عمان – فيما يبدو استجابة، أو ضربة استباقية، لموجة الثورات العربية القادمة، أقال ملك الأردن عبد الله الثاني الأسبوع الماضي حكومة سمير الرفاعي التي تواجه منذ فترة مطالبات شعبية بإقالتها، وكلف خلفا له رئيس الوزراء السابق عضو مجلس الأعيان معروف البخيت بتشكيل حكومة جديدة، الأمر الذي لم يلق ترحيباً من المعارضة الإسلامية في المملكة الهاشمية.
وقد أعلن الديوان الملكي الأردني ظهر الثلاثاء الماضي، في قرار مفاجئ لمختلف الأوساط السياسية، أن عبد الله الثاني قبل استقالة حكومة الرفاعي التي لم يمض على تشكيلها سوى شهرين.
وقالت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن الملك كلف البخيت بتشكيل حكومة تكون مهمتها “اتخاذ خطوات عملية وسريعة وملموسة لإطلاق مسيرة إصلاح سياسي حقيقي.. على طريق تعزيز الديمقراطية” وتحقيق الإصلاح الاقتصادي. وجاء قرار تكليف البخيت (64 عاما)، وهو عسكري وسفير سابق في إسرائيل وتركيا، على وقع الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها الأردن منذ أسابيع للمطالبة بإقالة حكومة الرفاعي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإجراء إصلاحات دستورية. وكان الرفاعي قد شكل حكومته بعد أيام من إجراء الانتخابات النيابية التي قاطعتها قوى سياسية رئيسية، لاسيما الحركة الإسلامية القوة المعارضة الرئيسية في الأردن.
وفي كتاب التكليف الذي وجهه ملك الأردن للبخيت أشار عبدالله الثاني إلى ما أسماها “ثغرات واختلالات” عانت منها مسيرة الحكومة السابقة “أنتجها خوف البعض من التغيير ومقاومتهم له حماية لمصالحهم”.
كما أشار إلى أن من أسباب فشل الحكومة السابقة في تحقيق رؤيته “الإصلاحية التحديثية التطويرية الشاملة” هو “التردد في اتخاذ القرار من قبل الكثيرين ممن أوكلت إليهم أمانة المسؤولية، إضافة إلى سياسات الاسترضاء التي قدمت المصالح الخاصة على الصالح العام”.
وطالب عبدالله رئيس الحكومة المكلف بإجراء “عملية تقييم شاملة تفضي إلى إجراءات فاعلة تعالج أخطاء الماضي”، معتبراً أن “قانون الانتخاب” يأتي في مقدمة التشريعات التي تحتاج إلى إعادة تقييم و”تشمل قوانين الأحزاب والاجتماعات العامة والبلديات والعقوبات والمطبوعات والنشر وحق الحصول على المعلومة وغيرها”.
كما طالبه بتزويده في أسرع وقت ممكن بتوصياته حول “آلية حوار وطني شامل ممنهج” تتمثل فيه جميع مكونات وأطياف المجتمع الأردني “للتوافق على قانون انتخاب جديد يعزز الهوية الوطنية الجامعة”.
وحث الملك الحكومة الجديدة على “أن تقوم بكل ما هو مطلوب لتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني، وضمان حرية التعبير”، و”العمل على تطوير التشريعات لتشمل آليات ديمقراطية شفافة”، وتطوير البرامج والخطط التي “تحقق التوزيع العادل للمكتسبات وتوسع الطبقة الوسطى وتحمي الشرائح الفقيرة”، مؤكداً على أهمية “محاربة كل أشكال الفساد”. ويتهم معارضون الرفاعي وطاقمه الوزاري بالمسؤولية عن تردي الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد. ولم تفلح حزمة الإجراءات التي اتخذتها حكومته لتخفيف عبء الأوضاع المعيشية من وضع حد لحالة الاحتقان الشعبي التي تمثلت في مسيرات واعتصامات يشهدها الأردن منذ شهر تقريبا للمطالبة برحيل الحكومة.
يذكر أن البخيت تولى عام 2005 رئاسة الحكومة الخامسة في عهد عبد الله الثاني قبل أن تقدم استقالتها عام 2007 بعد انتخابات نيابية قالت هيئات حقوقية وسياسية معارضة إنها لم تكن نزيهة. وفي عهده تأزمت العلاقة بين الحكومة والحركة الإسلامية بشكل غير مسبوق، حيث وضعت الحكومة يدها على جمعية المركز الإسلامي التي تعتبر الذراع المالي للحركة، كما مُنع في عهده العديد من رجالاتها من الخطابة في المساجد.
وفي أول رد على تكليفه بتشكيل حكومة جديدة، أعلنت جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسي لجماعة “الإخوان المسلمين” في الأردن، انتقادها الشديد لتكليف البخيت، معتبرة أنه ليس إصلاحيا.
Leave a Reply