ديربورن، آناربر – خاص “صدى الوطن”
أسوة بـ”ثورة الياسمين” التونسية التي أطاحت بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، استقطبت “الثورة المصرية”، ومنذ انطلاقتها في 25 كانون الثاني (يناير)، اهتمام الشارع العربي من المحيط إلى الخليج، الذي أعلن عن تضامنه ووقوفه إلى جانب الشعب المصري ومطالبه بتغيير النظام الذي يحكم قبضته على البلاد والعباد منذ 30 عاماً.
ولم يقتصر التضامن على مشاهدة شاشات التلفزة ومتابعة آخر الأخبار من خلال الشبكة العنكبوتية وكتابة التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، بل وصل إلى حدود التظاهر أمام السفارات المصرية في بعض البلدان العربية، تأييدا للمظاهرات المليونية الاحتجاجية التي لم تقبل استعداد الرئيس المصري حسني مبارك، عبر خطابين، بإجراء بعض التغيرات تمهيداً لـ”انتقال” السلطة في مصر.
كما شهدت بعض مدن العالم مظاهرات تأييد ووقفات تضامنية مع أبناء “المحروسة”، وقف فيها المتظاهرون جنباً إلى جنب مع أبناء الجاليات المصرية، داعمين مطالبهم، ومنادين بحق المصريين في الحرية والديمقراطية. وفي الولايات المتحدة، تظاهر المئات من المصريين والعرب في بعض المدن الأميركية التي تتواجد فيها جاليات عربية ومصرية، مثل واشنطن ونيويورك وهيوستن وديربورن وآناربر، منددين بتسلط النظام، ومعبرين عن وقوفهم مع إخوانهم من المصريين، الذين يصرون رغم جميع الممارسات القمعية، على تحقيق أهدافهم بإسقاط النظام.
تظاهرة في ديربورن
ففي ديربورن، تظاهر مايقارب المئتي شخص، يوم السبت الماضي، تجمعوا رغم البرد الشديد وحملوا اللافتات، ورددوا شعارات تطالب الرئيس حسني مبارك بالتنحي عن السلطة، وتدعو الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التخلي عن دعم نظام مبارك.
وفي استطلاع لـ”صدى الوطن”، عبّر المصري محمد العيساوي، الذي قصد التظاهرة من مدينة ويندسور الكندية، عن خيبة أمله عن موقف الإدارة الأميركية، وقال “لقد اختارت هذه الإدارة دعم النظام الديكتاتوري بدل الوقوف إلى جانب الشعب المصري” وأضاف مشككا بمواقف الإدارة الأميركية “إن الإدارة الأميركية لا تهتم لتطلعات المتظاهرين وكل ما يهمها هو تحقيق مصالحها. إن أميركا لها تأثير كبير وهي إن أرادت التغيير فبإمكانها أن تطلب من مبارك التنحي، وإذا كانوا فعلاً يريدونه أن يفعل شيئاً وأن يقوم بالتغييرفسوف يطلبون منه ذلك، وسوف يستجيب لهم”.
وعلى الرغم من خطورة الأوضاع في مصر، قال العيساوي إنه يشجع أسرته على العودة إلى البلاد للمشاركة في المظاهرات الاحتجاجية وشدد على أن “كل واحد يجب أن يشارك، كل المصريين يجب أن ينزلوا إلى الشارع. المصريون لم يعودوا يخافون من المطالبة بحقوقهم، لقد انتهت تلك الحقبة وجاء الوقت من أجل “مصر جديدة”. إنها لحظة تاريخية”.
أحمد بسيوني من ديربورن، بدا متفائلاً بما ستؤول إليه الأوضاع في مصر، وقال “إنها مسألة وقت.. فلن يطول الوقت حتى يستجيب الرئيس حسني مبارك لمطالب المتظاهرين. سوف يسقط فهذه هي إرادة الناس. إنه يحاول الآن حماية نفسه وترتيب أوضاعه، ولا أظن أنه يستطيع الصمود أكثر”.
وأشار بسيوني إلى أن أخاه في مصر يشارك في المظاهرات مشددا على أن النزول إلى الشارع هو واجب على جميع المصريين.
وحمل المصري علي ليلى القادم من مدينة روتشستر لافتة كتب عليها بالإنكليزية: “مبارك.. أنت مطرود”، وقال “لطالما انتقد المصريون على صبرهم لممارسات الحكومة المصرية. لقد سمع المصريون للرئيس مبارك لمدة 30 عاما وجاء الوقت لكي يسمع هو للشعب المصري”.
وأضاف “إن العرب الأميركيين من مختلف البلدان يشاركون في هذه التظاهرة. يوجد عراقيون ويمنيون وسوريون. وإذا سقط مبارك فمن المتوقع أن تنطلق المظاهرات في البلدان العربية الأخرى كاليمن والأردن وسوريا”.
وقال طارق بيضون من “اللجنة العربية الاميركية للعمل السياسي” (ايباك) “بعض الناس يعتقدون ان الاستقرار في الشرق الاوسط هو اكثر اهمية من العدالة” هذه فكرة لم تعد صالحة. وقد احاطت بالتظاهرة عناصر من شرطة ديربورن لحمايتها، فيما انطلقت اصوات من داخلها تنادي برحيل مبارك، فيما آخرون هتفوا منددين بالطريقة التي يدير بها الرئيس الاميركي باراك اوباما الازمة في مصر. وقال عصام محمد وهو مواطن من ديربورن من اصل مصري وهو مهندس في شركة “فورد” للسيارات ساهم في تنظيم المسيرة “الولايات المتحدة بامكانها فعل افضل مما فعلته، باستطاعتها وقف دعم الانظمة الديكتاتورية”.
