بيروت –
يبدو ان الإعلان عن تشكيل الحكومة اللبنانية بات قاب قوسين أو ادنى، حيث من المتوقع أن يُعلن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي عنها خلال الساعات القليلة المقبلة بعد أن وصلت المساعي الى خواتيمها، بعد ان استنفذ ميقاتي خياراته مع فريق الرابع عشر من آذار، الذي تشبث بموقفه الرافض للمشاركة، وانتقل لوضع اللمسات الأخيرة من خلال سلسلة لقاءات عقدها مع النائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل لحسم حصص كل فريق، علما أن جميع العقبات باتت شبه مذللة، وبقي الاتفاق مع النائب ميشال عون على اخراج مناسب لتمثيله الحكومي الوازن، علما أن الأخير اتخذ موقفا حاسما لجهة الإصرار على عدم انتظار فريق الرابع عشر من آذار لتشكيل الحكومة، كما اجرى ما يشبه المراجعة السياسية للمرحلة السابقة فاعتبر أن “رئيس الجمهورية كان مع الأكثرية (السابقة) ولم يكن حيادياً في تصويته وتحالفاته، وفي الانتخابات البلدية كان يشكل لوائح ضدنا، وهو يعمل لنفسه”، لافتاً الانتباه الى أنه “طالما لا يوجد نص وطالما لم يعد رئيس الجمهورية وسطيا فلا يجب أن يعطى اي وزير ولا يمكننا إعطاؤه وزارة تعمل ضدنا، وإذا كان لا بد من إعطائه شيئا محدودا فلا مانع من ان يكون له وزراء دولة”.
وتابع عون خلال لقاء تلفزيوني أنه “اذا كانت وزارة الداخلية من حصة الموارنة، فكتلتي لديها 19 نائبا مارونيا ومن حقي ان اختار وزيرها”. وشدد على أنه “اذا تشكلت الحكومة من 32 وزيرا أريد 13 وزيرا وإذا تشكلت من 30 وزيرا أريد 12 وزيرا”، معتبرا انه يحق لميشال سليمان ونجيب ميقاتي ووليد جنبلاط 10 وزراء.
مع الإشارة الى أن الرئيس ميقاتي لم يقطع تواصله مع بطرس حرب، على امل تحقيق اختراق في موقف مسيحيي “14 آذار”، وكذلك الحال بالنسبة للشخصية البيروتية تمام سلام.
في هذه الأثناء، كان سعد الحريري يرسم ملامح موقف المعارضة الجديدة في احتفال بمناسبة ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري تم تنظيمه في قاعة البيال، بعد أن تواترت الأنباء عن خشية القيّمين على تيار المستقبل من عدم القدرة على تأمين حشود وسط العاصمة. الحريري تطرق الى مبادرة الـ”س – س” فأعلن أن “لا عودة إلى هذه المبادرة، لانها كانت قائمة على فكرة واحدة أننا مستعدون للمشاركة في مؤتمر مصالحة وطنية يتصالح فيه كل اللبنانيين ويتسامح فيه كل اللبنانيين، مؤتمر يعقد في الرياض برعاية الملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز، وبحضور رئيس الجمهورية ميشال سليمان والرئيس السوري بشار الاسد، وعدد من الرؤساء العرب وقادتهم وبحضور الجامعة العربية يؤدي إلى مسامحة شاملة لكل الماضي، ومصالحة الجميع دون استثناء وتسامح الجميع عن كل الماضي دون استثناء، لكي تصبح بعدها تداعيات القرار الإتهامي مسؤولية وطنية جامعة”. وبدا موقف الحريري أقرب الى الإعتزال السياسي في طياته، بعد أن صار واضحا فشله في استعادة الثقة السعودية، في حين انسحبت تداعيات الثورة المصرية على أجواء فريق “14 آذار”، الذي لطالما وجد في نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك سندا مهما في الاستحقاقات السابقة.
وجدد الحريري دفاعه عن المحكمة الدولية، رافضا الاتهامات التي وجهت لها بانها محكمة أميركية.
و أشار الى ان “هذه المحكمة وفق نظامها الأساسي ستوجه التهمة إلى أفراد”، مؤكدا “دعم المحكمة وقرارها وحكمها ولن نقول يوما أن التهمة موجهة إلى طائفة او حزب أو فئة”.
ورفض الحريري ما يقال أن “المحكمة موجهة للطائفة الشيعية في لبنان”، لافتا الى أنه “لا يستطيع أحد دفن الرأس في الرمال بزعم أن السلاح قضية غير موجودة، انما الحقيقة غير ذلك تماماً وهذه المسألة خلافية من الدرجة الأولى بين اللبنانيين”.
