ديربورن – خاص “صدى الوطن”
يجلس علي على كرسيه في مكتبة “بوردرز” منغمساً في قراءة كتاب. لا يشغله سوى مراجعة صفحته على ”فيسبوك” من حين الى آخر وكوب القهوة.
ويمر الوقت على هذا المنوال، ولا يقطعة سوى دخول صديق الى المكتبة وحديث جانبي معه، أو خروج آخر وتوديعه، قبل أن يعود الى ”مونوتونه”.
فالوجوه مألوفة بين رواد مكتبة “بوردرز” في ديربورن، ومعظمهم من العرب الأميركيين، ومعظم هؤلاء من الطلاب.
فاتن تأتي دائماً مع صديقتها عليا.. للدرس. لكن ذلك لا يمنعهما من التعرف على أصدقاء جدد والحديث في المستجدات في المدينة وفي الولاية وفي أميركا.. وفي العالم. ولكن ذلك لا يعني أن الصمت والهدوء لا يخيمان على الأجواء في المكتبة.
تقول فاتن أن “بوردرز” ليس “ستاربكس” وتضيف “نحن هنا أناس جديون، نحترم الهدوء.. لا نأتي الى هنا لتضييع الوقت، بل لتحقيق المعرفة”.
لهؤلاء وغيرهم من رواد “بوردرز” حملت الأيام الماضية خبراً حزيناً “بوردرز”، سيغلق أبوابه.
الخبر نزل على ”علي” كالصاعقة “هذا المكان لا بديل عنه في المدينة.. أين سأذهب”.
آخر أيام “بوردرز”
منذ مطلع الاسبوع الماضي يشهد فرع مكتبة “بوردرز” في ديربورن بدء التصفية، بالاعلان عن تخفيضات في اسعار الكتب والقرطاسية وبقية البضائع الاخرى 20-40 بالمئة، استعدادا لاقفال الفرع في موعد اقصاه نهاية نيسان (ابريل) القادم. وتأتي هذه الخطوة من جانب ادارة سلسلة مكتبات “بوردرز” العملاقة ومقرها الرئيسي في مدينة آناربر، بعد اعلان افلاسها الاربعاء قبل الماضي، والذي بموجبه قررت الشركة اغلاق 200 فرع لها في انحاء الولايات المتحدة، تمثل 30 بالمئة من كافة فروعها، على ان يصار الى اغلاق فرعيها في يوتيكا وغروس بوينت، مع الابقاء على فرعين في آناربر واغلاق واحد في المدينة يقع في “آربرلاند مول”، في حين ستظل لها فروع مفتوحة في مناطق اخرى في ميشيغن في كل من تايلور، كانتون، ساوث غيت، وستلاند وليفونيا.
يشار الى ان مكتبة “بوردرز” في ديربورن كانت افتتحت عام 1994 على مساحة 30 الف قدم مربع وتضم 25 موظفاً.
عرب وأميركيون
تقول فاتن أن “بوردرز” ملتقى هام لشباب المدينة العرب و”مساحة مهمة، بعد الجامعة، للقاء الشباب الأميركي وتبادل وجهات النظر، ونقل صورة أفضل عن جاليتنا”.
وخيبة الأمل لدى الشباب العرب، كان متوازياً مع رواد المكتبة من الأميركيين، فقد أعربت تانيا من ديترويت والتي تدرس التمريض قالت “اني حزينة جدا لاغلاق المكتبة، فلطالما كنت التقي وصديقاتي فيها لنحتسي القهوة، وكنت احضر معي ابن اختي يجلس في قسم الاطفال يقرأ القصص”، وقالت “اعتقد ان قرار الاغلاق كان خاطئاً، خاصة وان المكتبة كانت دائما تشهد ازدحاما نظرا لوجود استراحة فيها”.
على الجانب الاخر قالت سارة من مدينة وين وهي أميركية بيضاء “زيارتي الى المكتبة، عدا عن الوقت الذي ملأته في القراءة، جعلتني أتعرف أكثر على المجتمع العربي الأميركي وأبني صداقات غيرت كثيراً عن الصورة النمطية التي تلقفتها عبر السنوات.. والآن هذه الفسحة ستغلق، أنا حزينة”.
وقالت علا وهي مصرية أميركية “أنا آتي الى هنا بشكل شبه يومي مع صديقتي ستيفاني من مدينة أوك بارك لندرس معاً مدة ساعتين خاصة وانها تقع قريبا من “كلية هنري فورد” التي التحقنا بصفوفها العام الماضي.. لم يعد بإمكاني الدرس الآن سوى في مكتبة الجامعة وهناك نخسر الكثير من المزايا التي نتمتع بها هنا”.
أقل من شهرين تفصل رواد “بوردرز” عن مكانهم المفضل، ويدور حديث بين الأصدقاء في صالة المقهى حول ضرورة القيام بشيء ما لمنع إقفال “بيتهم الثاني”، كما يقولون.
يقول “علي” “لا بد أن نبعث برسائل الى الشركة الأم نعبر فيها عن تمسكنا بالمكان”، ويرد آخر بالقول لماذا لا نقوم باعتصام ونطالب “بإسقاط النظام”.
أسباب الإقفال
الجدير بالذكر ان مجموعة “بوردرز” كانت سجلت خسائر في كانون الاول (ديسمبر) الماضي، للربع الثالث على التوالي بلغت 74 مليون دولار، وهو ما يوازي ضعفي خسائرها في نفس الفترة من العام 2009، في حين تلقت المجموعة الشهر الماضي قرضا من “جي إي كابيتال” بمبلغ 500 مليون دولار لاعادة الهيكلة، وذلك بحسب بيان صحفي اصدره رئيس المجموعة مايك ادواردز الاربعاء قبل الماضي، جاء فيه ان المجموعة لم تعد قادرة على المنافسة بنجاح في ظل تراجع مبيعاتها وعدم توفر السيولة الذاتية للوفاء بالتزاماتها تجاه الناشرين والباعة وآخرين، ما دفعها لاعلان الافلاس وفق الفصل 11، والذي يتيح لها اعادة تنظيم نفسها والحصول على القروض اللازمة.
وقال ادورادز ان المجموعة ستظل ملتزمة بخدمة الزبائن في فروعها الاخرى وعلى الانترنت، بما في ذلك التزامها ببرنامج “بوردرز” للمكافآت وبطاقات الهدايا, مع الالتزام بدفع رواتب موظفيها وتوفير المزايا المقدمة لهم.
ختم ادواردز بالقول “نحن واثقون اننا في ظل الفصل 11 وبدعم موظفينا وناشرين ومانحي القروض وزبائننا، فان مهمتنا في اعادة التنظيم ستمكن “بوردرز” من الخروج من هذه المحنة بقوة والاستمرار في التنافس كواحدة من اكثر المكتبات بيعا للكتب”.
Leave a Reply