القاهرة – “رويترز”
مع سقوط الرئيس حسني مبارك ونظامه، سادت أجواء التفاؤل الاقتصادي في مصر مع توقعات بخلق فرص للمستثمرين مع رسوخ قدم اقتصاد الأسواق ونمو التجارة تدريجيا، في بلد يتطلع إلى أن يصبح جزءا من الاقتصاد العالمي.
ورغم أن الاعتصامات والإضرابات تعم مصر، من ميناء الإسكندرية الى حي البنوك في القاهرة، في مؤسسات مملوكة للدولة من بينها البورصة وشركات نسيج ومؤسسات إعلامية وشركات للصلب وهيئة البريد والسكك الحديدية والشرطة ووزارة الصحة، إلا أن ذلك برأي المراقبين أمر طبيعي سيفتح آفاقاً للإصلاح ومحاربة الفساد الذي افترس الاقتصاد المصري طيلة عقود.
وقال لاري سيروما من “نايل كابيتال مانجمنت” إنه ستكون هناك ديمقراطية وشفافية، وسيؤدي ذلك إلى مزيد من النمو الاقتصادي، مضيفا أنها فرصة كبيرة للاستثمار في مصر.
ومن غير المؤكد ما الذي ستسفر عنه التطورات إلا أن المسؤولين الحكوميين والمستثمرين عموما إلى جانب أغلبية المصريين يساورهم أمل كبير في حكومة وسوق أكثر انفتاحا. وأعرب مستشار الاستثمار لدى “كوزاد أسيت مانجمنت” في ولاية إيلينوي بريانت إيفانز عن اعتقاده أن الاستثمارات في مصر قد ترتفع في غضون عام من الآن مع تشكل حكومة جديدة إذا ما سلكت تلك الحكومة نهجا ديمقراطيا.
وقال العضو المنتدب في فرع بنك الاستثمار المصري “بلتون فايننشال” في نيويورك كريم بغدادي إنه في حالة توفر اقتصاد خاص كبير يقارب حجم الناتج المحلي الإجمالي، وفي حال التمكن من تحويل الاقتصاد إلى نظام قائم على المؤسسات، فإن الناس سيبدؤون في توريق ديونهم ويتمكنون من الاقتراض بدرجة أكبر وشراء المزيد، وسيكون لهذا أثر كبير على نمو الاقتصاد.
وتسجل الأصول المصرية نسبة صغيرة لدى صناديق الأسواق الناشئة في العالم. ويسهم الاقتصاد المصري بنحو 0,3 بالمئة من مؤشر “أم أس سي آي” للأسواق الناشئة.
وقالت مؤسسة “ماركت” المعنية برصد البيانات إن تكلفة التأمين على الديون السيادية المصرية من مخاطر التعثر أو إعادة الهيكلة لمدة خمس سنوات تراجعت 25 نقطة أساس إلى 315 نقطة أساس بعد إعلان تنحي مبارك عن الحكم.
وقال العضو المنتدب لإدارة الأسواق الناشئة لدى “أورباخ غريسون” في نيويورك ديفد غريسون إن الحكومة الجديدة -أيا كان شكلها- ستعمل على توفير فرص العمل لنسبة أكبر من السكان لرفعهم فوق خط الفقر، وإن من المؤكد أن الاقتصاد سينمو.
التحديات الاقتصادية بعد مبارك
ويواجه المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر تحديا هائلا لضمان استقرار الاقتصاد بعد أيام طويلة من الاحتجاجات التي ربما تقلص النمو هذا العام بمقدار النصف، كما تساور الجهات التنظيمية بواعث قلق بشأن استئناف عمل الأسواق المالية.
وعلى الأمد القصير يأمل المحللون انتقالا منظما إلى الديمقراطية، وربما يوقف ذلك هروب الأموال من البلاد الذي وصل إلى نحو مليار دولار يوميا في ذروة الانتفاضة الشعبية.
ويبدي مستثمرون كثيرون تفاؤلا بشأن التغيرات الكبيرة في أنشطة الأعمال والسياسة في الفترة القادمة في ظل حكومة منتخبة بحرية لكن التوقعات بحدوث تغيير في الأجل القريب تبدو محدودة.
وقال رئيس الوزراء المصري أحمد شفيق إن الموقف الاقتصادي الداخلي للبلاد “صلب” وإنه لا يوجد تغيير في منهج العمل.
وفي محاولة لطمأنة المصريين الذين انتفضوا على حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، قال أحمد شفيق إن الشؤون الحكومية ترفع إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ورئيسه.
وقال تيم أش رئيس بحوث الأسواق الناشئة لدى مؤسسة “آر بي أس” إنه من حيث المعايير الاقتصادية فإن مصر تدار بالتكنوقراط أنفسهم الذين أداروها في الثلاثين عاما السابقة. وأضاف أنه لا يعتقد أنه سيكون هناك تغييرات كثيرة.
وبلغت قيمة الاقتصاد المصري نحو 217 مليار دولار العام الماضي، وهو اقتصاد يعتمد على الاستثمارات الأجنبية والسياحة وإيرادات قناة السويس والبترول والغاز. وتوقع محللون في استطلاع قبل شهر من اندلاع الاحتجاجات في 25 كانون الثاني (يناير) أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي لمصر 5,4 بالمئة في السنة المالية التي تنتهي في حزيران (يونيو)، وهو ثاني أكبر معدل نمو في المنطقة العربية بعد قطر. وتوظف الدولة المصرية ما لا يقل عن 5,7 ملايين شخص في القطاع العام العريض الذي ينتقده خبراء الاقتصاد ويصفونه بأنه من المخلفات غير المنتجة للسياسات الاقتصادية الحكومية للرئيس الأسبق جمال عبد الناصر. ويزيد قليلا متوسط الناتج المحلي السنوي للفرد الواحد عن ألفي دولار. ويعيش خمس سكان مصر على أقل من دولار يوميا.
Leave a Reply