بيروت – حقق الرئيس نبيه بري خرقا -في الشكل أقلّه- لناحية “مفاوضات” تشكيل الحكومة اللبنانية، بعد أن نجح في اقتناص محاولة تعطيل قوى “14 آذار” لانعقاد جلسة المجلس النيابي بحجة عدم شرعيتها ليجمع اقطاب الأكثرية الجديدة، ويضع لمساته على تفاهم سياسي بات ضروريا بين الرئيس نجيب ميقاتي تحديدا والنائب ميشال عون.
ولئن كان من السابق لأوانه التفاؤل بمشهد المجلس النيابي الأخير، نظرا للتجارب السابقة خلال الأشهر الأربعة الماضية، فإن الحد الأدنى من تقدير الموقف يفترض أنّ مساعي ترتيب او تنظيم الخلاف السياسي بين الرئيس المكلف والأكثرية الجديدة من شأنها ان تريح الأجواء في البلد، وتضع الأكثرية السابقة مجددا في خانة التشويش والمراقبة عن بعد، بانتظار خطوة اقليمية او دولية معرقلة، خاصة وان السياسة الأميركية لم تحد حتى اللحظة عن قرار تجميد الوضع اللبناني لخدمة اهدافها في الداخل السوري!
بكل الأحوال، وبانتظار الساعات القليلة المقبلة، كان لافتا الزيارة المفاجئة التي قام بها النائب وليد جنبلاط الى سوريا، حيث التقى الرئيس بشار الأسد وشدد على “أهمية الاستقرار في سوريا التي يتلازم استقرارها مع استقرار لبنان، كما نص اتفاق الطائف، وهو ما يحتم تأليف حكومة جديدة في لبنان سريعا”.
وذكر بيان عن الحزب التقدمي الاشتراكي أنه “تم أثناء الزيارة التشاور في تطورات الأوضاع في لبنان، والمراحل التي قطعتها عملية تأليف الحكومة، وكانت الآراء متفقة لناحية ضرورة الاسراع في تأليفها لما لذلك من دور في حماية استقرار لبنان”.
وأشار إلى أنه “تم التداول في تطورات الأوضاع في سوريا، وقد عبر رئيس الحزب وليد جنبلاط عن أمله في أن تتخطى سوريا هذه المرحلة الحساسة من تاريخها عبر إقرار الاصلاحات التي أطلقها الرئيس الأسد بما يعزز وحدتها الوطنية ويحصن قوتها ومناعتها، وذلك يتحقق من خلال حوار وطني واسع للتأسيس لمرحلة جديدة يكون عنوانها الرئيسي الاستقرار والاصلاح، مؤكدا رفضه لأي تدخل أجنبي في سوريا”.
بري سيد البرلمان
وكان الرئيس نبيه بري ارجأ جلسة المجلس النيابي الى الاربعاء المقبل بسبب عدم اكتمال النصاب، نظرا لتغيب نواب قوى “14 آذار”. غير ان ذلك شكّل فرصة لعقد اجتماع ضم بري وميقاتي وجنبلاط وسليمان فرنجية وميشال عون.
وظهرت اولى تباشير هذا الاجتماع بإفادة ميقاتي من المجلس حيث قال أن اللقاء “كسر الجليد”، لافتا الى انه سنقوم بخطوات سريعة لتشكيل الحكومة.
وكشف ميقاتي أنه عقد لقاء ثنائيا مع رئيس تكتل “التغيير والاصلاح” العماد ميشال عون حيث تم التفاهم على الخطوات المقبلة لتشكيل الحكومة.
بدوره، اعتبر جنبلاط ان اللقاء في مكتب بري كان “صدفة جميلة”، مؤكدا ان الاجواء كانت ايجابية وتم التاكيد على التحالف بين القادة المجتمعين.
واشارت مصادر متقاطعة على أن اللقاء حسم النقاط الخلافية، وصار في عهدة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، الذي يفترض أن يقدم جوابا لرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي حول مرشحيه للمقعد الماروني السادس.
وبدا واضحا ان الجلسة ساهمت في تنفيس الجو السياسي في البلد.
