ليست حرية الصحافة التي نؤمن بها ان نفعل ما نريد او نقول ما يجول بخاطرنا فقط، بل هي حرية قول ينسجم مع فكرة البناء لا الهدم وكثيرون الذين يخطئون في فهم هذه الحرية التي ائتمنوا عليها. فالقدح بالاخرين لا يدخل ضمن مفهوم الإصلاح والنقد البناء وحتى ان كان الاخر على خطأ.
إن أسلوب السخرية يدل على الاستخفاف بمؤسسات الجالية ومصالحها، أما التجريح بالأشخاص فهو يدل على ”مشاكل شخصية” لا بد من تجاوزها في التعاطي مع الشؤون العامة.
لا يمكن لأحد ان ينكر او يتنكر للانجازات التي حققتها الـ”اي دي سي” بقيادة عماد حمد منفرداً، ولكن ذلك لا ينفي رغبتنا بتطوير والإعلاء من شأن هذه المؤسسة بالذات، لدورها الشامل. فتقييم المؤسسات ونقدها لا يتم بالطريقة والاسلوب الذين اتبعهما طارق عبدالواحد، فالسخرية التي يرجعها عبدالواحد الى “الطريقه الودية للاصلاح” هي محاولة فاشلة للهرب من المسؤولية المهنية التي تحتم عليه اصولها التزام الموضوعية والحياد في مقاربة الموضوعات الحساسة والشائكة. فكيف اذا كان الامر يتعلق بمؤسسة حقوقية عريقة تتصدر مؤسسات الجالية العربية في الدفاع عن حقوق العرب ومكافحة التمييز ضدهم. كما إن اصلاح الأخطاء بطريقة ودية كما يدّعي عبدالواحد يتطلب بادئ ذي بدء التخلص من عقدتي الكره والحقد الشخصيين الذين ظهرا في سطور مقاليه اللذين ساقهما ضد “أي دي سي”، فأين الود عندما يحاول الكاتب تسخيف انجازات المؤسسة ومديرها بطريقة لا تمت بصلة إلى العمل الصحفي البناء؟
كنت اتمنى على “الكوميديان” ان يبتعد عن “التهريج” في انتقاد مؤسسة عريقة لها باع طويلة في خدمة قضايا العرب، والتي نحن في امس الحاجة اليها في هذه الظروف والايام المريرة، خاصة ونحن على اعتاب سن قانون جديد للهجرة في ولاية ميشيغن مشابه لـ”قانون أريزونا”. فبالله عليك هل ستدافع عن العرب بمقالتك التهكمية أو عبر سخريتك الجارحة؟
اما الهجوم الساخر والشرس الذي تعرض له السيد عبدالله هاشم في حملة التجني على “أي دي سي” ثم التراجع عنه في المقالة اللاحقة تحت عنوان “في بيتنا رجل” يظهر مدى “الخفة” التي يتمتع بها الكاتب حيث إنتقل من موقع السخرية والتهكم وخفة الدم الى موقع الادب والاخلاق والالتزام والرصانة وكأن خصال السيد عبدالله هاشم ورصانته وأخلاقه وشهامته واصالته لن تكتمل الا بدمغة من كاتبنا اللامع الذي يعرف جيدا من هو عبدالله هاشم… فيا لسخرية القدر.
وهو اذ يستغل المديح كي يذم الاخرين لينتهي الامر حسب عبدالواحد، بالخروج من معركته برجل، في إشارة إلى أن الأخرين ليسوا رجالاً. وهنا نسأله ماذا عنك انت؟ ومن هنا نسأله ايضاً من اين استقى معلوماته وخبرياته عن ان المجموعة الساخطة تقتصر على ثلاثة اشخاص! أهي محاولة ادعاء نصر احرزه عبر التفاف شعبي كبير حول مقالته؟ وكان لا ينقصه سوى القول بان مظاهرات الدعم والتأييد للثورات العربية التي تقيمها فعاليات الجالية هي لدعم طارق عبدالواحد والثناء على جهوده الجبارة في خدمة الجالية والدفاع عن حقوق العرب!
ولماذا ينزعج كاتبنا من تأسيس مؤسسة حقوقية جديدة في كندا على غرار “أي دي سي”-ميشيغن؟ ولماذا هذا التشكيك بقدرة الأشخاص على العمل والمثابرة والاصرار من أجل الخدمة العامة. وما الذي يضير عبدالواحد في تعيين الاخ والصديق العزيز زهير علوية مديراً للـ”أي دي سي” في مكتب ديترويت. هل سأل كاتبنا نفسه قبل الاخرين عن قدرات الرجل وعن تاريخه وتحصيلاته العلمية وعن المواقع القيادية العديدة التي شغلها في حياته.
وما يثير التعجب اكثر هو ان يسخر عبدالواحد من مسألة ترتيب زيارة الكاتب اسعد ابو خليل الى مدينة ديربورن لالقاء محاضرة حول تأثير الثورات العربية على فلسطين، بينما كان الاحرى به ان يدعم هكذا توجه ويشجعه ولو اختلف مع أبو خليل، لان هذا العمل يقع في صلب حرية التعبير والنقاش وبالتالي في صلب المهنة التي ينبغي أن يكون عبدالواحد من المنتمين اليها.
اما المقارنة بين ردات فعل “المتضررين” “التي اعلم بانها لم تخرج عن المألوف” وبين البلطجية وسلوك الانظمة الدكتاتورية في تونس ومصر وليبيا والهجانة واصحاب القبعات الصفر، ليست الا مثالاً على الغرور الذي اصاب عبدالواحد وتخيل للحظة بانه المستهدف الاول المهددة حياته بالخطر والملاحق من قبل المافيا العالمية بسبب مقاليه، وهو لا يعلم، بل لربما يعلم، بأنه أصبح مناسبة للتندر واطلاق النكات في الليل والنهار.
Leave a Reply