“الجزيرة” “تفضح” السلطة و”فتح” تتهمها بـ “التآمر على الشعب الفلسطيني”
رام الله – في خضم التحركات الشعبية ضد الأنظمة في أنحاء البلاد العربية تسربت الى العناوين الرئيسية في الإعلام العربي، “فضائح السلطة الفلسطينية” عبر تسريبات عرضتها قناة “الجزيرة” الفضائية تظهر تنازلات سرية قام بها الجانب الفلسطيني لصالح إسرائيل فيما يتعلق بالقدس وحق العودة وضرب المقاومة.
وقالت تقارير وثائق مسربة إن مفاوضين فلسطينيين قالوا سرا انهم مستعدون للتخلي عن القدس وقبول عودة عدد محدود من اللاجئين في اطار اتفاق سلام مع إسرائيل إضافة الى تعاونهم الأمني مع الكيان الصهيوني لمواجهة “حماس” وإضعافها عسكرياً وسياسياً.
من جهتها ردت اللجنة المركزية لحركة “فتح” بحملة على قناة “الجزيرة” قائلة ان “الحملة المغرضة التي تشنها القناة تهدف الى دعم الانقلاب على الشرعية في قطاع غزة” في إشارة الى “حماس”.
والوثائق المذكورة جزء من 1600 وثيقة بدأت “الجزيرة” (و”الغارديان البريطانية) بنشرها الاحد الماضي وتشير الى ان المفاوضين الفلسطينيين كانوا مستعدين أن يقدموا لاسرائيل تنازلات في قضايا الصراع الجوهرية أكبر مما ذكر من قبل.
ويقول مسؤلون فلسطينيون إن التسريبات تتضمن معلومات سبق نشرها وادانوا نشرها في الوقت الحالي بوصفه تخريبا هدفه تضليل الرأي العام.
وتركزت الوثائق الأولى التي نشرتها “الجزيرة” على مناقشات جرت في محادثات سلام سابقة بشأن مستقبل اللاجئين الفلسطينيين الذين يقدر عددهم بنحو ستة ملايين لاجئ فلسطيني كثير منهم من أسلاف الذين فروا أو طردوا خلال الحرب عام 1948.
وتقول احدى الوثائق المسربة ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس عارض في احد الاجتماعات مع مسؤولين فلسطينيين في اذار (مارس) عام 2009 اقتراح عودة واسعة النطاق للاجئين قائلا “من غير المنطقي ان نطلب من إسرائيل ان تستوعب خمسة ملايين او حتى مليونا فذلك ايذان بنهاية إسرائيل”.
واشار عباس إلى أن إسرائيل وافقت على استقبال 5000 لاجئ على مدى خمسة اعوام. وتقول وثائق اخرى ان إسرائيل زادت عرضها فيما بعد قريبا من 25 الفا.
وكانت إسرائيل اشارت الى أنها سترفض اي عودة واسعة النطاق للاجئين الى اي مكان الا الدولة الفلسطنية المتصور قيامها في الضفة الغربية خشية ان يتسبب تدفق هائل من اللاجئين الى اسرائيل الى تقويض الاغلببة اليهودية.
ونقلت “الجزيرة” عن كبير المفاوضيين الفلسطينيين صائب عريقات قوله للمبعوث الاميركي للشرق الاوسط جورج ميتشل في شباط (فبراير) عام 2009 “فيما يتعلق باللاجئين فان الاتفاق موجود”.
ونسب الى عريقات قوله في كانون الثاني (يناير) عام 2010 ان الفلسطينيين عرضوا على اسرائيل اعادة “عدد رمزي” من اللاجئين وألا يكون للاجئين المنتشرين في شتى أنحاء العالم كلمة في استفتاء مقترح بشأن أي اتفاق سلام.
وكانت تقارير مسربة أخرى اشارت الى مدى التعاون الإسرائيلي-الفلسطيني في مواجهة “حماس” والتخلي الفلسطيني عن معظم مدينة القدس.
ورفض المسؤولون الاسرائيليون بوجه عام التعقيب لكن مسؤولا في مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يفصح عن هويته نقلت عنه اجهزة الاعلام على نطاق واسع سخريته من التسريبات التي تقول ان الفلسطينيين مستعدون للتخلي عن بعض السيطرة على اجزاء من القدس الشرقية من اجل ابرام معاهدة سلام.
