يشهد موقف إدارة الرئيس باراك أوباما من الانتفاضة الشعبية في مصر تخبطاً واضحاً رغم ان لهجته تزداد شدة بشكل يومي، ولكن دائما في منطقة الغموض والرمادية.
ومع تسارع الأحداث التي تشهدها البلاد منذ 25 كانون الثاني (يناير) الماضي، تراوح الموقف الأميركي بين الحذر الشديد والغموض وبعث رسائل مشفرة وأخرى واضحة للرئيس المصري من أجل أن يبدأ خطوات لنقل السلطة إلى غيره “بشكل منظم”.
وفي ما يلي رصد للمواقف التي أعلنها مسؤولون أميركيون منذ بداية الاحتجاجات المطالبة بتنحي مبارك يوم 25 من الشهر الماضي:
في اليوم الأول ركزت التعليقات الأميركية على الدعوة إلى ضبط النفس وعدم استعمال العنف بعد أن بدأت اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن.
وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إن تقييم الإدارة الأميركية للوضع هو أن الحكومة المصرية “مستقرة وتبحث عن طرق للاستجابة للاحتياجات المشروعة ولمصالح الشعب المصري”.
أما الرئيس الأميركي باراك أوباما فقد ألقى أمام الكونغرس خطاب “حالة الاتحاد” ولم يشر فيه إلى احتجاجات مصر، لكنه تطرق للثورة التي أطاحت بالرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي يوم 14 من الشهر الماضي، وقال إن الولايات المتحدة “تدعم التطلعات الديمقراطية لكل الشعوب”. ووصف بن علي بالديكتاتور لأول مرة.
في اليوم الثاني، وفي جواب على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن لا تزال تساند مبارك، قال غيبس إن “مصر حليف قوي” للولايات المتحدة، كما أكد أن واشنطن تراقب الوضع بمصر عن كثب وتؤيد حق المصريين في التجمع والتعبير. أما كلينتون فدعت السلطات المصرية إلى عدم استعمال العنف ضد المتظاهرين وإلى رفع المنع عن مواقع الإنترنت، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت إن أمام الحكومة المصرية “فرصة هامة الآن لتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية”.
في اليوم الثالث: وصف جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأميركي الرئيس المصري بأنه “حليف في جهود إحلال السلام في الشرق الأوسط”، وقال “لن أشير إليه على أنه دكتاتور”، في حين قال أوباما في تسجيله الأسبوعي على الإنترنت “مصر كانت حليفا لنا في كثير من القضايا لكني كنت دائما أقول لمبارك إن التأكد من أنهم يسيرون قدما نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي هو شيء حاسم من أجل الاستقرار طويل الأمد في مصر”. وبدوره قال دنيس مكدونو، نائب مستشار الأمن القومي إن البيت الأبيض يرى أن الاحتجاجات في مصر “فرصة أمام الرئيس مبارك للاستماع للشعب والقيام بإصلاحات سياسية”.
اليوم الرابع: أصدرت وزارة الخارجية الأميركية تحذيرا للمواطنين الأميركيين من السفر إلى مصر، في حين قال البيت الأبيض إنه بناء على الأحداث التي ستجري في الأيام المقبلة سيراجع المساعدات العسكرية التي تعطيها الولايات المتحدة لمصر وتقدر بنحو 1.5 مليار دولار كل عام. كما أجرى أوباما اتصالا هاتفيا بمبارك لمدة نصف ساعة، وذلك بعد خطاب ألقاه الرئيس المصري أقال فيه الحكومة ودعا فيه إلى الحوار. وقال أوباما إنه طلب من مبارك إجراء إصلاحات شاملة وأن يقدم على خطوات ملموسة وأفعال يفي من خلالها بوعوده التي قطعها في الخطاب. وقال أوباما، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض، “شعب مصر لديه حقوق عالمية” تشمل “الحق في التجمهر السلمي وتشكيل أحزاب، والحق في حرية التعبير وتحديد مستقبله”.
ومن جهتها حثت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) المؤسسة العسكرية المصرية على ضبط النفس في التعامل مع الاحتجاجات، وذلك في رسالة بلغت إلى وفد عسكري رفيع في واشنطن، سرعان ما قطع زيارته عائدا إلى مصر.
