واشنطن – يستمر مسلسل “ويكيليكس” في “كشف” وثائق حساسة رغم التشكيك في مصداقيته من جهة والانزعاج الذي تبديه الإدارة الأميركية من جهة أخرى. فكان الأسبوع الماضي أسبوع “غوانتنامو” والإرهاب بامتياز بعد الكشف عن وثائق خاصة بالمعتقل وفرضيات “هجمات إرهابية”، ومواقع تجنيد الإهابيين في العالم.
كما كشـفت وثائـق “ويكيليكس” أن الولايـات المتحدة احتجزت لسنوات مئات السجناء الأبرياء أو الذين كانوا يشـكلون تهديدا بسيطا في سجن “غوانتانامو”، لكنها في المقابل أفرجـت عن معتقلين يشكلون “خطرا كبيرا”. وقد ألقت أكثر من 800 وثيقة سريّة الضوء على كيفية تقييم مدى خطورة بعض المعتقلين على الولايات المتحدة، علماً بأن المستندات السرية ليست سوى تقييمات استخباراتية لكل من المعتقلين الـ779، الذين احتجزوا في السجن العسكري منذ العام 2002، وفق ما ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية. وكتبت الصحيفة، نقلا عن الوثائق، أن البعض اعتقل استنادا إلى معلومات غالبا ما كانت غير صحيحة، خصوصا عندما تم الحصول عليها من سجناء مرضى أو تحت التعذيب.
وبحسب صحيفة “ديلي تلغراف” البريطانية فإن 220 سجينا فقط يجب أن يعتبروا كمتطرفين خطيرين، من بينهم 35 تمّ تأهيلهم على يد دعاة متطرفين في بريطانيا، في حين أن 380 لم يكونوا سوى ناشطين ينتمون إلى حركة طالبان أو زاروا أفغانستان، فضلاً عن 150 سجينا على الأقل، أبرياء. وقد اعترفت الولايات المتحدة بأن 150 أفغانيا وباكستانيا على الأقل كانوا من المزارعين أو الرعاة الأبرياء.
توريط معتقلي غوانتنامو
تظهر برقيات الدبلوماسيين الأميركيين المسرّبة على موقع “ويكيليكس” أن ثمانية معتقلين في غوانتنامو جرّوا اليه قرابة ثلث العدد الأجمالي للنزلاء من خلال شهادات كاذبة. وتقول وثيقة إن “255 معتقلا، أو قرابة ثلث العدد الإجمالي لنزلاء غوانتنامو في كوبا، آلوا الى هذا الحال لأن ثمانية معتقلين وشوا بهم وورطوهم في عمليات إرهابية سابقة أو مزمعة”، وذلك من خلال شهادات تفتقر الى الصدقية.
هذا بعض ما رفعت نقابه الدفعة الأخيرة من برقيات الدبلوماسيين الأميركيين المسرّبة على موقع “ويكيليكس”. وقد اتضح أن معظم سجناء المعسكر لم تقبض عليهم قوات أميركية، الأمر الذي يعني أن المحققين، في سعيهم لرؤية الصورة كاملة، اضطروا لمقارنة مختلف الشهادات التي أدلى بها معتقلون آخرون. ويرد في البرقيات أن يمنيا يدعي محمد باسردة، اعتقل بتهمة انتمائه لتنظيم “القاعدة”، ورّط منفرداً 131 شخصا آخرين، بينما ظهرت شهادات آخر يدعى محمد هاشم في ملفات 21 رجلا. ووردت ايضا شهادة سوري يدعى عبدالرحيم رزاق الجنكو في ملفات 20 معتقلا، وكان هذا هو حال شهادة معتقل يدعى محمد القحطاني مع ملفات 31 آخرين. وتظهر البرقيات ايضا أن معتقلا يدعى “أبو زبيدة” ورّط 127 رجلا، بينما اعتقل 33 آخرون بناء على شهادات عراقي اسمه عبد المطلب حسن. وأوضحت ايضا أن المحققين الأميركيين اضطروا للاعتماد الكامل على كل تلك الشهادات برغم هامش الشك الحتمي في دقتها وربما صحتها من الأساس.
