجودين في كندا. فإذا توفرت لديه خبرة في العمل والثقافة يحق له التقدم لهذا البرنامج”.
ويختم الظريف حديثه لـ”صدى الوطن” بالقول “كندا بلد يرحب بالمهاجرين الذين تتوفر فيهم الشروط التي تحدثنا عنها وقد بلغ عدد المهاجرين حوالي 10 مليون، والهدف زيادة هذا العدد، أما الذين لا يحسنون التكلم باللغة أو غير المتعلمين فهم غير مرغوب بهم”.
والجدير بالذكر أنه يبلغ عدد سكان كندا حوالي ٣٤ مليون نسمة (بكثافة ٣.٥ شخص في الكيلومتر المربع الواحد)، يتركزون في المدن الكبرى المنتشرة على الحدود الأميركية-الكندية. ويبلغ عدد العرب الكنديين حوالي نصف مليون نسمة، يتركزون في مدن مونتريال (حوالي ١٠٠ ألف عربي) وتورونتو (٢٥ ألف) وفانكوفر (١٤ ألف) وكالغاري (١١ ألف) وإدمنتون (١١ ألف) ومدن ويندسور ولندن وهاميلتون (حوالي ١٠ آلاف في كل مدينة).
Leave a Reply