في اليوم الخامس، عقد أوباما اجتماعا عاجلا لمجلس الأمن القومي الأميركي لتقييم رد النظام المصري على الاحتجاجات الغاضبة، وأعاد فيه التأكيد على ضرورة إجراء إصلاح سياسي في مصر. وقال البيت الأبيض في بيان إن أوباما كرر في اجتماع الأمن القومي معارضته لاستخدام العنف، ودعا السلطات المصرية إلى ضبط النفس واحترام حقوق الإنسان والقيام بخطوات ملموسة من أجل الإصلاح السياسي في البلد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي بدوره إن الحكومة المصرية لا يمكنها الاكتفاء “بإعادة ترتيب الأوراق”، مؤكدا أن “كلمات مبارك التي تعهد فيها بالإصلاح يجب أن يعقبها عمل”.
وفي اليوم السادس: دعت كلينتون إلى ما سمته “تحولا منظما” بمصر لا يؤدي إلى فراغ في السلطة، واعتبرت أن تعيين مبارك لمدير المخابرات عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية غير كاف. وطالبت كلينتون بخطة “مدروسة تأتي بحكومة ديمقراطية قائمة على المشاركة”، وشددت على أن بلادها لا تريد أن ترى “استحواذا على السلطة لا يؤدي إلى الديمقراطية بمصر”.
وأكد أوباما بدوره دعمه لانتقال سلمي للسلطة إلى حكومة تلبي تطلعات الشعب المصري، وقال البيت الأبيض إن أوباما تباحث هاتفيا مع ملك السعودية عبد الله بن عبد العزيز ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إضافة إلى محادثات أخرى أجراها مع رئيس الوزراء البريطاني ديفد كاميرون. وأضاف أن الرئيس “خلال هذه الاتصالات أكد تركيزه على معارضة العنف والدعوة إلى ضبط النفس وتأييد الحقوق العالمية بما في ذلك حق التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والتعبير وتأييده لتحول منظم إلى حكومة تستجيب لتطلعات الشعب المصري”.
في اليوم السابع، بعث أوباما ممثلا عنه الدبلوماسي الأميركي السابق فرانك ويسنر إلى مصر ليبلغ مبارك رسالة مفادها أن عليه الإعداد لانتقال تدريجي للسلطة. وبحث فيسنر، وهو سفير أميركي سابق في القاهرة، مع مبارك الأزمة السياسية الحالية في مصر ورفع تقريرا إلى الرئيس الأميركي. وجدد أوباما في اليوم نفسه تأكيده على دعم الحقوق الأساسية للشعب المصري وتشكيل حكومة تستجيب لآماله.
في اليوم الثامن، يوم التظاهرات المليوني، أمرت وزارة الخارجية الأميركية كل الموظفين الدبلوماسيين الأميركيين غير الضروريين وأسرهم بمغادرة القاهرة، كما قال أوباما في بيان إنه تحدث إلى مبارك بعد أن ألقى خطابا ثانيا أعلن فيه أنه لا ينوي الترشح لولاية أخرى، وقال أوباما إنه طلب من مبارك أن يبدأ الآن انتقالا للسلطة سلميا وذا دلالة”.
في اليوم التاسع: أدان البيت الأبيض العنف الذي وقع في ميدان التحرير بعد أن هجم موالون لمبارك على معارضيه المعتصمين والمطالبين بتنحيه، وأعلنت واشنطن قلقها من استعمال العنف ضد المظاهرات السلمية. كما قال أوباما إن مبارك “يدرك أن الوضع القائم لا يمكن أن يستمر، ولا بد من حدوث تغيير”، ودعاه لانتقال “منظم وسلمي للسلطة”، من دون أن يدعوه صراحة إلى التنحي.
وفي اليوم العاشر، دعت وزارة الخارجية الأميركية رعاياها الراغبين في مغادرة الأراضي المصرية إلى الالتحاق فورا بالمطار استعدادا لعملية الإجلاء وحذرت الأميركيين من السفر إلى مصر. واتصل لاحقاً أوباما بمبارك لبحث سبل تخليه عن السلطة.
Leave a Reply