واشنطن، ديترويت – خاص “صدى الوطن”
بدأ مجلس النواب الأميركي الخميس الماضي جلسات استماع تدرس ما أسماها أحد النواب الجمهوريين “الأصولية المنتشرة بين المسلمين الأميركيين”. وأثارت الدعوة الى جلسات الاستماع حفيظة قيادات مسلمة ومنظمات حقوق مدنية شبهتها بحملات طالت الشيوعيين خمسينات القرن الماضي في إطار ما عرف بـ”المكارثية”.
ووصف رئيس لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب النائب بيتر كينغ الجلسات بـ”الضرورية قطعا”، واتهم المسلمين الأميركيين بعدم التعاون مع السلطات الأمنية، وقال أن المساجد تشرف على تخريج أجيال متشددة من الشباب وقال “أنا أواجه القاعدة لكن من ينتقدني لا يفعل”.
وأضاف كينغ الذي ترأس جلسة الخميس الماضي “القاعدة تغير أساليبها، فهي تدرك أن من الصعب جدا المهاجمة من الخارج وتقوم بالتجنيد من الداخل” وشكك في تعاون المسلمين الأميركيين مع هيئات تطبيق القانون، ووصف المساجد بأرض خصبة لنشر الأصولية.
وقال كينغ خلال الجلسة “علينا مواجهة هذا التهديد من خلال انتاج قيادات معتدلة من المجتمع المسلم الأميركي”.
من ناحيته قدم النائب الديمقراطي كيث أليسون، وهو مسلم، شهادته أمام جلسة الاستماع، حيث أجهش بالبكاء، وهو يروي قصة مسلم أميركي اتهم زوراً بالمشاركة بهجمات “١١ أيلول”، رغم انه قدم حياته لإنقاذ ضحايا الاعتداءات.
وقد شهدت عدة مدن أميركية، بينها نيويورك وواشنطن، احتجاجات على جلسة الاستماع الأولى
وشبه المنتقدون الجلسات بتلك التي نظمت لتطهير الولايات المتحدة من الشيوعيين والمتعاطفين معهم خمسينات القرن الماضي وترأسها السيناتور جوزيف مكارثي.
وهاجم المسلمون ومدافعون عن الحقوق المدنية تصريحات كينغ وقالوا إن المسلمين يُستهدفون ظلما، وذكّروا بأن المسلمين أمدوا السلطات سابقا بمعلومات سرية، وبأن بائعا مسلما هو من حذّر من محاولة تفجير سيارة في مانهاتن العام الماضي كما قال إمام شمسي الذي نظم في هذه المدينة احتجاجا على التحقيق.
وجاءت محاولة التفجير الفاشلة هذه ومحاولة أخرى أُحبطت وكان طالب سعودي عمره 20 عاما ضالعا فيها، ومخططات أخرى لتعزز مخاوف المسؤولين الأميركيين من أن “القاعدة” والجماعات المرتبطة بها عقدوا العزم على تنفيذ هجمات داخل الولايات المتحدة بأي طريقة ممكنة.
واعتبرت قيادات مسلمة أن ثقة المجتمع الأميركي بمسلميه ضرورية لإحباط هجمات، وقالت إن جلسات الاستماع قد تعرض هذا للخطر، وتغذي في الخارج وجهة نظر مفادها أن الولايات المتحدة مناهضة للمسلمين.
كما انتُقِد مكتب التحقيقات الفدرالي لإرساله ضباطا متخفين إلى المساجد.
وكان كينغ قد قال إن هناك “أمرا ما داخل المجتمع الإسلامي يشكل خطرا على الأمن الأمير كي، وإن التحقيق يرمي إلى التعرف على مصدر هذا التهديد”.
وقال كينغ “الغالبية العظمى من المسلمين هم أميركيون رائعون لكن في هذه المرحلة من تاريخنا هناك جهود تبذل لنشر التطرف بين المسلمين”، وأضاف “نحن نتحدث عن تنظيم القاعدة، هناك حالات يظهر فيها التطرف بشكل فردي داخل المجتمع الإسلامي، صحيح أنها ضمن أقلية محدودة، ولكنها موجودة والخطر يأتي منها”.
ردود فعل من ميشيغن
من ناحيته، حث عميد الكونغرس الأميركي جون دنغل حث النائب كينغ وأعضاء لجنة الأمن الداخلي على التأكد من ألا تؤدي تحرياتهم إلى تلطيخ الإسم الطيب الولاء أو إثارة الأسئلة حول أخلاق العرب والمسلمين والأميركيين الآخرين.
اضطر الرئيس باراك أوباما إلى إرسال وزير العدل أريك هولدر للقاء قادة مسلمين في فيرجينيا وإبلاغهم “أن المسلمين ليسوا جزءا من المشكلة”.
ومن جهتها، تقدمت “اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز” (أي دي سي) ببيان طلبت ضمه الى سجلات لجنة الأمن الداخلي في مجلس النواب وفيه: “إنه من المؤسف أن اللجنة تضيع الفرصة بعدم استخدامها لصلاحيتها لعقد جلسة استماع حول التهديدات الداخلية التي تواجهها بلادنا من خلال جميع قطاعات المجتمع الأميركي. ولجأت إلى الانتقائية باستهدافها أتباع الدين الاسلامي مما سيولد تعصبا مستمرا ضد المسلمين”.
وتقدم مجلس العلاقات الأميركية – الإسلامية (كير) بإفادة طلب ضمها أيضا الى السجل لجلسة اللجنة وتتضمن قيام فرع المجلس بولاية ميشيغن بالتعاون مع السلطات في الإبلاغ عن أنشطة مشبوهة الى مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي). وقال المدير التنفيذي لـ”كير” في ميشيغن داود وليد إنه “انطلاقا من حقيقة أن 95 بالمئة من الإرهاب الداخلي يجري على أيدي غير مسلمين، فإننا نجد أن جلسة اليوم (الخميس الماضي) هي جلسة أكثر استعراضا من كونها تهدف إلى إيجاد حلول حقيقية للتقليل من العنف في بلادنا”.
وكتب النائب غاري بيتر (ديموقراطي – ميشيغن) ومجموعة من أعضاء الكونغرس رسالة الى النائب بيتر كينغ عبروا فيها عن عميق تخوفهم من أن يؤدي تضييق إطار البحث حول الأمن الداخلي في هذه الجلسات وحصره بالمسلمين، الى تلطيخ سمعة المسلمين الأميركيين وتنفيرهم.
وظهر رئيس بلدية مدينة ديربورن جاك أورايلي على شاشتي “سي أن أن” و”أم أس أن بي سي” ليقول أنه يعتقد بأن النائب كينغ يبالغ في الحديث عن الارهاب ذي المنشأ الداخلي ووصف أورايلي الجلسات التي دعا اليها كينغ بالمعيبة. وقال “عشنا مع المسلمين 80 سنة كجزء فاعل من مواطني مدينتنا ولدينا منظور جيد جدا عما يمثله الإسلام. فالمسلمون يريدون أن يكونوا أميركيين بالكامل وهم يؤمنون بأميركا ويقدمون لها الولاء ويريدون أن يكونوا جزءا من مجتمعنا”.
Leave a Reply