بيروت –
راوح المشهد السياسي اللبناني بكافة تقاطعاته ما بين تسريبات التفاؤل والتشاؤم، من دون أي تغيير عملي على مسار تكليف الحكومة او معالجة ذيول قضية سجن رومية او ملف المغتربين في ساحل العاج، في حين يتابع اللبنانيون مسلسل “ويكيليكس” الذي لا يوفر احدا، ما اضطر امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الى الإطلالة لتوضيح ملابسات نشر صحيفة “الأخبار” لهذه الوثائق التي سببت، في توقيتها السياسي، حرجا بالغا للكثيرين.
في ملف الحكومة، أعلن رئيسها المكلف نجيب ميقاتي أنه قرر ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان منح مهلة إضافية لتشكيل “حكومة تحفظ الاستقرار”، كاشفاً أنه كان ينوي تقديم تشكيلة اليوم لكنه اتفق مع الرئيس على إعطاء مهلة إضافية لتشكيل حكومة تحفظ الاستقرار وتمنع الفتنة وتعمل تحت سقف الدستور.
ميقاتي، وبعد لقائه الرئيس سليمان في بعبدا، أكد ضرورة أن تكون الحكومة ميثاقية بكل ما للكلمة من معنى وذلك بادخال معظم أطياف الشعب اللبناني.
وشدد ميقاتي على ان الحكومة تؤلف في لبنان، لافتا الى ان “هناك بعض الكتل تطالب بنوع من الأحجام والحقائب وهذا حق لها، ومن حقي انا والرئيس سليمان ان نستعمل صلاحياتنا الدستورية لتكون الحكومة جامعة وتمثل مختلف أطياف الشعب اللبناني”. وأشار الى “أننا نريد ان تكون هذه الحكومة نخبوية من جهة، وتحت سقف الدستور من جهة أخرى”.
واكد، رداً على سؤال عن السجال مع رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون حول الحقائب الأمنية، انه لم ولن يدخل في سجال مع أحد، جازماً أنه لا يضع “فيتو” على احد، قائلاً: “لن أدخل في مهاترات لأن هدفي تشكيل حكومة، لن أيأس ومستمر بإذن الله”.
لبنانيون في البحرين
من جهة ثانية، أكد سفير لبنان في مملكة البحرين عزيز القزي، أن “السلطات البحرينية شرعت منذ 4 أيام في إبلاغ لبنانيين بضرورة مغادرة البلاد، وقد وتم إبلاغ 19 لبنانياً على مدى اليومين الماضيين، وغادر 6 من هؤلاء، على أن يغادر الآخرون خلال أسبوع”.
ولفت في حديث صحفي الى أن “اللبنانيين المبلّغين بضرورة المغادرة لا ينتمون الى طائفة محددة، بل الى أكثر من طائفة، وأن السلطات لم تعلمهم بالأسباب، لأن البلاد خاضعة اليوم لحالة طوارئ، والجيش يمسك بزمام الأمور، إضافة الى القوى الأمنية، من أجل حفظ الأمن والاستقرار”.
وأشار الى “عدم وجود اتهامات محددة للبنانيين المطلوب ترحيلهم، وأن السبب قد يكون جراء ما حصل على المستوى السياسي”.
بكركي و”حزب الله”
وفي موقف لافت، أعلن البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي أنه سيطلب فور عودته من روما إلى بيروت تفعيل لجنة الحوار الخاصة بين بكركي و”حزب الله”.
البطريرك الراعي كشف أنه طلب من وفد “حزب الله”، الذي زاره في بكركي مهنئاً بانتخابه بطريركاً للموارنة خلفاً للبطريرك نصرالله صفير، استئناف عمل اللجنة واستئناف طاولة الحوار الوطني. وأشار الراعي إلى أنه طلب من “القيادات السياسية الخروج من غوغائية الغاء الطائفية”، معلناً تأييده إلغاءها.
تورط تيار المستقبل في سوريا
فاجأت السلطات السورية جميع المراقبين بالكشف عن خيوط “مؤامرة” من المتوقع أن تنعكس بشكل اعترافات مسجلة في الفترة المقبلة، وفيها ما يثبت تورط تيار المستقبل في الأحداث الدائرة حاليا في دمشق.
