اسمع يا سعد.. كل ما تراه أمامك.. هذا لبنان. بلد كل اللبنانيين، زمن الحاكم مثل الشمس يشرق ويغيب، وسوف يأتي نهار تغرب فيه شمسي وتشرق شمس قائد جديد.
سعد: ويحكم كل لبنان؟!
كل لبنان، يجيب الأب (رفيق).
سعد: كل المناطق التي تحت الشمس، والمنطقة التي في المربع؟!
هذه المنطقة خارج صلاحيتنا وخطرة جدا، يجيب الأب.
سعد: ولكنها جزء من لبنان؟
اسمع يا بني: في مناطق ترضخ لمصالح خارجية..
كيف يعني؟!
كل شي في لبنان لازم يكون تحت توازن معين حتى يوصل لكل واحد حقه من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب.
حتى يللّي في المربع؟ (تظهر صورة عسكرية لـ”حزب الله”).
التوازن ضروري، حتى كل الطوائف والأحزاب تكون راضية. بالنتيجة نحن شعب واحد.
هذا كان حوار بين الأسد (رفيق الحريري) وشبله (سعد) في فيلم قصير، مدبلج، مدته حوالي الدقيقتين، وهو فيلم الرسوم المتحركة بعنوان “الأسد الملك”.
وفجأة ينتقل الحوار بين الأسد وشبله الى مشهد آخر يظهر فيه أسد شرير يقف على صخرة ويقف تحته ثلاثة ثعالب في جو مظلم وموسيقى شريرة، حيث يدور الحوار التالي:
سيد حسن، الشعب يستقوي برفيق ومن المستحيل أن نقدر عليهم (الشعب).
يا إخوان ما في مشكلة ما إلها حل، يجيب الأسد الشرير (السيد حسن)
جربنا كل شيء ما في أمامنا إلا حل واحد، يرد أحد الثعالب.
ماذا تقصد؟ سأل “السيد”.
نقتل الرفيق..
يجيب السيد: هذا هو المطلوب (وتظهر صورة السيد رافعا يديه ومباركا العمل).
ثم يظهر الأسد “رفيق” مستنجدا بالأسد “السيد” وطالبا مساعدته. ينظر إليه السيد نظرة انتقام وتشفٍ ويغرز مخالبه في جسده ملقيا به في الهاوية مرددا: وداعا أيها الرفيق. فيسقط رفيق في الحفرة التي خلفها الانفجار في محيط فندق السان جورج، ثم تظهر صورة الرئيس رفيق الحريري في آخر الفيلم مع شعار “كي لا ننسى”.
عُرض هذا الفيلم على موقع “كلنا لأي وطن” التابع لقوى “14 آذار” والذي تشرف عليه مباشرة “القوات اللبنانية”. وإضافة الى هذا الفيلم هناك أكثر من عشرة أفلام قصيرة ركبت ودبلجت بعناية ودقة كي تؤدي إلى الهدف المنشود والمرتجى وهو تجييش الناس وتحريضهم من أجل سوقهم الى ذكرى “14 آذار” تحت تأثير المخدر الطائفي.
يتحدث أحد هذه الأفلام عن مشروع المقاومة التي تريد إقامة دولة إسلامية مع عرض مشاهد من الحرب الأهلية اللبنانية، ثم ينتقل العرض الى حادثة كنيسة سيدة النجاة في قرية لاسا الجبيلية التي وقعت قبل أكثر من ثلاثة أعوام، في إشارة واضحة الى أن المقاومة قد بدأت تنفيذ مشروعها القاضي بالسيطرة على لبنان وقهر المسيحيين.
ويجري أحد الأفلام مقارنة بين الحضارة والرقي والتقدم عند “14 آذار” وبين التخلف والرجعية عند شعب المقاومة عبر عرض صور متقابلة لطفل ذاهب الى مدرسته وطفل يلف جبينه بعصبة دينية، بين فتاة تبتسم فرحة وأخرى محجبة يعلو تقاسيم وجهها البؤس والحرمان، الى غير ذلك من المقارنات العنصرية..
على أن هذا السياق يتماشى ويساير ما تعرضه قناة “المستقبل” من دعاية لحث الناس على المشاركة في ذكرى “14 آذار”، وهو ما يؤكد بأن تيار المستقبل يسير في طريق لا رجعة فيها وهو يقطع كل خطوط العودة ويزهق ما تبقى من ماء وجه بعد المجاهرة بالعداء المطلق للمقاومة وسلاحها المشهور بوجه اسرائيل.
وفي هذا الإطار علينا أن لا ننسى بأن مهرجان 13 آذار ٢٠١١ هو الأول من نوعه في التاريخ اللبناني القديم والحديث، ليس من حيث المناسبة والحشد، إنما من حيث الشعارات المرفوعة وعلى رأسها شعار إسقاط سلاح المقاومة. بمعنى آخر ودقيق فقد استطاعت اسرائيل أن تطلق تظاهرة شعبية في وسط بيروت بوجه المقاومة. وأصبح لدى بنيامين نتنياهو قبضات مرفوعة وحناجر ملتهبة ورايات مرفرفة في ساحة الشهداء وأمام ضريح الرئيس الراحل رفيق الحريري.
سوف يعتبر البعض بأن هذا الكلام هو تخويني ولا يستند الى الواقع والموضوعية، والصحيح أنه كذلك، ولكن يستند الى حقيقة الشعارات والخطى السياسية التي تخطوها “14 آذار” والى خطابها السياسي الذي لم يعد يذكر سوى سلاح المقاومة. ومن أجل أن تكون الفكرة أوضح ولا يلتبس الأمر على بعض المغفلين من جمهوره، أضاف سمير جعجع بعضا من حكمته المتعالية بتشديده على اسقاط السلاح وعدم شرعيته، ولو كان موجها ضد اسرئيل، التي تترقب بلهفة يوم 13 آذار كي ترى بأم العين انتصارها الثمين و”عودتها الميمونة” الى قلب بيروت، حيث فشلت بالسيطرة عليها بعد حصار دام أكثر من شهرين، عام ١٩٨٢ خلال اجتياحها للبنان.
وسط هذا الجنون، لا بد لأحد أن يخاطب المسؤول الأول عن كل هذا الهوس قائلا: اسمع جيدا يا سعد! لن تستطيع أن تخرب وطنا، فقط لأنك خرجت من جنة سلطته، ولن تستطيع أن تلطخ شرفا بدماء والدك لحسابات خارجية.
اسمع يا سعد!
ما تريد إسقاطه وتزعم عدم شرعيته هو باق، ووجهته معروفة لن يستطيع أحد تغييرها.
لا بد من أن يهمس أحدهم في أذنه: عد إلى صوابك يا سعد.
Leave a Reply