أكد الرئيس الأميركي، باراك أوباما أن الولايات المتحدة تسير في الاتجاه الصحيح، وبحاجة لإعادة تشكيل بعض أولوياتها في خطاب “حالة الاتحاد”، الثلاثاء الماضي، هو الثاني منذ توليه السلطة، أبرز فيه التقدم الذي حققته إدارته في أفغانستان والعراق وأغفل فيه عملية السلام في الشرق الأوسط.
ولم تحتل قضايا السياسة الخارجية خيزا كبيرا من خطاب الرئيس لتكون مؤشرا يكفي على ان باراك اوباما دخل في ذهنية الحملة الرئاسية للعام 2012 في خطاب تابع فيه تموضعه الوسطي محاولا ايصال رسالة متوازنة ترضي قاعدته الليبرالية وتحتوي اعتراض المحافظين عليه.
وقال أوباما في خطابه السنوي الثاني منذ توليه السلطة، إن واشنطن ستواصل سياستها الصارمة تجاه كوريا الشمالية وإيران إزاء طموحاتهما النووية، وشدد على عزم بلاده على دحر تنظيم القاعدة والتصدي لخططه العدوانية.
وتحدث عن قضايا داخلية، تحديداً الوضع الاقتصادي والتربية والتعليم وبرامج الرعاية الصحية، كما دعا في كلمته التي استمرت 61 دقيقة إلى زيادة الاستثمارات في مجالات رئيسية مثل التعليم والطاقة النظيفة وتجميد بعض الإنفاق الحكومي لمدة خمس سنوات في محاولة لتلبية الاحتياجات الفورية للنمو الاقتصادي والتوازن المالي.
وألقى الرئيس الأميركي الكلمة السنوية أمام الكونغرس بمجلسيه أمام واقع سياسي جديد يسيطر فيه الجمهوريون على مجلس النواب وبأقلية قوية في مجلس الشيوخ بعد انتخابات تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وجزم بوفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها في العراق، وأن القوات الأميركية تواصل انجاز مهامها هناك حسب الخطة المقررة لافتاً إلى “حرب العراق توشك على النهاية”. أما في أفغانستان فقد أشار إلى مهام “قتالية شاقة قدماً” مطالباً الحكومة الأفغانية، برئاسية حميد كرزاي، بتطوير سلطاتها، مضيفاً: “نقوي من قدرات الشعب الأفغاني وبناء شراكة راسخة معهم”. وأضاف “هذا العام سنعمل بجانب قرابة 50 دولة لبدء الفترة الانتقالية للفريق الأفغاني، وفي تموز (يوليو) هذا سنبدأ في إعادة قواتنا للوطن”.
ويشار إلى أوباما ينظر حالياً في مقترح لزيادة حجم قوات الأمن الأفغاني كوسيلة لتسريع سحب قواته من هناك، وفق ما كشف السيناتور، كارل ليفن (ديمقراطي-ميشيغن)، رئيس لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ.
وحول القاعدة، لوح أوباما برسالة واضحة للتنظيم مضمونها “لن نلين ولن نتراجع وسنهزمك”، مضيفاً: “نحن نحرم القاعدة من ملاذ استخدمته في السابق منطلقا لهجمات ١١ سبتمبر”. وأكد أوباما أن بلاده تواصل الضغط على قيادة القاعدة في باكستان، قائلاً: “في باكستان، قيادة القاعدة تحت ضغط هو أكبر من أي وقت مضى منذ عام 2001.. وملاذاتهم تهتز، وقد بعثنا رسالة لهم من حدود أفغانستان مرورا بشبه الجزيرة العربية إلى كافة أنحاء المعمورة: نحن لن نلين، نحن لن نتردد، وسنهزمكم”.
وحول الملف إيران النووي، قال الرئيس الأميركي في كلمته: “تواجه حكومة إيران حالياً عقوبات أقسى وأشد من أي وقت مضى، بفضل جهد دبلوماسي يشدد على أن تلبي إيران التزاماتها الدولية”. وحول كوريا الشمالية، التي وصفها خلفه الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، بأنها وإيران والعراق سابقاً بـ”محاور الشر”، أكد أوباما على ضرورة تخلي نظام بيونغ يانغ عن أسلحته النووية، وهو موقف يتفق مع موقف كوريا الشمالية.
اما في الشؤون المحلية، فذكر اوباما عبارة “فرص عمل” ثلاثين مرة في وقت تقترب فيه نسبة البطالة من عتبة 10 في المئة، داعيا الى تجميد الانفاق الحكومي المحلي على مدى خمس سنوات باستثناء الاستثمار في التربية والبنى التحتية والابحاث بهدف تقليص العجز الفدرالي، باعتبار ان الجمهوريين يركزون بالحاح على هذه القضية.
وفي الشأن الاقتصادي دعا أوباما إلى تثبيت حجم الإنفاق المحلي في الميزانية السنوية لخمسة أعوام، وإجراء إصلاحات هيكلية أوسع نطاقا لبدء معالجة “جبل الديون” الذي تواجهه الحكومة الفدرالية.
وقال أوباما في خطابه أمام أعضاء مجلسي النواب والشيوخ “الآن انتهى أسوأ تراجع ، ينبغي علينا مواجهة الحقيقة بأن حكومتنا تنفق أكثر مما تجمعه .. وهذا غير قابل للاستمرار”.
وجاء النداء نظرا لوصول عجز ميزانية الحكومة إلى مستويات قياسية، حيث زاد على 10 بالمئة من الناتج الاقتصادي بسبب الأموال التي أنفقتها إدارة أوباما لانتشال أكبر اقتصاديات العالم من أزمة عامي 2008 و2009 .
وكان غضب الناخبين إزاء الحالة الاقتصادية وتزايد عجز الميزانية، قد ساعد الجمهوريون على الفوز في انتخابات الكونغرس الأخيرة.
وكان أوباما قد دعا السبت الماضي إلى بذل جهود جديدة لفتح مزيد من الأسواق العالمية أمام السلع الأميركية، مشيرا إلى أن ذلك سيؤدي إلى توفير مزيد من الوظائف في البلاد وتقليص البطالة.
وقال أوباما في كلمته الأسبوعية التس سبقت خطاب “حالة الاتحاد” عبر الإذاعة والإنترنت “إذا كنا جادين في العمل من أجل الوظائف الأميركية والشركات الأميركية فإن أحد أهم الأشياء التي يمكننا عملها هو فتح مزيد من الأسواق أمام السلع الأميركية في شتى أنحاء العالم”. ومع استمرار ارتفاع معدل البطالة في الولايات المتحدة عند 9.4 بالمئة أكد الرئيس الأميركي أن توسيع التبادل التجاري ضروري لخلق مزيد من فرص العمل. ولم يذكر الرئيس الأميركي تفاصيل بشأن أولويات سياسته التجارية، لكنه أشار إلى اتفاق للتجارة الثنائية تم التوصل إليه أواخر العام الماضي مع كوريا الجنوبية، في علامة على أنه سيسعى جاهدا للتصديق عليه في الكونغرس الأميركي.
Leave a Reply