لبنان والأكثرية الجديدة على “شفير” الداخلية!
بيروت –
لا يزال مسار تشكيل الحكومة اللبنانية عالقا عند “عقدة” وزارة الداخلية بسبب التجاذب الحاصل حولها، على الرغم من جاهزية تشكيلتين في جيب الرئيس نجيب ميقاتي؛ واحدة ثلاثينية سياسية مطعمة بتكنوقراط، واخرى من 24 وزيراً تكنوقراط.
وكان من المفترض الإعلان عن تشكيلة الحكومة، بحسب ما علمت “صدى الوطن” مباشرة بعد عطلة عيد الفصح، غير أن استمرار ازمة الثقة بين جنرالي بعبدا والرابية تمنع أي حلحلة حتى الساعة، في ظل تمسك كل منهما بالمطالبة بحقيبة الداخلية.
في هذا السياق، واصل ميقاتي مساعيه بين جميع الأطراف المعنية، فالتقى الرئيسين ميشال سليمان ونبيه بري، وعلمت “صدى الوطن” ان المساعي الأخيرة تبحث في تسويق شخصية تُرضي الجميع، على وقع حراك دؤوب للمعاون السياسي لأمين عام “حزب الله” الحاج حسين الخليل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل مدعومين بموفدين من النائب وليد جنبلاط على خط عون–سليمان لتذليل العقبة الأخيرة.
وكان مستوى السجال بين النائب ميشال عون والرئيس سليمان من جهة وعون وميقاتي من جهة ثانية قد ارتفع في العلن، حيث تساءل عون بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح عما “إذا كان توقيع رئيس الجمهورية يفرض ضريبة معينة على الكتل النيابية”، مطالباً بشرح دستوري لمفهوم هذه الضريبة وكيفية دفعها. واعتبر أن “من يتمنّع عن التوقيع، يريد أن يعطّل الحكم، ومن ينتظر لتُحَلّ كل أمور الشّرق الأوسط، لا يمكنه تأليف الحكومة، ولا يريد تأليفَها”.
وقال عون: لا أرى أنّ هناك نية بتشكيل الحكومة، لأنّ الأسباب الّتي أسمعها، ليست أسباباً غير موجبة. وأضاف رداً على رئيس الجمهورية من دون أن يسميه “كل من يريد أن يتطرّق للدّستور من الآن وصاعداً من دونَ أن يذكرَ النّص الّذي يستند إليه بكلامه، سأتعرّضُ له كائناً من كان، لأنّ الدّستور ليس ممسحة”. وتابع: “أنا لستُ على خلافٍ مع أحد على وزارة الدّاخلية. أنا لديّ تكتل نيابي، وأريد وزارة الدّاخلية لأننا نشكل أكبر تكتل ضمن الأكثرية الجديدة”.
بدوره، توجه بري إلى “من يعتقد ان التأخير في تأليف الحكومة هو لأسباب سورية”، بالقول: “فليعلم ان اكثر المتضررين من عدم وجود حكومة الآن في لبنان هو سورية الشقيقة، والتأخير بحد ذاته هو جزء من المؤامرة ليس على لبنان فحسب بل جزء من المؤامرة على سوريا، ولو كان غير مقصود”.
وسط هذه المراوحة في المشهد السياسي، بدا واضحا أن التململ الذي يسود أوساط جماهير “8 آذار” او الأكثرية الجديدة ينعكس بأشكال مطلبية مختلفة، لن يكون اخرها موضوع مخالفات البناء والصعود الناري لسعر صفيحة البنزين والقمح وبروز مؤشرات على أن صيف لبنان سيكون ملتهبا بسبب أزمة كهرباء قادمة.
ازمات اقتصادية متلاحقة
قبل ثلاثة أشهر تقريبا، استطاع وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، بعد معركة سياسية طاحنة انتزاع قرار بتخفيض سعر صفيحة البنزين 5500 ليرة دفعة واحدة. يومها تفاءل اللبنانيون بهذا القرار، باعتباره باكورة العهد الجديد الذي تقوده أكثرية سياسية من نوع مختلف عما عرفته البلاد طوال العقود الماضية.
غير أن مفاعيل قرار خفض سعر صفيحة البنزين سرعان ما بدأت بالتبخر، مع استمرار ارتفاع السعر العالمي لبرميل النفط بالوتيرة الحالية، حيث تجاوز سعر خام برنت 124 دولار للبرميل، ومعها ارتفعت اسعار الصفيحة. ولئن عاد جبران باسيل الى التحرك مجددا بارساله كتابا الى وزارة المالية ورئاسة الجمورية والحكومة لطلب الموافقة على اجراء خفض جديد للرسوم المتبقية على البنزين؛ فإن البلاد دخلت في سباق مع الزمن لتفادي انفجار مطلبي للسائقين ومختلف القطاعات النقابية المتأثرة بالغلاء.
على صعيد اخر، يشهد القطاع السياحي تراجعا بنسبة تتراوح ما بين 30 الى 70 بالمئة الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الحالية مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية. وبطبيعة الحال، فإن عدم الاستقرار السياسي وبروز ملفات أمنية بين الفينة والاخرى هي في طليعة أسباب هذا التراجع السياحي.
ومما زاد الطين بلّة، انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق واسعة في ضاحية بيروت الجنوبية ومناطق اخرى في جنوب لبنان مرات عديدة في النهار، على غير عادة، ما يؤشر الى وجود ازمة حقيقية كان قد حذر منها وزير الطاقة قبل سنة، نتيجة عوامل عديدة متراكمة في أدراج شركة كهرباء لبنان منذ سنوات طويلة.
موقف لبنان في مجلس الأمن
لم تمر قضية رفض لبنان التصويت على قرار دولي، مدعوم اميركياً، لإدانة النظام السوري، من دون سجال سياسي داخلي؛ إذ تركز هجوم نواب تيار المستقبل على وزير الخارجية علي الشامي باعتباره المسؤول عن اعطاء التوجيهات لمندوب لبنان في مجلس الأمن الدولي. وفي هذا السياق، طالب عضو كتلة “المستقبل” النائب عاطف مجدلاني، في بيان الوزير الشامي “احترام السلطة الاجرائية للدولة اللبنانية والمتمثلة برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والحكومة مجتمعة، وعدم تجاوزها خصوصا في القرارات المتعلقة بالسيادة، وبالسياسة الخارجية”.
ولفت الى ان “اعتراضنا على مسارعة الوزير الشامي الى ابلاغ السفير اللبناني في نيويورك برفض صيغة اي قرار يتناول الوضع في سوريا، هو اعتراض مبدئي، ولا علاقة له بموقفنا من هذا الموضوع”.
وشدد على انه “من المستغرب ان يمتلك الشامي هذا الاندفاع غير المسؤول لاتخاذ قرار من هذا النوع والحجم، وهو من كان يدعي قبل ايام ان مجرد استدعاء سفير الى الوزارة لاستضاحة تصريحات ادلى بها تمس بسيادة لبنان ليس من صلاحياته، بل من صلاحية مجلس الوزراء مجتمعا، فما هي طبيعة هذه الصلاحيات التي تتمدد الى درجة تخرق السقوف، وتتجاوز القوانين والاصول حينا، وتتقلص الى درجة التقاعس عن ممارسة واجباته في حدها الادنى، حينا اخر”.
واكد ان “موقفنا من الوضع في سوريا معروف وكنا قد اكدناه مرات عدة، نحن لم ولن نتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا، وفي نفس الوقت نؤكد على موقفنا المبدئي بحق الشعوب في تقرير مصيرها دون اي تدخل خارجي”.
Leave a Reply