واشنطن – خاص “صدى الوطن”
تقاطر المئات من السوريين الأميركيين والسوريين المقيمين في الولايات المتحدة إلى واشنطن، ظهيرة يوم السبت الماضي، الذي يصادف عشية الاحتفال بعيد الجلاء في سوريا، للتظاهر أمام السفارة السورية في العاصمة الأميركية، تضامناً مع الاحتجاجات الشعبية في عديد المدن والقرى السورية منذ ما يزيد عن الشهر، وتنديداً بما وصفوه بـ”ممارسات النظام الحاكم القمعية” وطريقة إدارته للأزمة الداخلية، التي أدت إلى سقوط مئات القتلى والجرحى، واعتقال مئات المتظاهرين، محملين النظام المسؤولية السياسية والأخلاقية في إطلاق أكبر حملة إعلامية فيما بات يعرف بـ”الفتنة الطائفية”، وما لها وتداعيات وأخطار تهدد السلم الأهلي.
وحمل المتظاهرون، الذين وفدوا من عدة ولايات، الأعلام السورية، وأعلام الاستقلال، وصور الشهداء، وأطلقوا شعارات تشدد على الوحدة الوطنية، وتؤيد المطالب الشعبية، وتشجب “انتهاكات قوى الأمن” ومجموعات “الشبيحة”، وتطالب بمحاسبة الفاسدين. وارتفعت وتيرة بعض تلك الشعارات ووصلت إلى حد المطالبة بالإطاحة بالنظام.
واعتبر الأستاذ الجامعي محيي الدين قصار، الذي جاء من شيكاغو، أن سبب “تظاهرنا هو بث رسالة تأييد للشعب السوري في المدن والقرى السورية، وهو أقل ما يمكن أن نفعله للسوريين في الداخل، ولإيصال صوت المنتفضين إلى وسائل الإعلام العربية والأميركية، بعد أن منع النظام السوري جميع وسائل الإعلام غير السورية من تغطية الأحداث”. ونوه قصار إلى أن “النظام منذ أربعة عقود يستعمل وسيلة واحدة، هي القمع، في التحكم في البلاد ويظن أنها ماتزال صالحة في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين”. وأضاف متهكماً “إن النظام يشبه من لديه شاكوش ويريد إصلاح كل المشاكل والأعطال المنزلية به، بما في ذلك جهاز الكمبيوتر”.
وندد بشار شبلي العيسمي، من أبناء محافظة السويداء السورية، بالفتنة الطائفية التي يحاول النظام إذكاءها وبثها داخل المجتمع السوري، مؤكداً أن مثل هذه الخطة لن تنجح، ليس بفضل النظام، بل بفضل وعي السوريين وثقافتهم المنفتحة وتقبلهم للآخر المختلف.
ورأى العيسمي أن النظام يلجأ إلى مثل هذه الخطة “لأنه فشل في تسويق الخوف من الإخوان المسلمين” مشيراً أن النظام السوري يعمل على سياسة “فرق تسد”، و”لكن النظام السوري سيفشل كما فشل النظامان المصري والتونسي من قبل”، حسب العيسمي.
وأدانت الناشطة رشا الأحدب “قتل النظام للمتظاهرين الأبرياء والعزل”، وتساءلت عن حقيقة تلك المجموعات المسلحة ووصفت راوية النظام في هذا الخصوص “بأنها غير مقنغة” وقالت “لماذا لا يقوم النظام بالقبض عليها ومحاسبتها”، وطالبت الجاليات السورية بالتظاهر المتكرر أمام القنصليات في جميع المدن الأميركية التي يتواجد فيها تمثيل قنصلي للدولة السورية.
الاحدب لمست التغير الذي أصاب مجتمع الجالية السورية في أميركا منذ انطلاق حركة الاحتجاجات، وقالت “إن السوريين باتوا أكثر جرأة في مناقشة الأحداث السياسية، وانتقاد جرائم النظام، وإدانة سلوكه الوحشي في مذابح حماة، في بدايات الثمانينات، بعد أن كانوا لا يجرأون على الإشارة إلى هذا الموضوع”.
وحول قدرة الرئيس الأسد الابن على الإصلاح، أضافت الاحدب “إن بشار ليس كأبيه، وأنه قد يكون راغباُ بالإصلاح، ولكن توجد حوله مجموعة من الأشخاص تؤثر على قراراته، وأنه بسببهم غير قادر على منح السوريين ما يريدونه، وعليه الرحيل”.
ونفى مراد اسماعيل ، وهو من أبناء منطقة بانياس، والذي قصد المظاهرة من ولاية ميريلاند، ما يشاع عن وجود أي نوع من أنواع الطائفية في الساحل السوري، وفي جميع مناطق سوريا، وأضاف أن أهالي منطقة بانياس هم أناس مسالمون، وأنهم على اختلاف مللهم ونحلهم يعيشون متجاورين ومتحابين، وتربطهم علاقات القرابة والمصاهرة وحسن الجوار. وأشار اسماعيل الى انه لم يدخل سوريا منذ 32 عاماً بسبب انتقاده لنظام حافظ الأسد في أحاديثه الخاصة.
ووضع أستاذ العلوم السياسية في “جامعة أركنساس” نجيب الغضبان الثورة السورية في سياق الثورات العربية الأخرى، في مصر وتونس، واصفا تلك التحركات “بالسلمية والديمقراطية، وبأنها طريق للتحول من نظام الحزب الواحد إلى نظام تعددي ديمقراطي”، وشدد الغضبان “أن ما يحدث في سوريا هو ثورة لأنها شاملة”، مبشراً “بأن التحول سيصيب المشهد السياسي أولا، وسوف يتبع ذلك من تغيرات في المستويين الاقتصادي والاجتماعي”. وخشي الغضبان من أنه لن يكون بمقدور النظام السوري الاستجابة للمطالبة الشعبية، لأنه “أمني في جوهره، ومثله مثل نظامي مبارك وبن علي يتأخر في إصلاحاته عن حركة الشارع”.
وبرأي عدنان سارة، وهو من أبناء بلدة البيضة، أن مايقال عن مجموعات الشبيحة من أنهم مجموعات معادية للنظام “عارٍ عن الصحة”، والحقيقة أن تلك المجموعات، حسب سارة، “هي تنظيمات تشرف الدولة على تدريبها وتمويلها، وهي ليست حديثة العهد، بل منذ منتصف السبعينات، وأبناء المناطق الساحلية يعرفون ذلك”.
عدنان، سوري مسيحي، يرى أن شعب بلاده بكل مكوناته يتطلع إلى الحرية والتغيير، ويرى أنه “آن الأوان لنعيش مثل بقية العالم، لأن القمع والاستبداد في سوريا لا يحتمل”.
وعبرت سوزان بايلي، من أبناء محافظة درعا، والتي قصدت المظاهرة من ولاية إنديانا، عن خشيتها من منع النظام لوسائل الإعلام من نقل الحقيقة، ورأت أن وسائل الإعلام تأخرت في تغطيتها للأحداث السورية، “ولكن لحسن الحظ فإن الناس باتوا أكثر وعياً، وهي يقومون بتصوير ما يجري عبر كاميرات هواتفهم النقالة”.
وفي نهاية التظاهرة، التي استمرت لمدة خمس ساعات، ردد المتظاهرون النشيد الوطني السوري وتفرقوا بعد ذلك، منهم من عاد الى الولايات التي أتوا منها، ومنهم من انضم الى تظاهرة منعقدة أمام البيت الأبيض.
Leave a Reply