النظام اللبناني العفن في وطن “الصفة المشبهة” السائب المستباح، الذي لم يكن يوماً يملك مقومات بلد أو نظام، هو من أكثر الدول تخلفاً في العالم قاطبةً. حتى “جمهوريات الموز” في أميركا الوسطى وأدغال أفريقيا، تطورت أكثر من “جمهورية الأرز” بسنين ضوئية.
“شبه الوطن” الذي ولد ولادةً غير طبيعية ليكون وطناً قومياً للصهيونية الفينيقية لم يف بتطلعات “نزلائه”، ليس في “سجن رومية” فحسب بل نزلائه في السجن الطائفي الأكبر.
انظروا إلى “إنتفاضة السجناء” الأخيرة بسبب قانون العقوبات الموضوع عام ١٩٤٩، الذي أكل عليه الدهر وشرب، وبسبب المعاناة الإنسانية وغياب العدالة والبرامج التثقيفية البديلة والتدريب المهني و.. و…
عفواً، نسيت أني اتحدث عن “شبح وطن” يفتقر إلى أدنى قواعد الدولة الحديثة. فمقولة “ياما في السجن مظاليم” تنطبق تماماً على السجون اللبنانية التي هي أسوأ من “المجلس الحربي الكتائبي”، سيء الذكر، في زمانه حيث “الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود”. من يصدق أن هناك متهمين في “سجن رومية” (“أبوغريب” أو “الباستيل” اللبناني) مضى على حبسهم سنواتٍ وهم ينتظرون محاكمتهم من دون أمل، كما أن هناك سجناء أمضوا محكوميتهم لكنهم لم يفرج عنهم بعد؟ كذلك هناك سجناء مدمنون على المخدرات، معظمهم من الأحداث أي المراهقين، أودعوا السجن بدل عيادات “المعالجة من الإدمان” وزادت أحوالهم سوءاً؟ من يصدق وجود حالات مرضية قاتلة، لا تعالج في السجن، وإذا طلب أهل المسكين الإفراج عنه بشرط المعالجة فقط، يرفض طلبه؟
في العام ٢٠٠٩ أصدر رئيس الجمهورية عفواً عن المسجون الفلسطيني يوسف شعبان الذي أمضى ١٦ عاماً في السجن وهو بريء من تهمة قتل دبلوماسي أردني حتى بعد إكتشاف القاتل الحقيقي. فطبلوا وزمروا لميشال سليمان ووزير عدله “القواتي” على قيامه بواجبه.. المتأخر! لكن سمير جعجع المدان بقتل الرئيس رشيد كرامي وداني شمعون بأدلة دامغة يفرج عنه بعد ١١سنة ويستقبل في القصور الرئاسية العربية ثم يعد سيسون بتجهيز ١٠ آلاف مقاتل ضد المقاومة!
كيف يبقى السجناء المظلومون في الأقبية ويظل خارج القضبان أشكال جعجع وجوني عبدو ومروان حمادة والسنيورة ونسيب لحود وبطرس حرب وفتفت وخالد الضاهر (مهندس “مجزرة حلبا”) وإلياس المر ونائلة معوض وغيرهم ممن تآمر على أبناء وطنه الذين كانوا يستبسلون في وجه آلة الموت الجهنمية الإسرائيلية؟
لماذا لا يتحرك سعيد ميرزا لإعتقال “أبطال مسلسل وكيليكس”، أم أن النساء في عيادة الضاحية الجنوبية يشكلن خطراً أكبر على الأمن القومي من المتآمرين المنحطين؟ ألم يقل مروان حمادة أنه وفريقه كالعاهرات يتذكرون من يعطيهم المال لا من يبني الجسور؟ يقول هذا الكلام ويتآمر على سوريا ثم يقف في الصف كالتلميذ المطيع ليقبل السفير السوري في عيد الجلاء، من يذكر؟! ما أكبر نفاق هذه المخلوقات!
ثم أن هناك ما هو أبعد من مجرد مسألة قضائية في ملف السجناء.
إن نظرة سريعة على أهالي السجناء الذين قطعوا الطرقات بعد أن قطعت الدولة قلوبهم، يتبين أن معظمهم من طائفة معينة، وبصراحة أكثر من الطائفة الشيعية من البقاع والهرمل ومناطق الحرمان التقليدية. ونحن نذكر ذلك من باب الحقائق لا من “شباك” الطائفية. ولعل هذا ما يفسر أن آخر همّ الدولة قضية “رومية”، رغم الإنذارات والتحذيرات الكثيرة من الإنفجار الكبير، لأن هذه الشريحة من الناس هي خارج الوطن “ليميتس”.
وبما أن “بيروت الإدارية” تنعم بالماء والكهرباء والسياحة والإنماء وهي بخير، فالوطن كله بخير، ولكم أيها المؤمنون ساعات التقنين الطويل واللاإنماء واللاعدالة، و… مياه “عين الدلبة” التي لو حتى بذل المحرومون دمهم لحماية لبنان إستكثرها عليهم بعض الموتورين.
الموضوع نفسه ينطبق على مأساة اللبنانيين ضحايا الطائرة الأثيوبية وكوتونو وفي ساحل العاج حيث أن أي دولة تمتلك الحدود الدنيا من الكرامة لا تترك مواطنيها في بلد محترب أو يتعرض للكوارث الطبيعية هكذا من دون سند، مع أن المغتربين يرسلون ٨ مليار دولار سنوياً (أي أقل بثلاث مليارات من سرقة السنيورة) لإنعاش اقتصاد البلد.
ماذا نقول إن علمنا أن ميشال سليمان لم ينم الليل من أجل إجلاء ٦٠ لبنانياً في اليابان (وهذا حق)، أما أكثر من ٨٠ ألف لبناني، فتركهم “شبه الوطن” لمصيرهم الأسود؟
ماذا لو كانت الغالبية العظمى من اللبنانيين في أبيدجان من الطائفة المالكة؟
مازالت سياسة “إبن ست وإبن جارية” تجري على قدمٍ وساق! والمضحك أن فتفت بطل الفضيحتين (الرمل العالي وشاي مرجعيون) تجرأ أن يتطاول على سياسة التعاطي مع ساحل العاج متناسياً أن معلمه ما زال مصرفاً للأعمال لكنه لن يفعل شيئأً للبنانيين رغم بهوراته الإعلامية التي أحرزت تصفيق جعجع له (يا نياله) وهو يتمرجل ضد المقاومة، كما لم يفعل شيئأً لهم في الإمارات والبحرين. ربما كان يجب إطلاق يد فتفت في أبيدجان لحل النزاع العسكري هناك بخبرته في توزيع الشاي والقهوة!
أمام هذا، فاجأتنا “أمانة ١٤ عبيد صغار” بإصدارها بياناً للمطالبة مع سعد (أبو المراجل) بتسليم السلاح للجيش وهي على ما يبدو فاتها خبر تجميد أميركا شحنة أسلحة للبنان بناءً على طلب إسرائيل!
إنه وطن يحكم بعقلية “رومية” وليس إلا سجناً عنصرياً إقطاعياً كبيراً، السجان فيه حاميها حراميها!
Leave a Reply