اما على صعيد التشكيلة الحكومية، فقد اشارت المعلومات الى أن وزارتي الطاقة والمياه والاتصالات ستبقيان على الارجح من حصة “التغيير والاصلاح”، والوزير جبران باسيل سيكون وزيرا للطاقة بالحكومة المقبلة.
وسبق اللقاء في مكتب بري كلمة للأخير خلال مؤتمر صحافي اعقب تأجيله الجلسة النيابية قال فيها إن “ثورة الأرز تأخذ خطوة الى الامام لتردنا خطوات بعيدة الى الوراء عبر الاصرار على إحتكار السلطة ومحاولة إحباط المبادرة النيابية التي تنطلق من الظروف ومن الصلاحيات الدستورية”.
ولفت بري الى أننا “لم نسع الى فرصة سانحة لإحلال النظام المجلسي ولا نزال نؤمن بإتفاق الطائف والنظام البرلماني”، مشددا على أننا “لن نقبل بإحتكار السلطة ووضع خطوطاً حمر”، وقال: “لا يمكنني من موقعي الدستوري أن أكون شاهداً على اللامبالاة في الدستور”، داعيا الى “رفض تكريس أعراف جديدة تكون قوتها أقوى من النصوص الدستورية”، مشيراً الى أن “الدعوة الى الجلسة التشريعية هي من ضمن الدستور وهي لحماية النظام اللبناني ولا سيما النظام النقدي”.
وتابع بري “ساقوا ضدي ذرائع، ولماذا أقدم على هذه الجريمة، وإتهموني بأنني أقدم على جريمة أولاً تغطية للفشل بتشكيل الحكومة، ثانياً إنني أخالف الدستور والميثاق، وثالثاً مخالفة النظام الداخلي لجدول الاعمال”.
وحول تأليف الحكومة، إعتبر بري أن “لا أحد بكل الجهات الحليفة وغير الحليفة عقدت إجتماعات وسهلت تشكيل الحكومة أكثر مني”، مشيرا الى أن “رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي موجود ويمكن سؤاله”، وقال “ليس نبيه بري الذي يقال له إنك تعرقل تشكيل الحكومة وحتى جلسة اليوم أردوها شيء وأرادها الله شيئاً آخراً، وجعلت في سبيل إتمام الحكومة أن شاء الله وبالتالي عملية التأليف أبدا لم تكن السبب في هذه الجلسة”.
وأضاف أن “إجتماع الاقطاب صدفة خير من ميعاد وان شاء الله الفول حيصير بالمكيول”.
ولفت بري الى أن “إستقالة الحكومة أو إعتبارها مستقيلة لا يحد من صلاحيات المجلس بل يوسعها، فهو يصبح في دورة إنعقاد حكماً”، مشددا على أن “بين التكليف والتأليف على المجلس أن يعمل بصورة أسرع، أما بعد التأليف فعلى المجلس إنتظار أن تقدم الحكومة بيانها الوزاري ولذلك حدد المشترع مهلة للمرحلة الثانية وهي شهر”.
وإعتبر بري أنه “إذا أخذنا بإجتهاد قوى الرابع عشر من آذار فبإمكان الفريق الذي إختار ميقاتي لتأليف الحكومة أن يتحكم بالبلد”، مؤكداً أن “رئاسة الجمهورية لا تستطيع ان تقوم بشيء والحكومة مستقيلة”. واوضح أنه “عند إستقالة وزراء الطائفة الشيعية ناشدت رئيس الحكومة الاسبق فؤاد السنيورة تعيين وزير شيعي لكي لا تصبح الحكومة بتراء وفاقدة للشرعية، أما الآن كانوا يحاولون بالنسبة لهذه الجلسة ليس هناك إستقالات واليوم اكثر من ذلك هناك عدد من الزملاء الكرام من الطائفة السنية موجودين في الجلس النيابي ولكن مع ذلك اقرر انه لم يحضر 104 نائب وهناك 24 نائب يشكلون جو طائفة معينة مع ان المجلس يستطيع ان ينعقد لانه لا استقالة، ولكن بالسياسية وبالعيش المشترك لم أكن اقوم بعقد الجلسة”.
Leave a Reply