هذا العام ليس عام إسرائيل بتاتاً. فهي لا تفتأ تأكل “البوكس وراء البوكس” منذ بدايته الخيرة لنا، أكثر الله من أمثاله!
ففي مطلع ٢٠١١ المجيد كانت إسرائيل تمني نفسها ولعابها يسيل بإنتظار “القرار الظني” الصادر عن المحكمة البيلمارية التي هربها فؤاد السنيورة تحت جناح الغدر والخيانة، ظناً منها أنها وضعت العدالة في وجه المقاومة التي أذاقتها مر الإذلال وعلقم الهزيمة. صدر القرار-المهزلة فقامت المقاومة، بانضباطٍ شديد، بتحركٍ سلمي مدني إحتجاجاً عليه مما سمي بأصحاب “القمصان السود” الذين أرعبوا فارس سعيد وجوقة “١٤ عبيد زغار” من فعلة هؤلاء الرهيبة بالمسيرة… السلمية. ثم من عتم الشتاء إنبزغت الثورة الشبابية العربية مثل ندى الربيع، فدعست على بيلمار ومحكمته المسيسة الحاضنة للفتنة وأطاحت بالرؤوس الحاكمة بدءاً بـ”العصفور الطيار” في لبنان، مروراً بدكتاتور تونس الذي كشفت التقارير الأخيرة مدى تورطه بالعمالة ضد بلده، إلى طاغية مصر المحروسة حسني مبارك الذي يأكل أصابعه ندماً على عدم هروبه إلى السعودية بسبب غرور السفاح فيه ظناً منه أن الشعب سوف يسارع لمناشدته بالعودة!
“الربيع” العربي إستمر بتنقله إلى اليمن الحزين هذه الأيام بعد أن أثبت علي عبدالله صالح أنه أسوأ الطواغيت بتفضيله مصلحته الخاصة على مصلحة الوطن وقتله للثوار اليمنيين العزل الأبرياء. بعد ذلك، جاء دور المجرم الزنيم معمر القذافي حيث تعرقلت الثورة في ليبيا بسبب دموية القذافي المتشبث بالسلطة والتدخل الأجنبي غير البريء. وهنا، بين هلالين، لا يظن المجرم قذاف الدم ورفيقه المنحط موسى كوسا انهما بخيانتهما لمعلمهما القاتل الأول في ساعة ضيقه، ستمحي سنين التآمر والإجرام والدماء البريئة التي أراقوها معه في عز سطوته وأولها جريمة خطف الإمام السيد موسى الصدر. إن الغرب لا يريد التخلص من القذافي المخلص لمصالحه رغم جنونه الثوري المزعوم.
ثم مر الربيع العربي مرور الكرام على كلٍ من الجزائر والمغرب وسلطنة عمان، إلى أن إستقر في البحرين المظلومة المعتم على ثورتها عنوةً عن كل الثورات الأخرى، حيث رافقت وسائل الإعلام كل الثورات بتفاصيلها المملة ماعدا ثورة الشعب البحريني وبالأخص قناة “الجزيرة” التي إرتفعت اسهمها إلى السماء بعد تغطية ثورات تونس ومصر وليبيا، لكنها بعد البحرين وتآمرها مع قناة “العبرية” على سوريا إرضاءً لمملكة آل سعود سقطت في الحضيض، بتحريضها على الفتنة مع القرضاوي واعظ السلاطين. وهنا، نحيي الإعلامي غسان بن جدو على موقفه المشرف بترك “الجزيرة” بسبب فقدان مصداقيتها المهنية والأخلاقية. بعض الكتاب سربوا أن المجازر التي تجري في البحرين هي أسوأ بكثيرمن الغزو الصدامي للكويت. لكن لا يهمهم شعب البحرين، لأنهم الآن يتلهون بسوريا وتركيبات الإعلام المغرض وشهود العيان الذين يشاهدون الأحداث من.. ألمانيا.
وهكذا، جاءت الطعنات ضد إسرائيل بدحرجة الأنظمة البالية تصديقاً لنظرية حكيم الثورة الفلسطينية المرحوم جورج حبش الذي تزعم جبهة الرفض وكان يردد أن تحرير فلسطين يبدأ بتحريرنا من هذه الأنظمة وسط إستهجان الكثيرين. لكن الطعنة النجلاء بقلب إسرائيل، أتت من مصرحيث كانت أولى ثمار “ثورة النيل” المصالحة الفلسطينية التي كانت ممنوعة أيام مبارك المنحاز للعدو (بالمناسبة أين يختبىء عمر سليمان هارباً من وجه العدالة، وهل علم مسبقاً بما يملك من “سوابق” وأسرار خطيرة أنه سيلاحق مثل مبارك والعادلي؟).
من هذا كله ينبعث سبب جنون إسرائيل وغضبها على المصالحة لأنها سوف تحرمها من دمية اسمها محمود عباس الذي تنازل مع رئيس وزرائه الليكودي عن كل المقدسات والأرض والحقوق ولكن رغم ذلك لم تقبل إسرائيل بالسلام. وعباس هذا لم يكن ليرضخ لو لم ينكشف أمره وينكسر ظهره بقلع مبارك وضعف ملك الأردن. ليس هذا فقط، فقد اظهرت مصر توازناً في علاقتها فلم تستقبل “سعد” أو رئيس أركان حربه السنيورة (الذي زار نيويوك وأجرى محادثات ،لا نعلم بأية صفة، مع “الأهبل” بان كي مون والمندوب الإسرائيلي لارسن -الله يستر) وأعادت العلاقات مع إيران وتعمل على فتح معبر رفح بشكلٍ دائم منهيةً بذلك حصار غزة المجرم. حتى إعدام، السيء الذكر، بن لادن حرم إسرائيل من إستغلال جرائمه للتحريض ضد العرب والمسلمين لأن العالم اليوم لم يعد يروجه الإرهاب البشع، بل وجه الشباب العربي الثائر في ساحات التحرير.
كل هذا في كوم و”شبه الوطن” في كوم آخر. فبعد أن فرط نجيب ميقاتي بمكاسب الأكثرية الجديدة ورصيدها نتيجة طرد “سعد” من الخدمة، جاءت تسريبات “ويكيليكس” الجديدة حول “٧ أيار” لتكشف مرض هذا النظام المأفون. فرئيس الجمهورية الذي كان يريد أن يحمي المقاومة برموش العيون يطلق عليها إسم ميليشيا مما يعزز إتهام الجنرال عون أن قلب ميشال سليمان مع المقاومة لكن سيفه عليها وهو منحاز لفرقة “الدنيا هيك”. كذلك كرر “وزيره”، الذي من حصته، إلياس المر، قوله عن معلمه سليمان بأنه “جبان ومتآمر”! الكلام المتآمر لم يبخل به ميقاتي نفسه الذي صوب على المقاومة أيضاً وعلى الجنرال عون، الذي لايضيره ما قيل عن لسانه عندما كان خصماً شريفاً غير مدعٍ مثل الغير الذين يضمرون عكس ما يقولون.
وجه العالم العربي مشرق وإسرائيل في إكتئاب شديد وسياسييو نظام لبنان في نفاقٍ مديد!
Leave a Reply