طوكيو – لم تعد اليابان كما كانت. فقد حول الزلزال الذي ضرب البلاد وما تبعه من موجات المد البحري العملاقة (تسونامي) مدن وقرى هذا العملاق الاقتصادي إلى خراب، رغم كل الإمكانيات المرصودة محليا لمواجهة الزلزال استخلاصا لعبر التجارب السابقة.
ورغم هذا التمكين الياباني في الأرض القائم في الأساس على أنظمة بناء مضادة للزلازل -استثمرت فيها اليابان أموالا طائلة- شملت المباني السكنية والمنشآت الاقتصادية بما فيها المفاعلات النووية، فإن ثواني معدودة كانت كفيلة بقلب الصورة والعودة إلى الوراء سنوات إن لم تكن عقودا، بل وتهديد المستقبل مع ما يشاع من خطر نووي يهدد حياة الإنسان والحيوان والنبات.
أما المواطن الياباني –الذي لا يشكك البعض في قدرته على تجاوز آثار الكارثة- فما زال لم يتخلص بعد من آثار الصدمة في ظل حجم الدمار الهائل، والنقص الحاصل حاليا في عدد من المناطق في الماء والمواد الغذائية، ناهيك عن انقطاع التيار الكهربائي والخوف من التسرب الإشعاعي.
فالزلزال الذي بلغت قوته 8,9 درجات على مقياس ريختر، وهو الأعنف الذي يضرب اليابان منذ نحو 140 عاما، خلف دمارا هائلا بعد حدوث أمواج تسونامي وصلت تأثيراتها إلى شواطئ الولايات المتحدة.
وأظهرت صور مباشرة بثتها قنوات فضائية موجات تسونامي وهي تضرب مناطق واسعة في اليابان، جارفة في طريقها منازل، إضافة إلى تلاعب الأمواج بناقلات نفط وسفن بحرية عملاقة وكأنها أوراق في مهب الريح.
كما تحدثت تقارير إعلامية عن اختفاء قطارات بأكملها بعد الزلزال، في حين جرفت المياه الآلاف من السيارات بمختلف أنوعها وكأنها لعب أطفال في وقت تحدث فيه خبراء اقتصاديون عن 180 مليار دولار أميركي كخسائر اقتصادية.
وتلا الزلزال موجة مد بحري بلغت فيها الأمواج سبعة أمتار في شمال شرق اليابان، وفق مركز إنذار أمواج المد البحري في هاواي، في حين أشارت تقديرات أخرى إلى أن الموجات كانت بارتفاع عشرة أمتار.
وتوالت الأرقام المخيفة بشكل سريع فرض على الحكومة إغلاق مصانع للسيارات والإلكترونيات واتخاذ حزمة من التدابير لمواجهة الأزمة.
وقالت وزارة الصحة والعمل والرعاية الاجتماعية إن 1,8 مليون أسرة في أنحاء البلاد من دون وسائل تدفئة، و1,4 مليون من دون كهرباء. كما يعيش أكثر من نحو مليون شخص في ملاجئ مؤقتة يفترشون الأرض في الصالات الرياضية والمدارس بما توفر لديهم من متاع في ظل انخفاض كبير في درجات الحرارة.
وذكرت وكالة كيودو اليابانية للأنباء أن نحو 21 ألف منزل دمرت أو تعرضت لأضرار شديدة، وسط توقعات بأن يرتفع عدد القتلى مع فقد الاتصال بعشرات الآلاف من الأشخاص.
وتواجه المدن اليابانية أعدادا كبيرة من اللاجئين الفارين من الإشعاعات المنبعثة من مفاعلات محطة فوكوشيما، حيث أجبرت هذه التطورات نحو 28 ألف شخص على مغادرة منازلهم إلى مناطق أخرى.
لكن الكثير من مراكز الإيواء المؤقتة التي تم إنشاؤها في المنطقة أصبحت بالفعل مزدحمة للغاية، مما يجعل من المستحيل قبول أعداد جديدة منهم.
وأشارت التقارير أنه لم يبق سوى القليل من المواد الغذائية في محلات المنطقة المنكوبة إضافة الى نقص الوقود.
وبينما دعت دول عديدة رعاياها إلى مغادرة اليابان، نفد الملح من المتاجر في بكين وباقي المدن الصينية، حيث اشترى السكان كميات سعيا لحماية أنفسهم من الإشعاع، وبسبب الشائعات التي ترددت عن تلوث الملح الذي يستخرج من مياه البحر.
وقد بدأت السلطات اليابانية في إلقاء المياه على مفاعل محطة فوكوشيما المعرضة لخطر الانصهار النووي جراء الزلزال والتسونامي.
ويستهدف هذا الضخ تبريد قضبان الوقود النووي في المفاعل الذي يتسرب منه الدخان والبخار نتيجة تعرضه مع مفاعلات أخرى في المحطة لأضرار بعد انفجارات وحرائق سببها الزلزال وموجات تسونامي.
وقال مسؤولون يابانيون إنهم يسعون لمنع انصهار أجزاء من المفاعلات حيث سيتسبب ذلك في كارثة نووية كبيرة. ويأمل المسؤولون في عودة نظم التبريد في المفاعلات قريبا، وإلا البلاد ستواجه كارثة نووية حقيقية.
Leave a Reply