دمشق – دخلت سوريا الأسبوع الماضي على خارطة الثورات العربية، بعد سقوط عدد كبير من القتلى في مواجهات بين الأمن ومتظاهرين في مدينة درعا جنوب سوريا.
وحاول النظام السوري احتواء الموقف، في ظل احتقان كبير ولدته المشاهد الدموية في درعا، حيث قالت بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد إن سوريا اتخذت قرارات هامة، من بينها دراسة إنهاء العمل بقانون الطوارئ بشكل عاجل، بينما شيع أهالي درعا قتلاهم وسط هتافات تطالب بالثأر لهم والحرية لسوريا. ويتزامن ذلك مع دعوة وجهها ناشطون إلى تنظيم مظاهرات في كل أنحاء سوريا في إطار ما سموه “جمعة الكرامة” (مع صدور هذا العدد)، سبق صباح الجمعة تظاهرات سيارة مؤيدة للنظام في درعا بعد انسحاب قوى الأمن من قلب المدينة والإفراج عن معتقليها.
وقالت شعبان في مؤتمر صحفي في دمشق إن القيادة القطرية لحزب البعث اجتمعت برئاسة الأسد وقررت وضع آليات جديدة لمحاربة الفساد وإنهاء الطوارئ ودراسة إصدار قانون ينظم عمل الأحزاب السياسية وقانون جديد للإعلام.
وأضافت شعبان أن القيادة القطرية قررت أيضا زيادة رواتب العاملين في الدولة، وإيجاد التمويل اللازم للضمان الصحي، وتمكين الموارد اللازمة لتوفير وظائف جديدة للعاطلين عن العمل.
وبشأن الوضع في مدينة درعا، قالت شعبان إن القيادة القطرية قررت تشكيل لجنة قيادية عليا للاتصال بمواطني المدينة لمعرفة ملابسات الأحداث ومحاسبة المقصرين والمتسببين بالتصعيد.
ونقلت شعبان تعازي الرئيس الأسد لأهالي الضحايا في مدينة درعا، التي قالت إن اختيارها للمظاهرات يأتي لقربها من الحدود وسهولة تصدير السلاح لها.
تأتي هذه القرارات في وقت شارك فيه نحو 20 ألف شخص في جنازة تسعة محتجين قتلوا في مدينة درعا رددوا أثناءها هتافات تنادي بالحرية والثأر للشهداء. كما نظم سكان آخرون اعتصاما في حي المحطة احتجاجا على مقتل محتجين على يد قوات الأمن السورية.
تفاوت في أعداد القتلى
في غضون ذلك نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر طبية في مستشفى درعا بجنوبي سوريا أن المستشفى استقبل جثامين 37 متظاهرا قتلوا في المواجهات بالمدينة. ولكن وكالة الصحافة الفرنسية أفادت بأن عدد قتلى الأحداث في درعا ومنذ اندلاعها قبل نحو أسبوع، وصل إلى 21. وقالت مصادر حقوقية إن 15 شخصا على الأقل قتلوا في مواجهات يوم الأربعاء الماضي وحده، حيث تشهد درعا مظاهرات غير مسبوقة منذ يوم الجمعة الماضي تطالب بالإصلاح السياسي ومحاربة الفساد، أما الرواية الرسمية فتتحدث عما وصفتها بأنها عصابة مسلحة اعتدت على طاقم طبي. وعرض التلفزيون السوري صور أسلحة وذخائر، قال إنها تخص العصابة، لكن معارضين سوريين شككوا في صحة هذه الرواية.
ووفقا لروايات الشهود، فإن من بين القتلى الذين سقطوا حتى الآن طبيبا وسيدة وطفلا، وجنديا يدعى خالد المصري قتل لرفضه المشاركة في اقتحام الجامع العمري.
وكانت الحكومة السورية قد أرسلت في وقت سابق وفدا إلى درعا قبل أن تعلن لاحقا عن إقالة المحافظ فيصل كلثوم بمرسوم من الرئيس الأسد وإطلاق بعض المعتقلين, لكنها لم تفلح في احتواء غضب الأهالي الذين يطالبون بإصلاحات سياسية تشمل إلغاء الطوارئ وإطلاق الحريات العامة بالإضافة إلى مكافحة الفساد.
وبدا أن سقوط أعداد كبيرة من القتلى قد يدفع باتجاه تصعيد أكبر مع دعوة مدونين على المواقع الاجتماعية وناشطين سياسيين إلى التظاهر في كل المدن السورية.
وقالت وكالة الصحافة الفرنسية إن “الأجواء في درعا متوترة حيث خلت المدينة تقريبا من المارة وأغلقت معظم المحال التجارية”، مشيرة إلى “انتشار عدد كبير من عناصر مكافحة الشغب” في المدينة. وانقطعت الاتصالات عن المدينة التي تحولت إلى “شبه ثكنة عسكرية”.
وقوبل قمع الاحتجاجات في درعا بإدانات دولية واسعة ومطالبات بوقف استخدام القوة ضد المتظاهرين. أبرزها جاء من الولايات والمتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا إضافة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي دعا إلى “فتح تحقيق شفاف عن المجازر” في درعا، ومحاسبة المسؤولين عنها. وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر “إن بلاده تشعر بقلق عميق لاستخدام العنف والترهيب والاعتقالات التعسفية التي تقوم بها الحكومة السورية لمنع الشعب من ممارسة حقوقه الأساسية، وتدين هذه الأعمال”.
Leave a Reply