ديترويت – خاص “صدى الوطن”
رغم ظهوره عدة مرات على شاشة “الجزيرة” الفضائية، لم يخف موردخاي كيدار، أستاذ الدراسات العربية في جامعة “بار إيلان” الإسرائيلية، حنقه وغضبه على تلك القناة، واصفاً إياها بـ”القناة المهووسة بإسرائيل”، وذلك في ندوة تحت عنوان “صورة إسرائيل في الإعلام العربي” عقدت في كلية الحقوق في جامعة “وين ستايت”، ظهر الأربعاء الماضي، أدارها مدير تحرير صحيفة “ديترويت فري برس” نولن فينلي، وجمعت كيدار مع ناشر ورئيس تحرير صحيفة “صدى الوطن” الزميل السبلاني، اللذين تناوبا على عرض وجهات النظر حول عدد من المحاور المتصلة بقضايا الصراع العربي-الإسرائيلي.
وقال كيدار إن أكثر من 60 بالمئة من وقت القناة مخصص للهجوم على إسرائيل، وحقن الشعوب العربية بمشاعر العداء لها، في الوقت الذي تغض فيه النظر عن مشكلات الفقر والبطالة والديكتاتورية في العالم العربي، متجاهلة ما يحدث في قطر وثرواتها. وأضاف “إن الإخوان المسلمين هم الذين يتحكمون بقناة “الجزيرة” ويوجهون خطابها”.
وبدأ السبلاني حديثه بالإشارة، بالقول “أنا لم أخدم في الجيش وقد جئت إلى الولايات المتحدة كطالب لتحصيل العلم والمعرفة” في إشارة للتعريض بالمعلومة التي وردت أثناء تقديم كيدار لنفسه، والتي تضمنت “أنه خدم في الجيش الإسرائيلي، وتحديدا في المجال المخابراتي، لمدة تزيد عن 25 سنة”.
وقال السبلاني “يوجد في العالم العربي أكثر من 700 قناة تلفزيونية، وصحيح أن “الجزيرة” تركز على مسألة الصراع العربي-الإسرائيلي لكن في الوقت نفسه لديها اهتمامات أخرى، وصحيح أن “الجزيرة” تقود الرأي العام في العالم العربي، ولكنها في النهاية تقوم بنقل الأحداث ولا تخلقها أو تفبركها، ولذلك فإن الكثيرين يلومونها ويضغطون عليها من أجل ذلك، ومنهم إسرائيل ومصر نفسها”.
وأشار إلى أن القول “بأن الإخوان هم الذين يسيطرون على “الجزيرة”، هو بمثابة القول إن اليهود يسيطرون على الإعلام الأميركي والغربي، وهذا الكلام ليس صحيحاً في جميع الحالات”. ونوه السبلاني أن “قناة “الجزيرة” تملك مساحة كبيرة لتعدد الآراء وتنوعها، وإن عدم قبول العرب وعداءهم لإسرائيل ناتج بالدرجة الأولى عن الممارسات الإسرائيلية نفسها وقتلهم واضطهادهم للفلسطينيين”. وأضاف فيما يخص موضوع التطرف، إلى أن التطرف موجود في كل مكان، ولكن الإعلام الغربي يتعامى عن التطرف في إسرائيل.
الديمقراطية في إسرائيل
وادعى كيدار أن 20 بالمئة من مواطني إسرائيل هم من العرب، وأكثريتهم من المسلمين، وأنهم يتمتعون بكافة حقوقهم ولديهم جوازات سفر إسرائيلية ويستفيدون من مناخات الحرية والديمقراطية في إسرائيل، لدرجة أن الفلسطينيين الذي يعيشون خارج إسرائيل يسمونهم بـ”عرب الزبدة” في تدليل على رغد الحياة التي يعيشونها، بينما يعيش العرب في الدول العربية تحت أنظمة ديكتاتورية قمعية.
وفنّد السبلاني ادعاءات كيدار، وقال “لم أسمع في حياتي مثل هذا الوصف، ولكنني على يقين أن “عرب الزبدة” هؤلاء لا يشكرون دولة الاحتلال”، مضيفاً أن إسرائيل ليست دولة ديمقراطية.. وانها شنت حرباً على حركة “حماس” التي فازت في انتخابات ديمقراطية تمت تحت أنظار قوات الاحتلال، وتحت إشراف المجتمع الدولي. ونوّه السبلاني أن الأنظمة العربية القمعية “هي أنظمة تعمل خارج مصلحة الشعوب وهي مدعومة أميركيا وإسرائيليا، وما يحصل في مصر اليوم خير دليل على ذلك”.