من جهة ثانية، نوه الحريري بتبني قوى 14″ آذار” لبيان دار الإفتاء، “خصوصاً في ذكره الأطماع والتجاوزات والغلبة بالسلاح لإخضاع الآخرين”، معربا عن “ايمانه بالدولة وبتداول السلطة رغم تزوير إرادة اللبنانيين عبر دفع نواب من موقف إلى عكسه بعدما وقفوا أمام ناخبيهم متعهدين في كل مرة بالدفاع عن المحكمة الدولية، وبرفض أي وصاية غير وصاية الشعب وحصلوا على أصواتهم على هذا الأساس”. وتابع “اننا لا نتمسك سوى بدستورنا ونظامنا الديمقراطية فمبروك عليهم الأكثرية المسروقة بترهيب السلاح”.
وفي محاولة لاستدرار عطف المشاركين في الحفل، قال الحريري متوجها “لمن يعتقدون أنهم تمكنوا مني بغدرهم، اشكرهم لأنهم حرروني وسمحوا لي بالعودة إلى جذوري، إليكم ومعكم”.
وبات واضحا أن جهود تيار المستقبل بعد خطاب رئيسه تنصب حاليا على حشد الأنصار للمشاركة في ذكرى انطلاقة “14 آذار”.
موقف الأكثرية الجديدة من مختلف القضايا عكسها أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب مطول في ذكرى “القادة الشهداء” في مجمع السيد الشهداء في الضاحية الجنوبية لبيروت، متناولا محاور عديدة بدءا من أحداث مصر والعالم العربي، مرورا بالتهديدات الاسرائيلية فالوضع الداخلي، علما ان الاحتفال شهد مشاركة قائد خلية حزب الله في مصر الأسير السابق “سامي شهاب”.
في الوضع الداخلي، رأى السيد نصرالله أن “ما نحن قادمون إليه في لبنان هو الغزو الاميركي السياسي للبنان”، مشدداً على أننا “نوافق على أن أي سلام وإستقرار في لبنان وأي مكان في العالم شرطه الطبيعي تحقيق العدالة والسلام والاستقرار المبني على الظلم وإغتصاب حقوق الآخرين لا يمكن أن يكون سلاكاً حقيقياً وإنما سرعان ما يسقط”.
وفي الوضع اللبناني، أشار الى أنه “لدينا إستحقاقات مهمة في الفترة المقبلة، عنوانها سلاح المقاومة”، وقال “فيما إستمعنا اليه من خطب أن ما تبقى من قوى “14 آذار” مصمم على العودة الى نغمة السلاح وهو لم يترك هذه النغمة وقيل ان هذا موضوع خلاف وطني وهذا صحيح، وكونه موضوع خلاف وطني قبل 1982 وبعده، ولكن بعد 1982 هناك خلاف وطني حول موضوع السلاح ولكن السلاح تفصيل والخلاف هو حول خيار المقاومة وهذا ليس فيه اي ادانة للمقاومة بل بالعكس فيه ادانة للذين طعنوا المقاومة وهذا فيه عيب عليهم”، سائلاً الفريق الاخر “إذا كان موقفكم من السلاح منته فهل من داع للحوار؟”.
وإعتبر السيد نصرالله أن التحقيق الدولي في اغتيال الرئيس الحريري “أخذ إتجاهاً من اليوم الاول وظُلم كثيرون في هذا المسار ومنذ مدة اخذوه الى مسار آخر”، متسائلا “هل التسريبات وتجنب الفرضيات الاخرى والحكم قبل التحقيق هل يؤدي الى الحقيقة؟”.
وتوجه الفريق الاخر بالقول انه “اذا اردتم اليوم الاكمال بالمحكمة فأنتم احرار، واذا كان ما سيعلنه القرار الظني او المحاكمات الغيابية هي الحقيقة فتصرفوا على ضوئه، ونحن سنتصرف على اساس ما نراه مناسبا على اساس التزوير ولكن هذا لا يؤدي الى الحقيقة”.
وفي الموضوع الإقليمي، شدد السيد نصرالله على أن “الخاسر الأكبر من التطورات والتحولات بالمنطقة هي الولايات المتحدة الاميركية وهي تسعى لتقليل الخسائر وهي إسرائيل والمنظومة الاميركية أي كل من ربط مصيره ومستقبله بالاميركيين هو خاسر مما جرى”، مؤكداً أنه “إذا فرضت الحرب على لبنان قد تطلب المقاومة السيطرة على الجليل”، في رد صريح على تهديدات وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك قبل يومين أثناء جولة له على الحدود الشمالية برفقة رئيس أركانه الجديد بني غانتس.
وفي موضوع إغتيال القائد العسكري السابق للمقاومة عماد مغنية، أكد نصر الله أن “القرار (بالرد) ما زال وسينفذ في الوقت المناسب، وأقول للقادة الصهاينة حيثما ذهبت في العالم وفي اي زمان يجب دائما ان تتحسسوا رؤوسكم لأن دم مغنية لن يذهب هدرا”.
Leave a Reply