ذاب الثلج وبان المرج ثم تمخض الجبل فولد فأراً!
هذه كانت خلاصة مهرجان “١٣ آذار” الذي جيشت له جوقة “١٤شباط للشحن المذهبي والعنصري” كل عناصر وأدوات الفتنة من رسوم متحركة وشعارات تافهة فارغة إلى عرض “شلح” مسلي و”تشمير” عن الزنود قدمه محسوبكم سعد، لكن للأسف فإن التحدي الذي طرحة مندوب “تيار المستقبل” لكاتب هذه السطور في إحدى الحوارات المتلفزة من أن الحشد سيكون مليونياً، قد أصيب بخسارة مفجعة.
وحتى لانطيل الكلام الممل، فإنه بكل المقاييس العلمية والنظرية وعيون الكاميرات التلفزيونية الفاضحة بالتأكيد لم يصل الحشد إلى المليون ولا حتى إلى ما يشبه المليون. هذا من حيث الشكل، أما من حيث المضمون فكان المهرجان مائعاً مملاً لايستحق مجرد التعليق لولا حركة سعدو الهوليوودية المدروسة التي تفوق فيها على الممثل آل باتشينو في فلم “سكارفيس”. لقد فك أبوالمراجل، وجه السعد، أزرار القميص وتحدث بالعامية وكأنه، كمعلمه، يعرف كيف يفك الحرف بالفصحى (وكم كانت مضحكة أغنية وديع الصافي “يا بو المرجلة” التي عرضتها شبكة “أن بي أن” لسعد وهو يمثل أمام الكاميرا) وأعلن “ورشة” العمل بقطع آخرما يتصل بالمقاومة التي شرفته وشرفت هكذا “شبه وطن” ناكر للجميل. وفي الحقيقة، لم يكن ينقص حفلة التعري من الثياب والأخلاق هذه إلا رفع صور عقل هاشم وبشير الجميل (وقد رفعتا سابقاً في “ساحة الشهداء”) وسعد حداد وأنطوان لحد.
لم لا، فأعلام “الصدم” كانت موجودة بكثافة.. وما أدراك ما “الصدم”؟
معظم الشباب الذين حضروا نتيجة “عطايا” الحريري والسنيورة الذي ربما إستعمل بعض المال من الأحد عشر ملياراً التي “تصرّف” بها، لم يكونوا قد ولدوا عندما شن اليمين اللبناني الحرب الأهلية عام ١٩٧٥. هم لم يسمعوا بإنجازات الفاشي المتعامل مع إسرائيل وشقيقه، وبقوات “الصدم” التابعة له التي كانت تنفذ الإغتيالات والمجازر. كما لم يسمعوا بالمجلس الحربي الكتائبي وبالمفقودين لدى “القوات اللبنانية” التي كانت تقتل على الهوية وعلى الحواجز، ومعظم القتلى هم من “البيارتة”، ثم تبيع أعضاءهم في السوق السوداء. كما لم يسمعوا بالنفايات النووية التي سمحت “القوات” بطمرها في كسروان لقاء ملايين من الدولارات. هل أخبرهم كبارهم عن مجازر التطهير الديني العنصري لبشير الجميل و”قواته” في حي الغوارنة والمسلخ والكرنتينا والنبعة وبرج حمود والصفرا وزحلة؟ لو عرفوا ببعض هذا السجل “القواتي” المظلم، لما سمحوا لسمير جعجع (خريج الحبوس) وقاتل ضباط الجيش اللبناني والرئيس رشيد كرامي وطوني فرنجية وإلياس الزايك وداني شمعون، من إتحافنا بأشعار صف “السرتيفيكا” وتدنيس كلام ملك الشعراء أبوالطيب المتنبي!
لم نعرف كيف تكون “ثورة أبي حذاء بوش” ذات السيادة والحرية والإستقلال وملهمة للثورات الشعبية الشبابيه العربية ثم لا يتحدث سعدو في كلمته التاريخية من دون صورة عملاقة لملك السعودية؟ وبالمناسبة، ما رأي “ثورة بولتون” بثورة شعب البحرين التي تعرضت للغزو السعودي بحجة “السلامة العامة” والدفاع المشترك، بينما تعرض أطفال لبنان وغزة للإبادة الإسرائيلية، ولم تحرك العائلة المالكة ساكناً بل أنهاً انحازت للعدو المجرم؟ وماذا سيكون موقف “ثورة الملفوف” من ثورة الشعب في القطيف والحجاز؟ هل الشعب في الجزيرة العربية والبحرين وليبيا يختلف عن شعبي مصر وتونس الأبيين؟
ثم كم كان ممجوجاً إستحضار صغار “١٤ آذار” لسماحة الإمام السيد موسى الصدر والامام الشيخ شمس الدين والعلامة السيد فضل الله وهم منهم براء لأنهم نذروا حياتهم الطاهرة من أجل المقاومة والممانعة ضد العدو التاريخي. فالإمام الصدر هو من أسس المقاومة عندما قال “السلاح زينة الرجال”، فليتركوا الإمام لوحده ويهتموا بالشيعة “الوطنيين” معهم من أمثال غازي يوسف وباسم السبع وعلي الأمين وأحمد الأسعد.
مسلسل “التعري الأخلاقي” إستمر حتى بعد “المهرجان-المسخرة” بإستمرار تسريبات “وكيليكس” وفضائح سعدو وعمو فؤاد. فقد تبين أن الأول عبر عن إحتقاره لميشال سليمان متفقاً في أفكاره مع الماريشال إلياس المر، أما الثاني فقد تبين كم كان مغرماً إيهود أولمرت به، طبعاً لسواد عيونه فقط! أما فلتة الشوط فكان الموتور بإمتياز بطرس حرب عنتر، صاحب مشروع العقارات الطائفي المشبوه، حيث أنه عرض أن تحتل إسرائيل مدينة بنت جبيل قبل إعلان وقف النار حتى لا يصبح السيد نصرالله “رامبو” المنطقة، حسب قوله.
بئس هذا الزمن وهذا الوطن المستباح الذي يترك فيه أمثال هؤلاء يعيثون فساداً من دون حسيب ولا رقيب!
Leave a Reply