وفي هذا السياق، بث التلفزيون السوري اعترافات “خلية إرهابية” مؤلفة من ثلاثة أشخاص تورطت في الأحداث الأخيرة. وأكد أفراد الخلية أنهم تلقوا أموالاً تفوق التوقعات من جهات خارجية أبرزها عضو كتلة “المستقبل” النائب جمال الجراح إضافة إلى أسلحة فردية قناصة ومسدسات وقنابل يدوية وهواتف نقالة متطورة جداً تعمل على شبكة “الثريا” وذلك بهدف التحريض على التظاهر والدعوة إلى إسقاط النظام في سوريا والقيام بأعمال تخريبية من شأنها المساس بأمن سوريا.
كما اعترف أفراد الخلية بتجنيد أشخاص آخرين من عدة مناطق مقابل مبالغ مالية وتصوير مشاهد عبر جهاز الموبايل لإرسالها إلى ما يسمى موقع “الثورة” الإلكتروني لنقلها إلى قنوات فضائية اعتمدت في مادتها الإخبارية على هذه المشاهد.
وأقر أنس الكنج “رئيس الخلية الإرهابية” بأنه على اتصال بأحمد عودة من جماعة الأخوان المسلمين ويتردد كثيراً على لبنان والذي بدوره زوده بأموال وقناصات وروسيات للقيام بعمليات تخريبية وتحريض الناس على التظاهر والهتاف بشعارات “الحرية”.
الجراح، وفي سلسلة أحاديث تلفزيونية أدلى بها لنفي الاتهامات، أكد أنّ موقف تيار “المستقبل” واضح لناحية عدم التدخل بالشأن السوري، معتبراً أنّ هذه الاتهامات جزء من حلقة متكاملة بدأت في لبنان وانتقلت إلى سوريا، وهي بالتالي انعكاس لما حصل ويحصل في لبنان.
ترشيح سليمان للرئاسة في “ويكيليكس”
نقلت برقيات جديدة نشرها موقع “ويكيليكس” أن السفير السعودي السابق في لبنان عبد العزيز خوجة كشف خلال اجتماع مع السفير الأميركي يوم 3 تشرين الثاني 2007 أن الملك السعودي “قلق جداً”، مشيراً إلى اقتناع سعودي بأن آصف شوكت، صهر الرئيس السوري بشار الأسد، يتآمر بالتأكيد لقتل سعد الحريري ورئيس الوزراء فؤاد السنيورة.
وتظهر البرقية السفير السعودي واصفاً “حزب الله” بـ”الشيطان”، مشدداً على أن سوريا و”حزب الله” لا يريدان الانتخابات الرئاسية وأن العماد عون وافق على التأجيل على أمل أن تتقدم آماله في الانتخابات. كذلك تحدث خوجة عن إمكان إحياء اقتراح “ن-ن”، القاضي بانتخاب نسيب لحود لرئاسة الجمهورية، ونجيب ميقاتي رئيساً للوزراء لمرحلة انتقالية.
وبعدما لفت الخوجة إلى أن الملك عبد الله “نصح الحريري بالانتظار إلى ما بعد الانتخابات التشريعية حتى يصبح رئيس وزراء”، أشارت البرقية إلى أن الحريري ليس لديه خيار سوى القول “نعم سيدي”، وكشفت عن توجّه الحريري بعدها إلى خوجة لالتماس المساعدة في إقناع الملك بتغيير رأيه.
وفي وثائق اخرى، تتناول الفترة السابقة لانتخاب الرئيس اللبناني ميشال سليمان، وبموجب برقية تتناول لقاء بين السفير الاميركي الاسبق جيفري فيلتمان ورئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري بتاريخ 4 تشرين الثاني 2007، قال فيلتمان للحريري إن الرئيس الاسبق اميل لحود لحود خرج من بعبدا، من دون حكومة ثانية، ومن دون إعلان حال الطوارئ. وسأل السفير الأميركي: هل لدى 14 آذار مرشح اتفقت عليه؟ فأجاب الحريري بالنفي، عارضاً الأوضاع السياسية ومواصفات المرشحين الآخرين. ثم كشف لفيلتمان “الخطة باء” التي كان يخفيها، وهي ترشيح قائد الجيش العماد ميشال سليمان لرئاسة الجمهورية. فبرأي الحريري، إن هذا الاقتراح سيحرج “حزب الله”، ويؤدي إلى الإضرار بالعماد ميشال عون. وبدأ الحريري يعدّد محاسن سليمان، مشيراً إلى أنه غير مسؤول عن دخول السلاح إلى “حزب الله”، إذ إن المعابر الحدودية تخضع لسلطة الأمن العام. كذلك ذكّر الحريري فيلتمان بموقف سليمان عام 2005، بعد اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، عندما عرض سليمان على الحريري استقالته من قيادة الجيش. ورأى الحريري أن عدم وجود تهديد جدي ضد سوريا يعني حكماً غياب قدرة “14 آذار” على إيصال مرشحها إلى بعبدا. وذكر فيلتمان في برقيته رأي رئيس جبهة “النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط في الشأن ذاته، وخلاصته أن عدم وجود تهديد غربي جدي يلزم سوريا بقبول نسيب لحود في الرئاسة، يعني أن الخيار الأوحد هو سليمان.
