القاهرة – في الجمعة الثالثة من الثورة الشعبية المصرية، “جمعة الزحف”.. سقط الفرعون عن عرشه. فقد اعلن اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية ان الرئيس المصري حسني مبارك قرر التنحي وكلف المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد. وتطالب الثورة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة إقالة الحكومة وحل مجلسي الشعب والشورى.
وكانت حشود غير مسبوقة قد خرجت بعد الصلاة يوم الجمعة ١١ شباط (فبراير) في معظم مدن مصر للمطالبة برحيل مبارك ونظامه معلنين ان تفويضه سليمان غير كاف وذلك في ظل الغضب من خطاب مبارك ليل الخميس الماضي (تفاصيل صفحة ١١).
كما اتسم موقف الجيش بالضبابية خاصة بعدما اصدر الجيش المصري قبيل ظهر الجمعة “البيان رقم ٢” اكد فيه انه “يضمن” الاصلاحات السياسية التي اعلنها مبارك، غير ان هذا البيان زاد المحتجين احباطا من دور الجيش قبل أن تنقشع الأمور فكان تاريخ جديد كتب في مصر مع إعلان مبارك تنحيه عن السلطة. وقد ولدت الحرية التي طالب بها المصريون وتحدوا خلال ثلاثة أسابيع وسائل القمع التي استخدمها النظام لاسكاتهم ومنع رفع صوتهم المطالب باسقاط مبارك في ظل تواطؤ دولي.
وفور إعلان سليمان قرار تنحي مبارك عن السلطة اشتعل ميدان التحرير، وسط القاهرة، والميادين الأخرى في مصر، بهتافات الفرح من قبل المتظاهرين الذي يحتشدون فيها. ولوح مئات آلاف الثوار المصريين في ميدان التحرير بالأعلام وبكوا وهتفوا وعانقوا بعضهم البعض في هذه الحظة التاريخية من تاريخ مصر والعالم العربي الذي احتفل من محيطه الى خليجه.
وسادت الفرحة العارمة في شوارع القاهرة مع إعلان رحيل مبارك وعلت هتافات “الله اكبر، الله اكب” من ميدان التحرير ومن مصر. كما هتف الممتظاهرون في حالة هيستيرية “الشعب خلاص اسقط النظام” وهم يصرخون فرحا ويلوحون بالاعلام المصرية. كما فقد البعض الوعي من شدة التاثر.
كما كتب الشاب وائل غنيم خبير الانترنت الذي اصبح رمزا للثورة الشعبية (تفاصيل صفحة ١٢) في مصر على موقع “تويتر” “مبروك لمصر.. المجرم غادر القصر”.
وتشهد مصر منذ الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير) الماضي تظاهرات غير مسبوقة تطالب برحيل مبارك الذي يتولى السلطة منذ ثلاثة عقود. وسقط قرابة 300 قتيل عندما حاولت قوات الامن قمع التظاهرات في ايامها العشرة الاولى.
وغادر الرئيس المصري حسني مبارك بصحبة اسرته كلها القاهرة، بحسب ما قال الجمعة مصدر مقرب من الحكومة لوكالة الصحافة الفرنسية من دون ان يحدد وجهته.
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه “لقد غادر مبارك القاهرة بصحبة اسرته كلها” غير انه رفض تحديد ما اذا كان غادر البلاد ام اتجه الى مدينة شرم الشيخ.
واعلن مسؤول اميركي كبير لوكالة “فرانس برس” ان انتقال الرئيس المصري حسني مبارك الى شرم الشيخ يشكل “خطوة اولى ايجابية”.
وتوالت ردود الفعل الدولية المرحبة في اللحظات الأولى من سقوط مبارك، رغم مواقفها المخيبة لآمال الشعب المصري إبان الثورة، حيث تحدث نائب الرئيس الأميركي جو بايدن عن “يوم تاريخي” في مصر ورحبت المستشارة الألمانية بتنحي مبارك ودعت مصر إلى احترام معاهدة السلام مع إسرائيل، في حين أملت تركيا أن تستجيب الحكومة المصرية الجديدة لتطلعات الشعب.
ومن جهته، اعلن النائب العمالي الاسرائيلي بنيامين بن اليعازر ان الرئيس المصري حسني مبارك قال له خلال مكالمة هاتفية مساء الخميس قبيل القاء خطابه المتلفز انه يبحث عن “مخرج مشرف”. وقال بن اليعازر لاذاعة الجيش الاسرائيلي “يعلم ان الامر انتهى وانها نهاية الطريق. لم يقل لي سوى شيء واحد قبل خطابه وهو انه يسعى الى مخرج”.
Leave a Reply