وكان أفضل مثال لهذا ملف لمعتقل اسمه محمد حسن جاء فيه أنه “اعترف بأنه تعمّد المبالغة والتضخيم في شهاداته حتى يبدو وكأنه يتمتع بمركز مرموق”. وأقر محللون أميركيون في هذا الملف بأن شهادات حسن “لا يمكن الاعتماد عليها وتلقي، ربما، بظلال من الشك على شهادات الآخرين”، وفقا للبرقيات التي حصلت “واشنطن بوست” الأميركية و”ديلي تليغراف” البريطانية على نسخ منها قبل وسائل الإعلام الأخرى.
وورد في البرقيات أن محمد القحطاني ظل يغير روايته للأحداث. ونقلت “تليغراف” عن فيروز عباسي، وهو بريطاني من أصل باكستاني كان معتقلا بغوانتانامو وأطلق سراحه قبل فترة، إن عددا كبيرا من النزلاء “كانوا يقولون أي شيء فقط لإرضاء المحققين”. وقال إنه شخصيا لم يورّط أي شخص آخر لكن غيره ربما أدلى بأكاذيب “فقط من أجل التخفيف على أنفسهم من ضغوط التحقيق”. وأضاف أن هذا الوضع تأتى “لأن المعسكر غابة بلا قانون. قل ما شئت.. قل أي شيء.. لأن السكوت سيؤول بك الى وضع سيء”.
ومن جهته قال ستافورد سميث، من جماعة الضغط “ريبريف” المعنيّة بمعتقلي غوانتانامو: “هذه البرقيات تكشف عن الكثير الذي يؤكد افتقار الجيش الأميركي الكامل للكفاءة. وقد أدى هذا الوضع المزري لأن تتسبب شهادات كاذبة من حفنة من المخبرين في توريط عدد هائل من الناس بلا جريرة ولا علاقة لهم بالتطرف على الأرجح”.
تجنيد عابر للقارات
وفي سياق آخر، افادت وثيقة تابعة لوزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) كشفها موقع “ويكيليكس” ان تنظيم “القاعدة” استخدم نحو عشرة مساجد ومراكز اسلامية لغرض تجنيد وتدريب عناصره بدءا من كراتشي مرورا بمونتريال الى ليون والقاهرة. واشارت الوثيقة المعدة لتساعد المحققين الاميركيين في عمليات الاستجواب التي يجرونها مع معتقلي معسكر غوانتانامو، الى “مسجد السنة” في مونتريال في كندا و”جامعة ابو بكر الاسلامية” و”المسجد المكي” في كراتشي و”مسجد الخير” في صنعاء و”معهد دماج” في صعدة في اليمن و”مسجد فاينسبيري بارك” ومكان تم تاجيره لنادي شباب “فور فيذرز” بالقرب من شارع بيكر ستريت في لندن و”الجامع الكبير” في مدينة ليون الفرنسية و”المعهد الثقافي الاسلامي” في ميلانو بايطاليا واخيرا “مسجد وزير اكبرخان” في كابول.
ولم تكتف “ويكيليكس” بهذا القدر، فسربت وثائق أخرى نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” ان مجموعة صغيرة من ناشطي تنظيم القاعدة كانت تخطط لشن هجمات جديدة على اهداف اميركية بعد اعتداءات “11 ايلول”، قبل اعتقالهم في غوانتانامو. وكانت المجموعة الصغيرة التي تشكلت حول الراس المدبر للاعتداءات خالد شيخ محمد تطمح لتحضير اعتداءات بواسطة اسلحة دمار شامل.
وتتحدث التسريبات ايضا بحسب الصحيفة عن مخططات اخرى ناقشها خالد شيخ محمد مع رجاله مثل اعتداءات في طائرات على طول الساحل الغربي الاميركي وتفجير بالغاز لشقة او محطات بنزين او ايضا قطع كابلات جسر بروكلين في نيويورك.
Leave a Reply