صنعاء – دخل اليمن الأسبوع الماضي في المجهول مع “تبخّر” المبادرة الخليجية، وفتح باب المواجهة في الشارع على مصراعيه مع بدء المتظاهرين بالتحرك نحو مواقع حكومية في مناطق مختلفة في صنعاء.
ولم يستطع اجتماع القادة الخليجيين في الرياض فضّ الازمة المتفاقمة بين الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وأحزاب “اللقاء المشترك” (المعارضة البرلمانية) بالرغم من تجديد مجلس التعاون الخليجي دعوته الفريقين التوقيع على مبادرته، وذلك بعدما تأزمت المواجهة اليمنية في الشارع بين المتظاهرين المعارضين الذين أعلنوا الزحف الى مقر رئاسة الحكومة والقوات الامنية.
وتنص المبادرة على مشاركة المعارضة في حكومة مصالحة وطنية في مقابل تخلي صالح عن الحكم لنائبه على ان يستقيل بعد شهر من ذلك. لكن صالح رفض التوقيع فيما دعت المعارضة دول الخليج الى الضغط على الرئيس كي يقبل المبادرة.
وشارك نحو 20 ألفا في مسيرة انطلقت من المركز الرئيسي للاحتجاجات في ساحة التغيير في العاصمة صنعاء باتجاه مقر رئاسة الحكومة في محاولة لتوسيع دائرة اعتصامهم عندما فتحت قوات الأمن النار مباشرة على المشاركين. وذكر مصدر طبي ان متظاهرين قتلا وأصيب 40 آخرون بجروح، برصاص عسكريين ومدنيين مسلحين بعدما انطلق المتظاهرون في مسيرتهم الحاشدة. وأكد أحد منظمي التظاهرة، توفيق الحميري، ان “جنودا ومدنيين أطلقوا الرصاص الحي علينا”، فيما قال أحد الشهود ان “العشرات أصيبوا بجروح.. والقناصة شاركوا في الهجوم على المتظاهرين”.
كما قامت السلطات اليمنية بقمع تظاهرة في تعز بإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع والضرب على أيدي رجال يرتدون ملابس مدنية ويحملون هراوات، مما أدى الى مقتل سبعة أشخاص وجرح العشرات.
وتحولت تعز، ثاني مدن البلاد، الى معقل حركة الاحتجاج ضد الرئيس اليمني. وقال سكان إن المحتجين انتقموا بإشعال النيران في مبنى للشرطة، فيما حاولت قوات الأمن في المدينة فك حصار المحتجين على مبنى وزارة التعليم. لكن المحتجين وسعوا نطاق الحصار ليغلقوا الخدمات العامة. فبعد مقتل المتظاهرين، نزل الآلاف الى الشوارع وتجمعوا أمام مقر شركة النفط الحكومية وأغلقوا مدخلها الرئيسي بواسطة سلاسل حديدية كما علقوا لافتة كتب عليها “مغلق بأمر من الشعب”.
من جهته، حمّل نائب وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال اليمنية عبده الجندي، تحالف “اللقاء المشترك” مسؤولية أحداث العنف التي وقعت في كل من صنعاء وتعز، من خلال “تحريضها” للمتظاهرين على اقتحام المباني الحكومية. وقال الجندي “إن المشترك عمد إلى تحويل الاعتصامات الاحتجاجية إلى مسيرات واعتداءات على المنشآت الحكومية واقتحامها”، مضيفا ان تظاهرات صنعاء “كانت تستهدف اقتحام مبنى مجلس الوزراء الذي يجاوره أحد المباني الرئيسية لوزارة الإعلام والإذاعة في إطار تنفيذ مخطط تحريضي”. واعتبر الجندي ان ما حصل “يهدف الى إفشال المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية”.
وكانت تقارير إخبارية تحدثت عن هدفي شباب الثورة من مسيرتهم التصعيدية. فالاول تحذيري لـ”صالح بأنها آخر مسيرة وآخر تحذير له، وإن لم يتنح ويرحل فورا فسيتم التصعيد الثوري والزحف إلى القصر الرئاسي كحل نهائي”. أما الثاني فهو توجيه رسالة إلى قادة مجلس التعاون بأن ما يحدث في اليمن “ثورة وليس أزمة كما يصورها نظام صالح”.
كذلك، أصاب المحتجون الحياة في مدينة إب بالشلل. وقال علي نعمان، أحد السكان، “كل المتاجر تقريبا أغلقت في إب باستثناء قلة تبيع السلع الغذائية الرئيسية. لا أحد يذهب الى العمل وهذا أمر لم يسبق له مثيل في هذه المدينة”. وسيطر المحتجون على مقر المحافظة في المدينة التي تحمل الاسم ذاته، جنوب غرب صنعاء. كما شهدت مدينة عدن مواجهات مماثلة، أصيب فيه متظاهرون بجروح عندما حاول عناصر الجيش إخلاء كتل صخرية من الطرق وضعها معارضون للنظام في بعض الشوارع. وذكر مراسلون صحفيون ان “معظم شوارع عدن أغلقت أمام حركة السير، كما أغلقت المراكز التجارية والمحال أبوابها ولزم السكان منازلهم فيما كان إطلاق النار يسمع في أنحاء متفرقة” من المدينة الجنوبية.
Leave a Reply