لم يزد مدير عام قوى الأمن الداخلي “الإمبراطور ريفي”، “شرفاً” إلا دفاع سمير جعجع عنه بعد صمتٍ مطبق فرضه حرج ما يسمى “مسيحيو ١٤ آذار” من تمرد مدير عام ليس على وزيرين فحسب، احدهما رئيسه المباشر، بل على رئيس الجمهورية الذي يعتبر في “خيال صحراء الوطن “، القائد الأعلى للقوات المسلحة!لقد تمتعنا هذا الأسبوع بمشاهدة فيلمٍ من أفلام “سباغتي وسترن” من بطولة كلينت إيستوود، حيث الغلبة للأقوى من دون وجود نظام أو قانون إلا قانون شريعة الغاب. فوجود عناصر من “فرع المعلومات” بلباسهم المدني ذكرنا بمليشيات الحرب الأهلية، خصوصاً عندما حضروا أنفسهم لأيامٍ وليال صمود طويلة من خلال إحضار الفرش وثياب النوم. فالشباب كانوا “ناويين على الخير”.لقد أعاد شكلهم وهم يشهرون أسلحتهم بوجه وزير الإتصالات ثم “سحب الأقسام” ضده والوفد المرافق له والذي كاد أن يتسبب بمجزرة بشرية، صورالحرب الميلشياوية البغيضة بعد أن ظننا أنها دفنت إلى الأبد مع سمير جعجع. ربما لهذا السبب حن جعجع إلى الماضي عندما رأى “فرع المعلومات” “يستأسد” و”يستقتل” عبر ٤٠٠ عنصر للدفاع عن الشبكة السرية الثالثة في الطابق الأسود الثاني، التي تبين أنها مسجلة دولياً ولا يعلم أحد، إلا الله، ما الهدف منها ومن المستفيد ولماذا السرية المطلقة؟ البعض حزن على إنهيار الدولة والمؤسسات ولكن أين وجدت الدولة أساساً حتى تنهار؟ فمنذ ولادة “شبه الكيان” على يد القابلة الفرنسية غير القانونية، الجنرال غورو عام ١٩٢٠ تزامناً مع التحريض على سوريا (وما أشبه اليوم بالبارحة، حيث التآمر على سوريا يأتي من لبنان)، حكمت لبنان عصابات إقطاعية طائفية من ضمن نظام المحاصصة السياسية وتحكمت فئة الأربعة بالمئة من العائلات الطائفية بسياسة البلد بين حربٍ أهلية وأختها.وعشية ذكرى الإغتيال الرابعة والعشرين للرئيس الشهيد رشيد كرامي، قدم المدان بقتله براءة ذمة لأشرف ريفي واصفاً إياه بأنه “أنظف” مدير عام وبأن قوى الأمن الداخلي بفضله هي الوحيدة الحرة العصية على الإختراق الخارجي. لقد أهان جعجع ونسف كرامة كل مدير عام سابق تبوأ هذا المنصب لأن الله، جل وعلا، خلق أشرف ريفي و”كسر القالب”. طبعاً جعجع حريص مثل “صغار ١٤ آذار” على “العبور إلى الدولة”؟! والدليل ماضي جعجع الحافل بإغتيال ضباط وجنود الجيش اللبناني عندما كان “الأمر له” وحامي حمى المجتمع المسيحي، أما اليوم فلا تهمه كرامة رئيس الجمهورية ضد موظف متمرد!لكن الأطرف في دفاع جعجع المستميت عن ريفي سخريته من عدم معالجة عراضة إستقبال اللواء جميل السيد على المطار بعد إستدعاء سعيد ميرزا له، لكنه لم يذكر كيف زف “التيار الزرقاوي” ربيب الإستخبارات اللبنانية في عز ظلمها، جوني عبدو، من الطائرة إلى السيارة ثم ترحيله بسرعة وبنفس الطريقة مع أنه مطلوب من الدولة اللبنانية العلية! جعجع أخذ على الوزير نحاس نشاطه “رغم أنه بحكم مصرّف للأعمال”، متناسياً أن نحاس من أنشط الوزراء الذين حصلوا على إدانة دولية ضد إسرائيل لإطباقها على الإتصالات في لبنان، ولهذا السبب أصبح مغضوباً عليه من قبل جعجع ومعلمه وعلى الأكثرية الجديدة ألا تقبل تشكيل حكومة من دونه.بالعودة إلى أشرف ريفي الذي تطاول على رئيسه ورئيس البلاد ورفض الإنصياع للأوامر المباشرة مستعملاً عبارة “يروحوا يبلطوا البحر”، ماذا كان حصل يا ترى لو كان هذا الموظف المتمرد ينتمي إلى طائفة أخرى؟لقد ثأر ميشال سليمان لكرامة وزيره عن طريق إحالة ريفي على القضاء العسكري لكن كما قال أحمد فتفت “إنه لبنان”، أي أن الفوضى والمساومات الرخيصة هما من سمة “شبه الكيان” الضعيف هذا. ربما لهذا السبب يتشدق فتفت بتصاريح موتورة ويوصم الوزير شريل نحاس بأنه “شبيح” فقط بسبب اصراره على مزاولة عمله في وزارته. “هذا اللبنان” هو الذي يترك فتفت وأمثاله حراً بدل أن يودع في السجن بعد أن عمل “غرسوناً” لقوات الإحتلال في ثكنة مرجعيون!على سليمان، إذا كان جدياً فعلاً في تصويب مسيرة المؤسسات، أن يحيل وزير عدل جعجع وسعيد ميرزا على القضاء بعد ترددهما ومماطلتهما في التحرك بسرعة ومعاقبة أشرف ريفي البطل الذي نسب لنفسه إجتثاث “فتح الإسلام” وتدمير مخيم نهر البارد! يا له من إنجاز “ضارَب”، فيه حتى على رئيس الجمهورية نفسه! لقد أظهر هذين الشخصين انحيازهما إلى معلمهما المنصرف إلى مشاغله الخاصة في بلده الأول، ولا يهم أن خربت أم عمرت في لبنان.المهم أن المسألة ستنتهي بتبويس اللحى على الطريقة اللبنانية (أي الضحك على الذقون، بإنتظار أزمة أخرى، أي “لا غالب ولا مغلوب”، هذه القاعدة السخيفة).الله يستر، ماذا فعل مروان حمادة في وزارة الإتصالات خلال توزيره فيها! وما هو سر هذه الشبكة التي أدت إلى قطع علاقة رئيس الجمهورية بجوقة “١٤ آذار”؟ ولماذا تكشف الساحل السوري، وهل لها علاقة بما يحدث من تآمر على سوريا وتهريب أسلحة وأفلام مركبة؟ وما علاقة الشبكة بالمحكمة الإسرائيلية البيلمارية وبالقرار “الزاني” المستند إلى خطوط خلوية؟ وما سر قوة وجلافة عبد المنعم يوسف الفاتح على حسابه؟أسئلة قد لا تجد جواباً على الإطلاق في بلد الأحجية والألغاز!
Leave a Reply