عواصم – انتهى الأسبوع الماضي في سوريا دون تغييرات ميدانية لافتة في ظل استمرار الحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش في محافظة إدلب المحاذية لتركيا التي شهدت نزوح حوالي ١٠ آلاف اليها من سكان المحافظة بعد أن أخذت الاحتجاجات المناوئة للنظام شكلا عنفياً في مدن جسر الشغور ومعرة النعمان وأريحا.
كما دعا ناشطون سوريون إلى مظاهرات يوم الجمعة (مع صدور هذا العدد) أطلقوا عليها اسم “جمعة الشيخ صالح العلي” وهو أحد قادة المقاومة ضد الانتداب الفرنسي. وتأتي التظاهرات بعد مسيرات حاشدة قام بها مؤيدو النظام في دمشق، التي شهدت حمل أكبر علم سوري بطول ٢٣٠٠ متر انتشر على ضفافه عشرات آلاف المتظاهرين، واللاذقية ومناطق متفرقة من البلاد.
لكن التغير اللافت جاء في الموقف التركي، حيث أعطت أنقرة اكثر الاشارات وضوحا على ان القيادة السورية ستعلن عن مجموعة إجراءات اصلاحية خلال الايام القليلة المقبلة، وانها على ثقة بمصداقيتها في هذا التحرك الجديد، الذي يفترض ان يقود البلاد الى الديموقراطية بـ”ضمانة” الرئيس السوري بشار الاسد، وذلك فيما كشفت واشنطن عن تعزيز اتصالاتها مع شخصيات من المعارضة السورية لم تحددها، لكنها اشارت الى انها من داخل سوريا وخارجها.
وكان لافتاً أيضاً، الإقرار الغربي بصعوبة إدانة سوريا، حيث أعلنت فرنسا أن الدول التي أعدت مشروع قرار في الأمم المتحدة يدين القمع في سوريا لن تطرحه على التصويت قبل أن تضمن توافر غالبية كافية لمصلحتها. يأتي ذلك في وقت دعا فيه وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان الرئيس الأسد للاستقالة من منصبه، فيما حذرت طهران من أي تدخل خارجي بشؤون سوريا.
وقال وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه الثلاثاء الماضي “لن نجازف بأن نطرح على التصويت مشروع قرار يدين النظام السوري إلا إذا توصلنا إلى غالبية كافية”، مشيرا إلى أن تسعة أصوات في مجلس الأمن على الأرجح تدعم القرار، فيما تجري محاولات لإقناع جنوب أفريقيا والهند والبرازيل بتأييد القرار أيضا.
وأضاف الوزير الفرنسي “إذا تحركت الأمور من هذا الجانب، وإذا تمكنا من تأمين 11 صوتا فعلى كل طرف أن يتحمل مسؤوليته. سنطرح مشروع القرار هذا للتصويت وسنرى ما إذا كانت روسيا والصين ستستمران في موقفهما لجهة استخدام الفيتو”.
وكرر أنه بالنسبة إلى فرنسا فإن القمع في سوريا “يثير الاستياء ويستدعي الإدانة”، وأضاف أن الأمور تتدهور من يوم إلى آخر.
وتوعدت موسكو وبكين باستخدام حق النقض (الفيتو) في حال طرح مشروع إدانة النظام السوري على التصويت.
يأتي ذلك في وقت اتهمت فيه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الثلاثاء الماضي موسكو “بدعم الهجمات الوحشية” التي يشنها الأسد ضد المتظاهرين في بلاده، وجدد البيت الأبيض دعوته له بتطبيق الإصلاحات أو التنحي.
في المقابل حذر الناطق باسم الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست من أي تدخل عسكري خارجي في سوريا، معتبرا أن مثل هذا التدخل ستترتب عليه تداعيات كبيرة جدا على المنطقة.
ونقلت وكالة الأنباء الطلابية “إسنا” عن مهمانبرست قوله في مؤتمر صحفي دوري إن بلاده تدين أي تدخل من أي دولة في شؤون الدول الإقليمية، وتعتبر أن التطورات في سوريا هي قضية داخلية والحكومة السورية والشعب يتمتعون بالحكمة اللازمة لتسوية مشاكلهم.
وقال ردا على سؤال عن احتمال توجيه ضربة عسكرية لسوريا، إن وجود قوى عسكرية في أي من دول المنطقة لن يصب في مصلحة هذه الدول.
تصريحات ليبرمان
يأتي ذلك بينما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن ليبرمان مطالبته للرئيس الأسد بالاستقالة من منصبه بأسرع ما يمكن، وتأكيده في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الألماني غيدو فيسترفيله في القدس المحتلة الثلاثاء الماضي على أن هذا الطلب واضح لدى كل من يرى القمع في سوريا. وقال ليبرمان إنه “يتعين على العالم ألا يقف مكتوف الأيدي بينما تحدث فظائع في سورية”، مشيرا إلى أن ما يحدث هناك من انتهاكات لحقوق الإنسان أمر غير مقبول على الإطلاق.
اجتماع أنقرة
وبعد اجتماع أنقرة الذي ضم أوغلو وتوركماني الذي دام لأكثر من ثلاث ساعات، أعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، بعد اجتماعه مع نائب الرئيس السوري العماد حسن توركماني في أنقرة، انه “يؤمن بصدقية” القيادة السورية، إلا انه أشار إلى ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة فورا لإقناع الشعب السوري والمجتمع الدولي بان مطالبهم ستلبى. وقال داود اوغلو “أبلغت توركماني بأننا نريد أن نرى في سوريا ما نريده لبلدنا. نعلّق أهمية كبيرة على الازدهار والديموقراطية وحقوق الإنسان. هذه المسائل مهمة أيضاً للشعب السوري”.
وأضاف أن تركيا لديها رسالة واضحة لسوريا، موضحا “نريد سوريا مستقرة ومزدهرة. نعتقد أن عملية إصلاح شاملة تتضمن تنفيذ التزامات الأسد يجب أن تطبق من أجل سوريا مستقرة ومزدهرة، لكن أولاً يجب أن يتوقف العنف هناك”. وتابع “نعتقد أنهم (السلطات السورية) سيصدرون البيانات اللازمة في ما يتعلق بالقضية في الأيام المقبلة. إذا صدرت هذه البيانات، وأظهرت عزماً كبيراً على تنفيذ الإصلاحات، فإن تركيا ستقوم بكل ما في وسعها لمساعدة سوريا”.
وأضاف “لدينا ثقة كاملة بصدق الحكومة السورية”. وأعلن أن “على الحكومة السورية أن تظهر للشعب والمجتمع الدولي تصميمها على إجراء إصلاحات والقيام بخطوات ملموسة”. ونقل عن توركماني قوله إن “سوريا تقوم بما في وسعها للسيطرة على العنف”، وشكر تركيا على مساعدتها السوريين الذين التجأوا إليها. وأضاف ان المبعوث السوري أكد أن القيادة السورية مصممة على المضي قدما بالإصلاحات الموعودة “مهما كلف الأمر”.
Leave a Reply