وفي برقية بتاريخ 20 تشرين الثاني 2007، ينقل فيلتمان عن جنبلاط قوله إن لبنان سيشهد وصول ميشال سليمان إلى رئاسة الجمهورية. وبالتالي، سيكون من الأفضل لقوى “14 آذار” أن تدعم وصوله بدلاً من أن تحاول قطع الطريق أمامه.
وفي إحدى البرقيات كرّر سليمان تأكيده السابق أن “حزب الله” لا يدعمه للوصول إلى الرئاسة، مذكراً بخرقه للخط الأحمر الذي رسمه “حزب الله” حيال مخيّم نهر البارد قبل أشهر. وأكد سليمان أنه ليس مرشح سوريا للرئاسة. فرغم حفاظه على قنوات للتواصل مع الرئيس بشار الأسد، فإن النظام السوري يقف ضده، محدّداً آصف شوكت ورستم غزالي.
وفي هذه البرقية، يظهر للمرة الاولى قبول جيفري فيلتمان بإمكان وصول سليمان إلى قصر بعبدا. فسليمان، برأي السفير الأميركي، يسهل التحدث معه، وهو على الأقل، بعكس ميشال إده، يتوقف عن الكلام ليسمع محدثيه. أما إذا كان الخيار بين ميشال عون وميشال سليمان للرئاسة، فعلى الأميركيين أن يختاروا سليمان، بحسب فيلتمان، “على أمل أن يكون أداؤه قريباً من الكلام الذي قاله لنا”.
إشارة الى أن رئيس الجمهورية لم يعلق على مضمون البرقيات، فيما نقلت “مصادر مطلعة” أن “ما نشر من مضمون البرقيات يمكن تسجيل نقطتين أساسيتين بشأنه، الأولى، أن قائد الجيش العماد ميشال سليمان في حينه ورئيس الجمهورية الحالي رفض التعاون مع الوفد الأميركي برئاسة نائب وزير الدفاع إريك إدلمان ورفض أيضاً عروضاً أميركية بشأن التعاون المشترك وهذا الأمر يسجل لرئيس الجمهورية ولا ينال منه، لأنه في ذلك كان وفياً لقسمه العسكري وتالياً منسجماً مع المنطق المؤسساتي التي يحيل أموراً كهذه إلى القرار السياسي الذي يعبر عن الإرادة الوطنية الجامعة”.
النقطة الثانية، حسب الأوساط، إن قائد الجيش في حينه، لم يبد أي استعداد للتجاوب مع أي مطلب لنزع سلاح “حزب الله” لا سيما القوة الصاروخية لديه وكل ما قاله ينسجم حرفياً مع قرار مجلس الوزراء الذي أكد الالتزام بتنفيذ القرار الدولي 1701 والاستعداد لتنفيذه.
ورأت الأوساط أنه وفي هذه النقطة بالتحديد، “يستحق التوقف عند مبادرة رئيس الجمهورية وبعيد تسلمه مقاليد الحكم، إلى الدعوة لعقد طاولة الحوار ومن ثم هيئة الحوار في القصر الجمهوري وبرئاسته، ليس للبحث في موضوع السلاح إنما في الاستراتيجية الوطنية للدفاع والتي تشمل المناحي الدفاعية ومتفرعاتها الاقتصادية والمالية والسياسية والدبلوماسية والتربوية والبنى التحتية وكل القدرات الوطنية”. وهو أول من وصف سلاح المقاومة بأنه “من نقاط القوة التي يبنى عليها في الإعداد لإستراتيجية كهذه في جانبها العسكري. وموقفه هذا كان محل لوم وانتقاد من أفرقاء محليين وخارجيين”.
وتوضح الأوساط نفسها “أنه بالنسبة للتفاصيل التي وردت فإن رئيس الجمهورية يرفض التعليق عليها، لكونها استنتاجات خارج السياق الحقيقي للأمور وتفتقر للدقة”.
Leave a Reply