تظاهرة في آناربر
وفي محيط “جامعة ميشيغن-آناربر”، تظاهر العديد من الطلبة العرب الأميركيين، يوم الجمعة الماضي، مطالبين بالحرية والمساواة للشعب المصري، وذلك بتنظيم “جمعية الطلاب المسلمين” و”جمعية الطلبة المصريين”.
وحمل الطلاب اللافتات، والقى بعضهم كلمات مقتضبة، تعرّف بالأوضاع في مصر، وطبيعة الدور الأميركي الداعم للنظام المصري.
وقال رئيس “جمعية الطلبة العرب” في “جامعة ميشيغن-آناربر” بلال عدنان بيضون “إن الكثير من الطلاب لا يعرفون بحقيقة ما يجري بمصر، ومعظمهم أبدى اهتماما بتلك اللافتات التي تطالب الإدارة الأميركية بإيقاف دعمها للأنظمة الديكتاتورية”. وأضاف “معظمهم لا يعرفون ماذا يعني ذلك، ولذلك فنحن نقوم بشرح الموقف لهم”. وأشار بيضون إلى أن “الطلاب انقسموا إلى عدة مجموعات، وكل واحدة منها اختصت بشرح بعض الحالات التي يعاني منها المصريون، فمجموعة تظهر أن البعض في مصر لا يمكنهم تحمل مصاريف الجامعة، ومجموعة تظهر واقع الانتخابات.. وتوجد حالات مأساوية أخرى كلها نابعة بسبب تعسف النظام المصري”.
كونغرس المؤسسات يصدر بيان تضامن
وأصدر “كونغرس المؤسسات العربية الأميركية في ميشيغن”، يوم الثلاثاء الماضي، بياناً صحفياً يعبر عن دعم “العرب الأميركيين لمطالب أشقائهم في العالم العربي بالحرية والديمقراطية”.
وجاء في البيان أنه “على خلفية التطورات الأخيرة التي تجتاح العالم العربي، وتحديداً لجهة ما يجري في مصر وقبلها في تونس إضافة إلى أقطار عربية أخرى، عقد “كونغرس المؤسسات” في ميشيغن اجتماعاً، يوم السبت 31 كانون الثاني، لمناقشة تطورات الأوضاع الواسعة والعميقة في المنطقة العربية، والتداول في آثارها ونتائجها”.
وأشار البيان إلى أن المجتمعين، الذين يمثلون ما يزيد عن 40 منظمة عربية أميركية، يعربون عن تضامنهم ودعمهم لمطالب أشقائهم، في الشرق الأوسط والمغرب العربي، في الحرية والديمقراطية، ودعم حق الشعوب العربية في تقرير مصيرها.
وقال البيان “إن كونغرس المؤسسات يؤيد مطالب الشعوب العربية وتحركاتها وتطلعاتها نحو الحرية وتقرير المصير، وإن الجالية العربية في الولايات المتحدة تعارض ممارسات الأنظمة الشمولية والديكتاتورية ونهجها القمعي الذي أسفر عن مظاهر الفقر والبطالة وغياب الحريات العامة. وإننا ندعم مطالب المتظاهرين من أجل الحرية والديمقراطية والتغيير السياسي، ونحترم حقوق الإنسان”.
وقال الناطق الرسمي باسم الكونغرس، وناشر صحيفة “صدى الوطن” الزميل أسامة السبلاني: “إننا نؤمن أن مصالح الولايات المتحدة ستكون في حال أفضل إذا وقفت (الإدارة الأميركية) إلى جانب الشعوب في العالم العربي، وتخلت عن دعمها للأنظمة الحاكمة المستبدة”.
وطالب المجتمعون إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والكونغرس الأميركي باحترام إرادة الشعوب، “وليس الحكام الديكتاتوريين كما هو الحال منذ عقود عديدة”.
وأضاف السبلاني: “إن تحول الإدارة الأميركية نحو دعم الشعوب إن حصل، فهذا سوف ينسجم مع المثل والمبادئ الأميركية، وهذا هو الوقت المناسب لمساندة مئات الملايين من الناس المطالبين بحقوقهم بالعيش الكريم وتحقيق العدالة بعد عهود طويلة من المعاناة”.
وفي السياق، أصدرت “الجمعية الاميركية المصرية الاسلامية” في ميشيغن، حديثا بيانا الاثنين الماضي اكدت فيه دعمها للتظاهرات المطالبة برحيل مبارك، والانتفاضة الهادفة لاصلاحات سياسية واجتماعية في بلادهم.
وقال المحامي شريف عقيل وهو ناشط في مضمار الحقوق المدنية، من اصل مصري، ان المتظاهرين جاؤوا من اطياف متنوعة من المجتمع المصري واضاف “نشهد جهدا من مواطنين من مختلف الاديان والطبقات الاجتماعية، اغنياء وفقراء وعمال ومثقفين في الشوراع جنبا الى جنب”، وقال عقيل انه لم يكن يحلم بأن تتحول حركات الاحتجاج الى ثورة عارمة.
وقال انه يقدر خشية الولايات المتحدة من حدوث فراغ اذا ما اطيح بنظام مبارك، لكنه أكد ان التنوع في المتظاهرين سيفرز اشخاصاً معتدلين وعلمانيين سيقودون مصر في المرحلة المقبلة.
Leave a Reply