بعد سنوات عديدة من الإقامة في المهجر، تحمل بعض العائلات أبناءها لزيارة الوطن الأم بقصد تزويجهم من هناك بفتيات “ما باس تمهن غير أمهن”، وإقامة زواج متجانس وسعيد بين الشاب المقيم في بلاد الغرب والفتاة القادمة من الشرق، ولا شك أن ذلك يستحق الثناء والدعاء لما فيه من إيجابيات في الحفاظ على الشباب والشابات العرب في إطار ديني وثقافي وأخلاقي وبقاء التواصل باللغة العربية الأم.
في بعض الحالات، نجحت تجارب الزواج، رغم الاختلاف الشاسع بين الزوجين. وفي أحيان كثيرة انزلق الزواج إلى منحى آخر بعيد عن كل ذلك، إذ أن بعض الفتيات اللواتي يتم إحضارهن الى البلد الغريب حيث يعيش العريس وأهله، يكتشفن بعد فترة من الزمن أن الأمور ليست كما كن يحلمن ويتوقعن.
مثلاً، وأحياناً، يكون غرض عائلة الزوج، جلب خادمة لرعاية أهل “العريس اللقطة” وليس أكثر، بينما الزوج يهمل زوجته وينصرف الى نمط حياته اللاهي والمسرف في المجون والعلاقات غير الشرعية على غرار الموضة الدارجة في المجتعمات الغربية، وحيث تصبح الزوجة الوافدة “غريبة” بكل معنى الكلمة ولا تدري أن تدير وجهها ولا بمن تستعين. وكانت تعتقد أن زواجها من ذلك الشاب إنقاذ لها من الوضع المعيشي الصعب في بلدها، لتفاجأ بوضع أصعب منه هنا، وفوق ذلك عليها تقديم واجب الشكر والامتنان للزوج وعائلته كونهم اختاروها وحدها من بين العديدات لتكون زوجا لابنهم عريس الغفلة.
قد يحدث أيضا، قي زواجات عديدة، عدم الانسجام بين الزوجين لاختلاف التجارب الاجتماعية والبيئية لأن بعض الشبان من هو عربي بالاسم والسحنة فقط، ولا يمت للواقع العربي بدينه وتقاليده وثقافته بصلة، إلا ببعض الشكليات، وأحيانا يكون العريس يعاني من أمراض اجتماعية وسلوكية منحرفة لا يعيبه بها أحد من الناس من المجتمع الغربي. أو ربما تكتشف الزوجة الشابة أن لعريسها زوجة وأولادا من زواج سابق ومن هنا تبدأ المشاكل، وتقع الفتاة الشابة في حيرة من أمرها، لأنها لا تعرف كيف تتصرف وممن تطلب المساعدة، مع العلم أن بعض عائلات الشبان وبدل أن تساندها وتعينها، تلجأ للتشنيع بالفتاة وتشوه سمعتها بشتى الافتراءات إن هي حاولت المطالبة بحقوقها الزوجية الكاملة أو الطلاق والانفصال.
وقد يصل الأمر ببعض العوائل إلى تقديم شكاوى الى دوائر الهجرة والإقامة الحكومية تبلغها فيها بافتراءات ضد الفتاة وعدم بقائها إن هي حاولت التمرد والتحرر من واقعها المرير وذلك من أجل فرض الضغوط عليها وابتزازها لتتنازل عن كل حقوقها.
هؤلاء الشبان وعائلاتهم، لو سألوا أنفسهم وبعد الانتهاء من حفلات الزواج الباذخة والمظاهر الزائفة والتي لا تكاد تنتهي حتى تبدأ رحلة العذاب والمعاناة للعروس الجديدة أو “القطة المغمضة”، لو كانت الضحية أختاً لهم أو إبنة أو حتى مجرد إنسانة يعرفونها من بعيد، كيف ستكون مشاعرهم حيال المسألة من أساسها؟
Leave a Reply