واثار نشر الوثائق ادانة من جانب الزعماء الفلسطينيين ولكنها اثارت ايضا غضبا بين عرب كثيرين يخشون من استعداد المفاوضين الفلسطينيين لتقديم اراض اكثر مما يجب بشأن قضايا حساسة مثل مستقبل القدس.
وكشفت الوثائق تنازلات كان المفاوضون الفلسطينيون مستعدين لتقديمها في 2008 قبل تولي الرئيس باراك اوباما الرئاسة وبدء جهوده لاحلال السلام والتي تعثرت بعد ذلك في تبادل للاتهامات بين الجانبين.
ويثير هذا الجدل مشكلات داخلية جديدة لعباس وهو معتدل اضعفته بالفعل حقيقة انه لا يحكم سوى الضفة الغربية في الوقت الذي تسيطر فيه “حماس” على قطاع غزة.
وعباس من المفضلين لدى الولايات المتحدة وهو يؤيد منذ فترة طويلة حل الصراع الدائر منذ عشرات السنين على اساس قيام دولتين. ولكن تعين على عباس التصدي لاتهامات من متشددين بانه مهادن اكثر مما يجب تجاه اسرائيل وعرضة للضغوط من واشنطن.
فتح: “الجزيرة” تنفذ مؤامرة
تمزيق الصف الفلسطيني
ومن جانبها اتهمت اللجنة المركزية لحركة “فتح” الخميس الماضي قناة “الجزيرة” بتنفيذ “مؤامرة خططت لها اطراف عربية واقليمية” ضد الشعب الفلسطيني وقيادته بعد بثها لوثائق سرية.
ودانت اللجنة المركزية في بيان اثر اجتماع لها في رام الله برئاسة الرئيس محمود عباس “بشدة الحملة المغرضة، ذات الاهداف المشبوهة التي تشنها قناة “الجزيرة” ضد منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية”.
واتهمت مصادر في السلطة الفلسطينية الثلاثاء الماضي موظفا سابقا في مكتب كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات يعمل حاليا في ديوان امير قطر بسرقة وتسريب الوثائق السرية.
وقالت المصادر ان الموظف كان يعمل في دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية و”تم انهاء خدماته قبل سبعة اشهر”.واضافت المصادر ان المشتبه به فرنسي الجنسية من اصل فلسطيني وانه يعمل حاليا “في ديوان القصر الاميري في قطر”. وأحرق شبان فلسطينيون الثلاثاء الماضي في ساحة المقاطعة، أمام مقر الرئيس محمود عباس في رام الله، صورا لأمير قطر حمد بن خليفة ال ثاني واعلاما اسرائيلية رسم عليها شعار قناة “الجزيرة “.
واشنطن تسارع للاحتواء
وفي واشنطن، سارعت الولايات المتحدة الاثنين الماضي لاحتواء الآثار الدبلوماسية الناجمة عن الوثائق المسربة. ووعدت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون بألا يثني ذلك الولايات المتحدة عن سعيها لاعادة الحياة الى عملية السلام حتى مع اعتراف مسؤولين اميركيين بان ما نشرته “الجزيرة” من وثائق قد يؤدي الى تفاقم موقف صعب. وقالت كلينتون للصحفيين في المكسيك حيث تقوم بزيارة رسمية “لا اعتقد ان القضايا الموجودة بين الفلسطينيين والاسرائيليين تمثل اي مفاجأة. انها معروفة بشكل جيد منذ 20 عاما او اكثر. انها قضايا صعبة”.
وقال جيه.بي كراولي المتحدث باسم الخارجية الاميركية للصحفيين “اننا لا ننفي ان عملية النشر تلك ستؤدي الى زيادة صعوبة الموقف عما هو عليه بالفعل على الاقل لفترة”.
ولكن المراقبين لعملية السلام يبدون تشاؤما أكبر بعد تسريب الوثائق حيث رغم النتازلات الفلسطينية الكبرى لا تزال إسرائيل ترفض قيام دولة فلسطينية والسير قدماً في عملية السلام.
Leave a Reply