مازالت هذه الفكرة تضحكني.. أن يكون هناك يوم نحتفل فيه بالحبّ ونعبَّر فيه عن مشاعرنا إتجاه أحبّتنا. أن تكون لدينا القدرة على إختصار إحتفالية الحياة أو بالأحرى إختزال الحياة نفسها في يومٍ واحد.
فهذا الحبّ الذي يأخذ أوجهاً عديدة منذ نعومة أظافرنا..
هو بكاؤنا المرير عند حلولنا في هذه الدنيا، هو البسمة المتألمة على وجوه أمهّاتنا التي تتفتح عليها أعيننا، وحرصهن علينا بعد أن نرى أكثر مما قد رأين، هو حزم الآباء الذي يدفعنا إلى حافة الجنون ليعود إلينا بالعقل بعد حين. هو العلاقة الغريبة التي تجمعنا بإخوتنا الذين نختلف معهم بكل بشئ تقريباً، وهو طبعاً تلك العلاقة الجميلة التي تجمعنا بأصدقائنا الذين (وبطبيعة الحال) لا نمُّتُّ إليهم بأي صلة!
هو نفسه الحبّ الذي يدفعنا للمطالبة بالحرية، حيث الفضاء أرحب، وحيث تتلون الدنيا بكل ألوان الطيف بدلا من الأبيض والأسود، حيث الشعور بكل أنواع الأمان..
هو نفسه الذي دفع بوائل غنيم للتعبير عن مدى تعلقه بتلك الأرض الطاهرة التي دفعه حبّه لها للمخاطرة بكل ما يملك.. بروحه في سبيلها، وإشعال فتيل ثورة على أعتى سفّاحي العصر.
هو نفسه الذي دفع بالملايين إلى ميدان التحرير ليطالبوا بتحرير الإنسان الذي أحبّوه، والأرض التي عشقوها؛ وقدموا في سبيل هذا الحب الأحمر القاني.
هو، وهو.. والقائمة تطول؛ وليس ما “يحاول” الناس الإحتفال به في ١٤ شباط من كل عام سوى أرقى وأسمى أوجهه.
فأن يدفعك شخصٌ ما غريب كل الغرابة عنك إلى حافة الجنون ويعود بك إلى كامل رشدك، أن يُبكيك ويُضحكك في آن، أن تشتاقه وأنت إلى جانبه.. أن يحرِّك بداخلك كل فوضى الحواس،أن تفنى فيه ولأجله؛ لهو حدث أكبر من أي “ڤالانتاين”.. وطبعاً أكبر من أي يوم، هو أكبر من الحياة نفسها.
فحتى نحبَ “مصر” وكلّ أمصارنا العربية، وحتى نحبَ كل نظير لنا في الخلق، وحتى يدوم عشقنا للأحبة.. عندها فقط سأقول كل عام وأنتم بخير.
Leave a Reply