مقالتي قبل الأخيرة دفاعاً عن سوريا الأبية، التي تتعرض لمؤامرة كبيرة هذه الأيام، لقيت ردود فعل بين غالبية مؤيدة، وأقلية معارضة معاتبةً. تبقى “الفوعة” الشهابية الجديدة بين ظهرانينا فريدة من نوعها وعيارها وإذا كان النقد هو ضريبة الكتابة وحرية الرأي مقدسة إلا أن من يدق الباب يسمع الجواب.
أولاً، لا أفهم سر هذه “العقدة” من صور الرئيس السوري الراحل في مطار بيروت الدولي وذكرها كل مرة! والله فهمنا، حقبة الوجود السوري في لبنان لم تكن كلها مزروعة بالورود ذلك لأن الذي كان يدير ملف “شبه الوطن” عصابة عبدالحليم خدام، رأس الفساد الذي يريد الحريصون على حرية الشعب السوري إعادته على حصان أبيض. هذه الحقبة تضمنت أيضاً، ولا ينكر إلا مكابر، تضحيات الجيش العربي السوري الذي وقف لوحده صيف ١٩٨٢، يدافع عن لبنان ضد غزو إسرائيل وخسر نصف دفاعه الجوي في حين كان العرب يتفرجون على مونديال كرة القدم مع نصف الشعب اللبناني ممن هم خارج “المناطق المستهدفة”. ومنذ ذلك الحين بدأ الرئيس المرحوم حافظ الأسد بمعادلة التوازن الإستراتيجي مع إسرائيل الذي حققته المقاومة اليوم.
إسم الله على “منارة الشرق” الذي يقال أن سوريا هي التي حولته الى وطن هزيل. طبعاً، فـ”شبه الوطن” كان من أرقى الدول لا بلد الحروب الأهلية منذ ولادته المشوهة مروراً بثورة ١٩٥٨وأحداث ١٩٦٨ أو ١٩٧٥. حتى لحن النشيد الوطني تبيّن أنه مسروق! “سويسرا الشرق”، هذا، لا يعرف أن يقلي بيضة أو يؤلف حكومة من دون مساعدة سوريا التي سحبت جيشها منذ عام ٢٠٠٥.
عجيب هذه الحماسة العدائية المتقدة ضد سوريا لدرجة التشكيك بدعمها للمقاومة، التي أول من بادرت الى يوم الوفاء لسوريا في عام ٢٠٠٥ أيام حفل جنون “١٤ عبيد صغار” مما أدى إلى تأسيس “٨ آذار” من رحم رد الجميل للشعب السوري ولنظامه الوطني الممانع. فإذا كانت المقاومة تعترف بالدعم السوري فلماذا المزايدة عليها؟ من غير المفهوم ترويج إتهام جعجع وجماعة “١٤ عبيد صغار” أن سوريا لها يد في إغتيال الشهيد عماد مغنية، الذي تخاف إسرائيل من الإنتقام له كل يوم نتيجة وعد السيد حسن، الذي لو ظن لثانية واحدة أن سوريا وراء قتله لما جبن عن كشف ذلك وهو المعروف بصدقه! مع العلم أن الجنرال محمد سليمان، مستشار الرئيس الأسد ومسؤول التسلح في الجيش السوري، قتله قناص إسرائيلي داخل سوريا عام ٢٠٠٨، بالإضافة إلى التفجير الإجرامي على طريق مطار دمشق الذي أدى إلى قتل ١٧ شخصاً، من يذكر؟
فرغم قدرة المخابرات السورية، تبقى إسرائيل قادرة على الضرب والغدر كحالة الشهيد مغنية. أصرإ ن عدم مصافحة الرئيس السوري لإسرائيلي هو مصدر فخر وإعتزاز، شاء من شاء وأبى من أبى، لأنه كما قال الشيخ الشهيد راغب حرب، “إن المصافحة إعتراف”. ولأن هذا الموقف أصبح نادراً كالماس في عصر تبادل الأنخاب العربية مع العدو التاريخي للأمة على جثث المقاومين والشهداء. نعم، أمهات الشهداء الأبرار لم يصافحن إسرائيلياً أيضاً، ولكن من أين أتت هذه المقارنة؟ ثم أن الأمهات، اللواتي قدمن أعزما يملكن، لم يجدن إلا الشعب السوري سنداً ودعماً وخطاً حيوياً وشريان حياة وحيد للمقاومة بدليل أن مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية آية الله العظمى السيد الخميني (قده) هو الذي إختط ارهاصات العلاقة الإستراتيجية مع سوريا. وليتصور هؤلاء “الحاطين سوريا بحندوقة عينهم” للحظة واحدة لو أن النظام الحالي ليس موجوداً وحل مكانه، لا قدر الله، نظامٌ متخاذل متآمر مثل ممالك القهر الأخرى يحرم التظاهر ويكفر فئةً من المسلمين ويستحل دمهم وأعراضهم ويعتبر مقاومتهم “مغامرة مجنونة”، ماذا كان حصل؟ لقد انتصرت المقاومة على أعتى قوة على وجه الأرض بالإعتماد على الله وقوة زندها وبمظلة الحماية السورية لا بدعم الشعب اللبناني، الذي شاهدنا ربعه كيف “إستضاف” وحضن اللاجئين الجنوبيين أثناء حرب ٢٠٠٦!
أما الجيش اللبناني، “حارس المقاومة”، فحدث ولا حرج. أنه على الرأس والعين وفيه ضباط وقادة نعتز بهم، لكنه غير قادر على أن يمنع إسرائيل من قطع شجرة لأنه ممنوعٌ من التسلح. ثم انظروا اليوم كيف يستغل “التيار الزرقاوي” بخبث شديد ذكرى ١٣ نيسان التي بدأها حلفاء التيار، من أجل التصويب على المقاومة.
وبالمناسبة تحية عظيمة لمدعي عام مصر لقراره حبس مبارك وولديه على ذمة التحقيق، بينما سعيد ميرزا عندنا يعطي أذنه الصماء لفضائح “ويكيليكس”!
لا أحد يقف في وجه مطالب الشعب المحقة بالإصلاح والحرية التي يجب أن تنبع من صفوف الشعب، لا من عصابة المعارضين من الجنسيات الأخرى من غير السوريين الذين يستغلون المطالب المحقة لزرع الفتنة وضرب الأمن الوطني وتصفية الحسابات في هذه الفترة الحرجة، خصوصاً إذا كانت هذه العصابة تضم حلفاً جهنمياً وبتمويل “زرقاوي” كما كشفت الإعترافات الأخيرة دور المدعو جمال الجراح في التخريب المسلح في سوريا. فالمعروف أنه إذا حضر المال بطلت الإستحالة وزمرة أعداء الشعب السوري تملك الكثير منه. والغريب أن تظاهرة الشعب السوري المليونية دفاعاً عن نظامها لم تسترع نظر الإعلام “الموضوعي” ربما لأن المخابرات جندت مليون إنسان من أجل الوفاء لوطنه!
إن معادلة الإنتصار هي الشعب والجيش والمقاومة وسوريا لذا يبقى الرئيس بشار الأسد من أشرف القادة العرب.
Leave a Reply