التطورات في مصر والإعلام
وفي هذا الخصوص اعتبر كيدار أن الأصوات التي تنادي بتنحية الرئيس المصري حسني مبارك وطرده، هي بمثابة طرد للولايات المتحدة وإسرائيل كونهما تدعمان الرئيس مبارك. وقال إن “الجزيرة” قامت بنقل الشرارة من تونس إلى مصر، و”أنها تقوم بتشجيع الإخوان المسلمين وتلميع صورتهم”. وأوضح أن التوجه الإسلامي لقناة “الجزيرة” لا يمكن إنكاره، بسبب وجود الشيخ يوسف القرضاوي على شاشتها، وأنه “ليس من الصدفة أن أسامة بن لادن يختار قناة الجزيرة ليطل منها على العالم، أو لإيصال أي رسالة”. ووصف كيدار “الجزيرة” بأنها “قناة جهادية إرهابية تعمل ضد إسرائيل وضد الأنظمة العربية”.
وفي معرض رده، ضرب السبلاني الإعلام الأميركي مثالاً، وكيفية تعاطيه مع الحرب في فيتنام، وخلص إلى أن وظيفة الإعلام هي أن يقوم بإخبار الحقيقة بالدرجة الأولى ونقل الوقائع والأحداث وتوصيل المعلومات إلى الناس، ليعرفوا كيف تتصرف حكوماتهم والناس الذين يمثلونهم.
واستغرب السبلاني الطريقة التي يهاجم بها كيدار قناة “الجزيرة” في الوقت الذي تقوم به بنقل حقيقة ما يجري، ومتسائلا في الوقت نفسه، لماذا لم يعلق كيدار ولو بكلمة واحدة على الإعلام البريطاني (الغارديان) الذي كان أول من أشار إلى ثروة الرئيس المصري والتي تتراوح بين 40 و70 مليار دولار، ولماذا لم يعتبر ذلك تحريضاً وتجييشاً.. وأضاف إن الناس في مصر، وقبلها في تونس، غاضبون، ليس لأن “الجزيرة” قامت بإشعال غضبهم، بل بسبب الفقر والبطالة والفساد والقمع وانعدام العدالة، ما معناه أن “الجزيرة” صورت ما يحدث، ولم تختلق ذلك.
إيران
وحاول كيدار تغيير بوصلة الصراع في المنطقة نحو إيران مدعياً أن الدول العربية وتحديدا دول الخليج مثل الكويت والبحرين والسعودية وغيرها خائفة من إيران، وأن لا أحد من العرب خائف من إسرائيل. وسخر السبلاني من ذلك الطرح وقال “إن القضية الأساسية في المنطقة والتي تؤثر على العالم هي القضية الفلسطينية، وأنه نكران هذه الحقيقة وهذا الواقع لا يفيد في شيء، والأجدى بدلا من ذلك هو العمل على إيجاد حلول عادلة لتلك القضية”.
وتلت الندوة أسئلة من الجمهور، حول عدد من القضايا، مثل عملية السلام، وحق العودة. وقد تباينت ردود السبلاني وكيدار في هذا الخصوص، واختلفت إلى كبير، فبينما أنكر كيدار حق العودة الفلسطيني مدعياً أن معظم اللاجئين الفلسطينين جاؤوا من دول ومدن عربية أخرى أصلاً، وأنهم يحملون ألقاباً تدل على ذلك، كعائلات المصري والعراقي والحوراني وغيرهم، فهؤلاء مصريون وعراقيون، وعليهم العودة إلى تلك البلدان التي جاؤوا منها وليس إلى إسرائيل.
وفيما يخص عملية السلام، أكّد السبلاني أنه مع يقرره الفلسطينيون لأنفسهم، سواء اختاروا حل “الدولة الواحدة” أو “حل الدولتين” مشدداً أن إسرائيل في كلتا الحالتين ليست جادة في عملية السلام.
Leave a Reply